خالد القطان
قال كارل ماركس: «كل مجتمع يحمل في ثناياه بذور فنائه وانهياره»، فالإصلاح لا يأتي من الخارج، بل من الداخل ولا اعتقد ان أي مرشح للمجلس الحالي سيفرح كثيرا اذا ما علم ان مجلسه القادم ايضا سيحل بسبب الظروف والقضايا العالقة نفسها مع اختلاف الأشخاص، للأسف لم يتعلم أي من النواب الدرس، فالحل الدستوري لوالدنا القائد لم يكن الأول، بل جاء الثالث خلال تاريخ المسيرة الانتخابية للكويت وفقا للمادة 107، وللحل الدستوري أسباب أهمها الحفاظ على الوحدة الوطنية من التفكك والخوف على الكويت من الفتنة، نتساءل: ما هو انجاز المجلس التشريعي المنحل؟ لن نجد سوى استجوابات مكررة للاستهلاك الصحافي وقضايا هامشية محددة استعملوا بها الشتائم والتجريح لشخصيات قيادية ليثبتوا ان كعبهم دائما الأعلى، ووصل بهم الأمر بضرب الأطراف بعضهم البعض بطفاية السجائر فحتى لو نزلنا لمستوى الشارع فهذا لن يحدث، فلا نعلم لماذا تخرج هذه المعطيات بدولتنا فقط بهذا السوء؟ هل بسبب الرشوة أو الجاه الاجتماعي أو الموقع الوظيفي أم الطائفية البغيضة التي توصل الشخص الجاهل غير المناسب الى المكان غير المناسب؟ وهو ما يولد تباعا سطوة من الشخص الجاهل على الشخص المثقف صاحب الكفاءة، فكم اهدرنا الكثير من الحبر والورق في مبارزات كلامية حول الديموقراطية والمواطنة والشورى وحقوق الانسان ولا أعرف كم سنحتاج من عقود أو ربما قرون أخرى لحسم تلك القضايا المعطلة، لم نلمس أي وعي انتخابي كما عهدنا من باقي اخواننا الناخبين، فلم نر أي موجة دماغية في الآونة الأخيرة، ويقول برناردشو 2% من الناس يفكرون و3% من الناس يعتقدون انهم يفكرون و95% يفضلون الموت على التفكير، وهذا ما أقصده وهو خط دقيق وفاصل يميز الرعية عن الرعاع، فسنرى يوما ما ضريحا لوطنيتنا، فلدينا أقدم ديموقراطية خليجية ولكنها اصبحت مسخا ولدينا ولاء لوطننا ولكن البعض أساء لهذا الولاء وصور الوطن وكأنه مكان مؤقت اذا نفد المرعى غادروه، فتقول لهؤلاء ادفنوا رؤوسكم في الرمال فلا وألف لا لهذا الخواء الفكري لن نجد قنوطا ولن نجعل اجيالنا تنتحب وتذوق مرارة الألم والحسرة لما صنعته أيدينا لهم.
«ان الزمن الذي تضررت فيه الكويت قد يكون مستعدا للرحيل وان ليله قد قارب على الانقشاع وسيخلف هذا الألم الذي ألم بنا خير ويسر وأمل كبير».
«هناك فعلا جرائم تصبح محترمة بقوة الاستمرار»، اختلاسات وتعديات تنتهك حرمة المال العام تكالبت كلها لتمزق حقوقنا وتقوض وطننا، بماذا تفسر ان شركة رأسمالها 250 ألف دينار يرسو عليها مشروع بربع مليار؟ وبماذا نفسر الاستمرار في شأن تلك القضايا: هل بسبب قصور تشريعي في قانون محاكمة الوزراء أم بسبب جوانب اجرائية تتمثل في أشكال الدعاوى ونوعيتها أم بسبب اطراف القضية؟ ما موقف النواب من هذه القضايا؟ هل وطننا عرض في المزاد أم اشتراه من دخل الى المجلس بطريقة شراء الذمم؟ فبائع الوطن الذي يبيع ذمته لهذا النائب هو دائما يأكل ولا يشبع ويريد ان يحصد دون ان يزرع ويتشبث بالنفع العام دون ان ينفع ويجمع بين الحلال والحرام دون ان يقنع، هؤلاء أحالوا وطننا خرابا ومزقوه اربا اربا فأصبحوا كائنات هلامية لا تمت للواقع بأي صلة، وكانوا دمية جوفاء فاقدة الإرادة، يقعون تحت امرة من اشتراهم، هل يعي هذا الساذج غير القادر على التمييز ان هذا النائب الذي ينادي بالقيم والفضيلة والاستقامة والشفافية واحترام الحريات ما هو الا رمز لقيم رديئة فهو بسطوة المال يستطيع تضليل من يستطيع تضليله.
«ادخلوا من باب واحد ولا تدخلوا من أبواب متفرقة»
من المؤسف ان تخرج فئة ضالة تنادي بتطبيق القانون على الغير، وحينما يتعلق الأمر بها تكابر على القانون وتنادي بالفزعة واضعاف القانون واختراقه، فنص قانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة رقم 53 لسنة 1962 بمادته 45 فقرة 5 من هذا القانون يقول لكل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعا اليها وهي تتسم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة يعاقب بالحبس أو الغرامة.
هذا القانون أقره بدو وحضر وطبيعة القانون عامة مجردة تطبق على عدد غير محدد من الأفراد، لماذا لا يتدخل المشتغلون في حقل الحقوق والقوانين لانقاذ الناس مما يجهلونه منه حتى يعرف هؤلاء ان القانون احترامه يأتي ليس من اجله أو من أجل صياغته اللغوية والدستورية المجردة، بل ان احترامه يأتي من دوافع ذاتية يدرأ بها المرء اضرارا قبل وقوعها، فنحن يا سادة يا كرام نتكامل مع بعضنا البعض ولا نتفاضل على بعضنا البعض، دعوا العنصرية البغيضة والطائفية المقيتة واستبدلوا بها بالمواطنة ليختار الشعب الكفء بدلا من تزوير ارادة الشعب، قال اينشتاين «من الجنون ان تفعل الشيء ذاته مرة بعد مرة وتتوقع نتيجة مختلفة».