ذكر تقرير أسواق النقد الأسبوعي للبنك الوطني ان الدولار تراجع بعض الشيء مع نهاية الأسبوع الماضي وذلك بعد ان سجل اعلى مستوى له مقابل اليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني خلال الأشهر الأخيرة، هذا وأن الاجتماع القريب الذي ستعقده اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يوم 20 مارس بالإضافة الى المستويات القياسية التي بلغتها أسواق الأسهم في الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة الى تحسن المعطيات الاقتصادية الخاصة بالمنطقة الآسيوية والذي يساهم في زيادة إقبال المستثمرين على المخاطرة في السوق وهو الامر الذي يلقي بثقله بعض الشيء على سعر الدولار.
أما على الساحة العالمية، شهدت استراليا بعض التحسن في عدد اليد العاملة وبشكل فاق التوقعات، كما نجح كورودا في الحصول على أكثرية الاصوات في المجلس الأعلى للبرلمان الياباني، هذا وقد اتخذ بنك norges قرارا بالمحافظة على معدل الفائدة ثابتا لفترة ستفوق التوقعات.
ومن الملاحظ ان المعطيات الاقتصادية الايجابية الخاصة بالاقتصاد الأميركي تستمر في الهيمنة على الأسواق خلال الأسبوع الجاري، وهو الامر الذي يظهر جليا في ارتفاع مبيعات التجزئة الى مستويات فاقت التوقعات وفي تراجع عدد مطالبات تعويضات البطالة، فضلا عن تحسن مناخ الاعمال الذي تشهده البلاد مؤخرا.
تجدر الاشارة الى ان أسواق الاسهم في الولايات المتحدة الأميركية تستمر في التحسن مع اقل قدر من التقلبات، حيث يسجل مؤشر dow نسبة التحسن الاكبر وذلك عند 11%، في حين بلغت هذه النسبة عند ما يقارب الـ 10% بحسب وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف، كما تستمر ايرادات السندات في الولايات المتحدة الأميركية في الارتفاع لتصل ايرادات السندات لأجل 10 سنوات عند نسبة 2.03%، في حين بلغت ايرادات السندات الالمانية لأجل 10 سنوات نسبة 1.71%.
أما أسواق تداول العملات الاجنبية فقد شهدت ارتفاعا قويا في الجنيه الاسترليني مع نهاية الأسبوع، هذا وان تحصيل الارباح قد تسبب في تراجع الدولار وهو الامر الذي دفع بزوج العملات الجنيه الاسترليني/ الدولار للوصول الى مستويات متعددة، هذا وقد تراجع سعر الجنيه يوم الثلاثاء الى أدنى مستوى له عند 1.4832 وليقفل الأسبوع عند 1.5113. وقد ارتفع مؤشر الثقة للأعمال الصغيرة بشكل بسيط ليصل الى 90.8 وذلك بالتزامن مع ارتفاع جيد في العمالة، وقد أظهر التقرير الصادر عن الاتحاد الوطني للاعمال المستقلة والمتعلق بمؤشر الثقة بالأعمال التجارية الصغيرة nfib بأن عدد الاقالات قد بدأ في التراجع عما كان عليه خلال شهر يناير وذلك مع توفر المزيد من فرص العمل في السوق، هذا وقد اظهر الاستبيان ان 73% من الجهات تؤكد على انها لن تقوم باحداث أي تغيير على اعمال التعيين لديها خلال الربع الثاني من العام الحالي، كما أظهر الاستبيان ان نسبة 18% من الجهات تتطلع الى تعيين المزيد من الموظفين، مع العلم ان هذه النسبة كانت عند 17% قبل ذلك، كما أشار الاستبيان الى ان نسبة 5% من الجهات ستعمل على ايقاف عمليات التوظيف، مع العلم ان النسبة السابقة كانت عند 8%، وعلى العموم فإن التوقعات الاقتصادية المتعلقة بعمليات التوظيف أتت ايجابية بمعظمها في القطاعات الاقتصادية الـ 13 في الولايات المتحدة الأميركية. في حين تستمر فرنسا واسبانيا وايطاليا في الصراع جاهدة لانقاذ اقتصادها، خاصة مع النقمة التي تواجهها الحكومات على طول المنطقة الأوروبية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، من المرجح ان يتم مواجهة انجيلا ميركل من اجل وضع حد لتدابير التقشف التي من الارجح انها تتسبب في الحاق الضرر بالاقتصاد الأوروبي بدلا من تحقيق النمو الاقتصادي المنشود. هذا ويعمل الرئيس الفرنسي هولاند جاهدا لاستمالة الاصوات في حين يستمر الاقتصاد الالماني في تحقيق اداء استثنائي يفوق جميع الدول الاخرى.
تجدر الاشارة الى ان انجيلا ميركل ستواجه خلال شهر اكتوبر عملية اعادة انتخاب وبالتالي فهي ترزح تحت ضغوطات محلية عديدة للحفاظ على الاصرار الالماني فيما يتعلق بالنمو طويل الاجل، والذي يمكن الحصول عليه فقط من خلال تدابير التقشف وعمليات اعادة الاصلاح المالي. من ناحية اخرى، من المتوقع ان تقوم ميركل بالموافقة على اتفاق معين لارضاء فرنسا واسبانيا ومن اجل تخفيف حدة المأزق السياسي الذي وقعت فيه ايطاليا. كما وافق البرلمان الياباني على تولي كورودا لمنصب المحافظ الجديد للبنك المركزي الياباني، مع العلم ان موعد الاجتماع الاول لمجلس السياسات ضمن جلسة اعتيادية وتحت القيادة الجديدة قد تقرر يوم الثالث والرابع من أبريل، بالرغم من بعض التوقعات في السوق التي تشير الى امكانية عقد جلسة طارئة خلال وقت قريب وذلك للبحث في تدابير تيسير كمي جديدة، على غرار تعزيز عمليات بيع السندات الحكومية خاصة المستحقة لآجال طويلة الامد.
تبعا للتصريحات العلنية التي ادلى بها كورودا والتي انتقد فيها تقصير البنك المركزي الياباني بقلة التدابير التي اتخذها لتحسين اقتصاد البلاد، تعهد كورودا بالقيام بكل ما في وسعه لانهاء الركود الاقتصادي المزمن الذي تتخبط فيه اليابان، كما صرح بأنه سيحرص على العمل عن قرب مع حكومة رئيس الوزراء آبي لغرض تنفيذ السياسات الاقتصادية التي تهدف الى التطرق لمسألة الركود الاقتصادي الياباني الذي تجاوز مدة العشر سنوات. هذا وتظل الأسواق غير واثقة بامكانية البنك المركزي الياباني من بلوغ نسبة التضخم المستهدفة عند 2% والتي اعتمدها البنك خلال شهر يناير، وبالتالي لا تزال مترددة باتخاذ أي خطوة في هذا الصدد والتي من شأنها ان تتسبب في حصول ارتفاع في الاسعار.
المعطيات الاقتصادية لسوق العمل أتت مبهرة بالرغم من احتمال وجود بعض الاخطاء الاحصائية. ومن الملاحظ ان المعطيات الاقتصادية القوية الأخيرة التي تشهدها الولايات المتحدة الأميركية قد لعبت دورا مهما في رفع سعر الدولار مقابل غيره من العملات، وهو الامر الذي اثر بقوة على اسعار الذهب، فبعد ان بلغ مؤشر الدولار اعلى مستوى له خلال فترة الأشهر الستة الأخيرة، تسبب الدولار في عدد من الضغوطات على أسواق السلع بشكل كامل، وبالتالي فان عدد عمليات البيع المفرط الذي شهدته الأسواق خلال الشهرين الاخيرين قد وصل الى نهايته. وبالرغم من ان الأوضاع لم تتغير كثيرا من الناحية الفعلية، الا انها قد بدأت حاليا في الدخول مجددا الى مواقع جديدة فيما يتعلق بأسواق الذهب وذلك في الأسواق الأوروبية والأميركية على حد سواء، كما انه من المرجح ألا تحدث اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أي تغيير على السياسات المتعلقة بايقاف العمل ببرنامج التيسير الكمي.
بالإضافة الى ذلك، فان نتائج الانتخابات الايطالية تشير الى احتمال معاودة بعض المخاطر من جديد والمتعلقة بالأوضاع السياسية في المنطقة، وهو ما يمثل كذلك انتهاء فترة الإقبال الكبير على شراء السندات في بعض الدول الأوروبية، مع العلم ان استمرار الأوضاع التي تشهدها المنطقة بالحال التي هي عليه من شأنه ان يشكل المحفز ليعاود الذهب الى المطالبة بمكانته الآمنة من السوق، وهو الامر الذي من شأنه ان يشجع السوق على الإقبال من جديد على شراء الذهب في أوروبا.