بدأت وزارة الإعلام بقيادتها الجديدة فتح الملفات المسكوت عنها التي شكلت عنصر ضغط وضعف في أداء الوزارة طوال السنوات الست الماضية وكانت مفتاح كل مساءلة سياسية لكل من تولى حقيبة الإعلام، ففتحت ملف تطبيق قانوني المطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع وبدأت في اتخاذ اجراءات فعالة لتطبيق القانون.
مركز «اتجاهات للدراسات والبحوث» برئاسة خالد عبدالرحمن المضاحكة، يستعرض محاور سياسة وزارة الإعلام الجديدة ومدى فاعليتها في تغيير نهج الخطاب الإعلامي الذي نبه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ـ حفظه الله ـ إلى عثراته واثارته للفتنة وتأجيج الساحة المحلية بشكل غير مهني، وكان لافتا أن القيادة الجديدة لوزارة الإعلام اخترقت الملف المسكوت عنه عبر تعيين مدققي حسابات على جميع وسائل الإعلام التي طلب منها فتح حساباتها لمعرفة مصادر التمويل وإحالة من رفض إلى النيابة العامة بل تم اغلاق قناة «مباشر» لعدم التزامها بالقانون، وسرعة تطبيق الوزير لهذا القانون الذي كان وراء استجوابين لوزير الإعلام السابق الشيخ أحمد العبدالله.
وفي هذا السياق قدم الوزير السابق الشيخ أحمد العبدالله عرضا للرد على تساؤلات بشأن عدم تطبيق أحكام قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع كان محوره أن هناك الكثير من المخاطبات مع لجنة المناقصات لتعيين مدقق حسابات عالمي للتدقيق في حسابات الصحف والفضائيات واستمر العبدالله مرتكزا على تلك الحجة حتى بعد استجوابه وصعوده إلى المنصة وانتهى الاستجواب ونال الوزير الثقة بصعوبة شديدة ومع ذلك لم يطبق القانون وبقيت مسألة تعيين مدققي حسابات خطا أحمر لا يمكن الاقتراب منها.
فحقيبة الإعلام تسببت بشكل رئيسي في صداع مزمن لحكومات سمو الشيخ ناصر المحمد السبع السابقة، كما أن عددا من وزرائها تركوا الحقيبة تحت وطأة سلاح الاستجواب أو بسبب المشاكل المزمنة التي تعرضت لها قطاعات الوزارة المختلفة خلال السنوات السابقة، ووزراء سابقون حملوا الحقيبة شكليا ولم يحركوا ساكنا في وزارة أصبح يشار لها بأنها ميتة إكلينيكيا ومتخصصة في تصدير الأزمات إلى الحكومات.
لقد برهنت الإجراءات الأخيرة التي قامت بها وزارة الإعلام على أن لدى القيادة الجديدة انطباعات سلبية إزاء بعض الممارسات الإعلامية غير المهنية التي تزيد حدة الاحتقان المجتمعي حيث ترى القيادة الجديدة للإعلام أن الإعلام الكويتي من المفترض أن يعكس ما يجري في المجتمع ويعيد تشكيل وتغيير الأفكار بما يضمن الأمن الوطني والسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية.
لذلك كانت خطوات الوزارة اليوم وفتح هذا الملف تكريس لنهج جديد في وزارة الإعلام قد يعيدها إلى الحياة بعد سنوات من دخول الثلاجة والاكتفاء بدور المتفرج على الزخم الذي تشهده الفضائيات الخاصة والمفارقة أن النواب السابقين الذين طالبوا مرارا بتطبيق قانون المرئي والمسموع وإيقاف الإعلام الفاسد صمتوا ولم يعلقوا على وزارة الإعلام وهي تطبق القانون بحزم وتصميم.
ومع ذلك فانه يلزم لاكتمال صورة النهج الجديد أن تفتح ملفات أخرى تحتاج الى تدخل جراحي من الوزارة حتى تؤكد عودتها القوية وفاعليتها وهو ما يعرضه تقرير مركز «اتجاهات».
ملف الانتخابات
المحك الرئيسي لنجاح القيادة الجديدة وعودة وزارة الإعلام لسابق عهدها بعد سنوات من الإخفاق هو النجاح في متابعة وتغطية الانتخابات البرلمانية، على أن تكون مسطرتها القانون والشفافية والعدالة بين جميع المتنافسين ونقل صورة حضارية للخارج عن العرس الديموقراطي لذلك شكل اجتماع الوزير العلي مع قيادات الوزارة لوضع خطة متابعة الانتخابات خطوة مهمة وإيجابية لكنها تتطلب إرادة وفكرا مختلفين عن السنوات السابقة ومن المهم في هذا الشأن أن تولي الوزارة اهتماما بتسليط الأضواء في برامج حوارية على الجرائم والسلبيات التي تظهر في العملية الانتخابية، ويأتي قرار وزارة الإعلام الأخير الذي يهتم بشروط وضوابط التغطية الإعلامية لانتخابات مجلس الأمة القادمة منسجما مع التحديات التي تواجه الوزارة في القادم من الأيام.
دعم الوحدة الوطنية: الوحدة الوطنية وتعزيز الأمن والسلامة الاجتماعية يعتبران ابرز أولويات وزارة الإعلام وسيكون الاختبار الأقوى خلال فترة الدعاية الانتخابية، فأي مساس بالوحدة الوطنية أو إثارة الفتنة سيواجه بحزم من قبل وزارة الاعلام فهناك ثمة اتفاق بين المرشحين وفعاليات المجتمع بعدم السماح بانفلات الخطاب الإعلامي وتركه ينال من أبناء وقبائل وطوائف الكويت، فقد حان وقت طي صفحة شق وحدة الصف والتوقف عن نشر كل ما من شأنه أن يثير بذور الفتنة والتفرقة بين فئات وطوائف المجتمع، لاسيما أن بعض وسائل الإعلام استغلت أحداثا معينة مرت بها البلاد لإثارة الرأي العام وإشعال نار الفتنة وتسريب مشاعر الكراهية، كما اتخذت بعض وسائل الإعلام من الحرية التي كفلها لها الدستور ذريعة لنشر أخبار وتصريحات وأحاديث مضادة نتج عنها بعض مظاهر الفوضى وزرع بذور الفتنة، وكل ذلك لن يكون مسموحا به في الفترة المقبلة.
قضايا النشر: من المطالب المهمة لأهل مهنة الإعلام بتنوعه أن تعمل وزارة الإعلام على إنشاء محاكم خاصة لقضايا النشر وتحديد قضاة معينين للنظر في تلك القضايا ذات الطبيعة الخاصة منوها إلى ذلك، كحال محاكم المرور المختصة أو أن يحدد قضاة معينون للنظر في مثل تلك القضايا ذات الطبيعة المختلفة التي لأحكامها تداعيات دولية ضخمة بعد التنسيق مع جمعية الصحافيين.
ميثاق شرف صحافي: لا يمكن للإعلام المكتوب مواجهة الفساد إلا عبر تمسك الإعلامي أو الصحافي بميثاق شرف يجعل هناك نازعا ضميريا يحركه في التعامل مع القضايا التي ينشرها، ويمكن للوزارة أن تدفع في هذا الاتجاه ليشكل ذلك ضمانة تساندها في تطبيق القوانين على أي انفلات في الخطاب الإعلامي، فالصحافة الكويتية يفترض أن تلعب دورا رئيسيا في ترتيب أولويات الرأي العام ومحاربة الفساد.
دعم «الإعلام الخارجي»: من أخطر الملفات التي تواجه الوزير العلي هي إحداث تغيير في بنية الإعلام الكويتي الموجه إلى العالم الخارجي ووضع الإعلام الكويتي على المسار الصحيح وتوحيد ما يمكن تسميته بـ «الرسالة الكويتية» القائمة على التحول الديموقراطي والانفتاح الثقافي والتواصل الحضاري والنشاط التنويري والتطور الإعلامي والتدفق المعلوماتي والاندماج العولمي والتوطين التكنولوجي بحيث تمارس هذه المؤسسة أو تلك أدوارها بحرية كاملة في تقديم الخدمات المعلوماتية ونقل الرسائل الإعلامية التي تتغير بشكل لحظي.
كل ذلك يستدعي الاهتمام بقطاع الإعلام الخارجي، وإعادته للحياة بالاستعانة بكفاءات شابة قادرة على تحقيق الهدف وهو رفع اسم الكويت والدفاع عن سمعتها أمام الهجمات والانتقادات التي تتعرض لها، وهذا يحتاج لكفاءت إعلامية لديها قدرة مقارعة الحجة بالحجة، فالإعلام الخارجي يمثل نافذة مهمة لوضع الأمور في نصابها الصحيح والرد على الأكاذيب والافتراءات.
دعم التلفزيون: ومن القضايا المهمة في انتظار القيادة الجديدة دعم تلفزيون الكويت ليكون محط أنظار الكويتيين والعرب على حدا سواء عن طريق الاستعانة بالخبرات والكفاءات وتقديم كل ما هو جديد ونافع.
قائمة التحديات
٭ صيانة الوحدة الوطنية من الانفلات الإعلامي.
٭ متابعة وتغطية انتخابات 2012 بمهنية وشفافية.
٭ الاستمرار في تفعيل أحكام قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع.
٭ مواجهة الصراع والتجاوزات الإدارية والمالية المتراكمة من سنوات في الوزارة.
٭ تبني خطاب إعلامي جديد.
٭ تعزيز الحريات الإعلامية المسؤولة.
٭ إنشاء محاكم خاصة لقضايا النشر.
٭ دعم وتشجيع الكفاءات الإعلامية الوطنية.
٭ إنجاز مهمة الترويج لمشروعات خطة التنمية.
٭ دعم الإعلام الخارجي.
٭ تطوير أداء التلفزيون والإذاعة.