تجتهد المؤسسات والوزارات والشركات لضبط نظام الحضور والغياب للموظفين في تطبيق نظام البصمة وهو نظام يوفر نوعا من المسؤولية ونوعا من الضبط والربط والرقابة على الحضور والغياب، ولكنه لايوفر مع الاسف اي مؤشر لمستوى الإنتاجية او الاداء او الجودة، فوجود الموظف على مكتبه وفق نظام البصمة لا يعني انها ضمانة على فاعلية هذا التواجد وحسن استغلال ذلك الحضور في انجاز الاعمال والمهام المنوطة به، فالإلزام لا يعني الالتزام. تتمتع العقلية الادارية الحديثة بنوع من الذكاء الاداري والمرونة والتفهم في ادارة الموارد البشرية والرقابة على حسن ادائها والزامها بالاهداف لا بساعات العمل شكليا او اجرائيا، وذلك لايعني اننا نطالب بالتساهل في موضوع الحضور والغياب، ولكن الادارة الحديثة تطرح طرقا ووسائل مختلفة وبديلة تشجع وتحفز العاملين على التواجد مبكرا لإنجاز المتفق عليه من الاهداف والخطط، فالحضور للعمل وفق ساعات محددة ليس هدفا بذاته ولكنه اطار للتركيز على تحقيق الاهداف في احكام عنصر الزمن والمكان.
التشجيع لذلك الموظف وإشراكه في عملية وضع الاهداف وآلية تنفيذها مع توضيح العوائد والمزايا للالتزام بالاداء المخطط له ووضع مؤشرات ضمن عملية تخطيط الاداء والاتفاق عليه بين الموظف ورؤسائه في مدة معينة سنوية او ربع سنوية او شهرية او اسبوعية وحتى يوميا، فتستبدل الطرق التقليدية في الالزام بالحضور والغياب ظنا ان ذلك اجبار للموظف ليعمل وينجز، الى طرق اخرى تعتمد على الادارة بالاهداف والادارة بالمشاريع والرقابة بالمؤشرات وهي ما ندعو اليه حيث هنا تتحقق عملية الرقابة الذاتية والادارية على الموظف في اسلوب اكثر فاعلية واكثر رقيا في ادارة القوى العاملة ، بل تتجاوزه لمفهوم ساعات العمل المرنة والتي تقضي بان ينجز الموظف عمله خلال ساعات محددة العمل ولكن ليس بالضرورة ساعات العمل الرسمية. فمن حضر في الساعة التاسعة يقضي سبع ساعات عمل كمن يحضر في الثامنة فعليه سبع ساعات عمل، مع ضرورة مراعاة طبيعة الاعمال والتي لا تخدم الجمهور المباشر هي التي تصلح فيها تلك المرونة في ساعات العمل، اما الاعمال التي تتطلب خدمة مباشرة للجمهور فمؤشراتها الانتاجية ومستوى رضا العميل وتختلف حوافزها المالية والاعتبارية.
السؤال الجوهري عزيزي القارئ ما مؤشرات الاداء؟ ما تلك البدائل المعيارية الفاعلة عن نظام البصمة، أجيبك باختصار ايها القارئ الكريم بانها تعرف بمؤشرات الاداء (kpis) او ﻣﺆﺷﺮات االنجاح (ksis)، وهي تلك المعايير الكمية المتعددة المستويات والمجالات التي تقيس اداء وعمل المنظمة إما نجاحا إما إخفاقا، فتعكس مستوى الخلل او الانضباط في العمل عن المخطط له، وهي تتكون من مجموعة من القيم التي تقيس مدى النجاح في تحقيق أهداف المنشأة ويمكن تصنيف أنواعها في عدة جوانب منها المؤشرات الكمية quantitative indicators (كالإحصاءات والبيانات الرقمية المختلفة) والمؤشرات التطبيقية practical/action indicators تتعامل مع عمليات المؤسسة التشغيلية وغيرها، والمؤشرات التوجهية directional indicators توضح ان كانت المؤسسة تتحسن وتتقدم أم العكس ومؤشرات خارجية وداخلية ، وغيرها كثير ومتشعب، ببساطة هي كمؤشر الحرارة والبنزين في السيارات تشير الى حالة قدرات السيارة التامة او الناقصة في رحلة القيادة.
وموضوع المؤشرات هذا موضوع اختصاص علمي ودقيق واصبح تخصصا إداريا مهما وحيويا في علم الادارة، لكننا نشير إليه للتوعية العامة بأن هناك بدائل عن نظام البصمة لضبط ورقابة الاداء، فنظام البصمة إن زال او سقط توقف الموظفون عن الحضور او الالتزام وان تشدد المسؤولون فيه بالخصم او الانذار انضبطت المؤسسة بالحضور.
ان مشكلتنا جسيمة فعملية ادارة الاداء ووضع الاهداف وقياس مستويات النجاح في تحقيقها أو ما يعرف بمؤشرات الأداء او النجاح، وربط تلك العملية بالخطط الاستراتيجية والخطط التشغيلية وفجوات الاداء ومعدلات الانحراف عن التخطيط ومستوى الإشراف والادارة والقيادة هي ما نعاني منه ونطلب حلولا جذرية له وليست المشكلة في ضبط ساعات العمل حضورا وانصرافا. ان التزام الموظف باهدافه وتقييمه على جهوده وتدريبه لتحسين مستوى ادائه أولى وأهم ومطلوب أكثر من إلزامه بالبصمة.
والله ولي السداد
[email protected]