أتابع دوما وباستمتاع كبير الحملات الانتخابية التي تسبق أي انتخابات رئاسية أو برلمانية في الدول المتقدمة، ففي تلك المتابعة قصص وحكايات مثيرة وعبر ودروس عظيمة مجانية بكيفية ان تكون شخصا ديموقراطيا حقيقيا، وليس مزيفا كما عندنا حيث ان كثيرا من مرشحينا وناخبينا يكونون غير مؤمنين بالرأي الآخر وان ادعوا عكس ذلك.
في انتخابات الدول المتقدمة تشاهد الأشياء على حقيقتها فالمرشح يعلن عن افكاره دون تمثيل ويقول ما يؤمن به دون لف ودوران ودون ارتداء الأقنعة، والكل يطرح برامجه ثم يترك الحكم للناخبين.
في انتخابات الدول المتقدمة لا يصل المرشح الى تمثيل حزبه الا بعد فلترته وبعد النبش والبحث في ماضيه وحاضره حتى في أصغر وأتفه الأمور، وكم مرشحا ومرشحا ومرشحا كان قريبا جدا من الفوز وحرم من هذا الفوز بسبب موقف بسيط جدا خدع به الناس أو تخطى به القانون.
في انتخابات الدول المتقدمة لا يمنح الناخب صوته للمرشح بسبب بوسة على الخشم في الديوانية أو بسبب قبلة على الجبين أو لأنه جار في السكن، أو لأنه قريب لزميل بالعمل أو لأنه يهنئ الناخب في الأفراح أو لأنه عزاه بموت قريب.
في انتخابات الدول المتقدمة ليس بإمكان أي مرشح ان يفوز بسبب استغلاله لسنوات طويلة وظيفة عامة بصورة غير قانونية دون خوف وحياء محملا بها الناس دون حق الجمايل فقط لأنه خطط للاستفادة من تلك الجمايل والخدمات مستقبلا في الانتخابات!
في انتخابات الدول المتقدمة الكفاءة هي المعيار، ويمكن ان يفوز بالانتخابات بكل يسر وسهولة مرشح كفؤ حتى وان كان مقطوعا من شجرة أو من غير ديانة أو طائفة أو عرق أغلبية سكان البلد.
في انتخابات الدول المتقدمة يتعلم الناخب من أخطائه، فلا يعيد انتخاب من خدعه سابقا بالوعود والكلام المعسول، ولا يستطيع ان يضحك عليه أو ان يضلله باعة الكلام وأقوياء الحناجر من الذين يريدون محاربة كل المفسدين ما عدا المفسدين الذين يعزون عليهم أو يصلون لهم بقرابة!
لهذا فإن الكل يشاهد ويشهد بأن انتخابات الدول المتقدمة والمتحضرة تفرز رجال دولة حقيقيين، وليس مدمري دول لا يستحون مثل ما تنتجه انتخابات الدول والمجتمعات المختلفة.
[email protected]