وصلتني رسالة تقول إن من جمال اللغة العربية وفلسفتها انها تحترم اذهان سامعيها وتحول القبيح في الاشياء الى جمال كنوع من التفاؤل بالخير، فالعرب قديما كانوا ينادون الاعمى بالبصير واللديغ بالسليم ويسمون الارض المهلكة بالمفازة، اما العرب في العصر الحديث فتفننوا وتوسعوا في هذا الفن الجميل فتجد الكثير من الكلمات والأسماء التي تحمل الكثير من المعاني الجميلة في حين أن أصحابها لا علاقة لهم بما تعنيه.
****
عن أنواع الرؤى والأحلام من الناحية الشرعية قال الشيخ جمال قطب الرئيس الاسبق للجنة الفتوى بالازهر: اجتهد الفقهاء في تصنيف ما يراه النائم فقسموه الى ثلاثة انواع اولها رحماني وهي الرؤيا الصالحة المبشرة التي يراها الصالحون في كل زمان لانها من الله كنوع من البشارة والتثبيت لهم، وثانيها شيطاني وهي عكس الرحماني وبالتالي فهي ما يراه غير الصالحين من أحلام غير مبشرة بل انه قد يكون فيها نذير أو تحذير أو وعيد أو ما يؤذي، وثالثها نفساني وهي ما يراه النائم عندما يتعرض لأزمات نفسية، وهي غير مرتبطة بصلاح الفرد النائم أو ضلاله.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك «الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام»، ولا يوجد انسان الا ويرى في منامه نوعا من هذه الثلاث حسب حالته الايمانية والنفسية، ولكن لا يجوز قيام البعض باستغلال الأحلام لخداع الناس بإنشاء قنوات تفسير أحلام أغلبية المفسرين فيها غير مؤهلين لذلك سواء من الناحية الايمانية أو العلمية لان تفسير الأحلام ليس عملية اعتباطية بل لابد من توافر شروط في المفسر مع ان الإسلام وضع حلا قاطعا لتلك القضية برمتها يمكن ايجازه في ان من رأى ما يسره فليحمد الله ومن رأى ما يؤذيه أو يضره فليستعذ بالله من الشيطان ولا يقصها على احد.
فقد قال صلى الله عليه وسلم «اذا رأى احدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها واذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لاحد فإنها لا تضره».
ونؤكد ان تفسير الأحلام والرؤيا جائز وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم رؤياه ورؤيا غيره من الصحابة بعد ان عرفهم بأقسامها الثلاثة فقال «الرؤيا ثلاثة منها اهاويل الشيطان ليحزن بها ابن ادم ومنها ما يهتم به في يقظته فيراه في منامه ومنها جزء من ستة واربعين جزءا من النبوة».
وعرض الدكتور لنموذج من تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للأحلام التي يتلاعب بها الشيطان بالانسان فقال «اتى رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال يا رسول الله رأيت فيما يرى النائم البارحة كأن عنقي ضربت فسقط رأسي فاتبعته فأخذته ثم اعدته مكانه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذا لعب الشيطان باحدكم في منامه فلا يحدثن به الناس»، فهذا نموذج لما يفعله الشيطان بالنائم.
وحذر الامام مالك رضي الله عنه من الدجالين ومن على شاكلتهم من مفسري الفضائيات، حيث سئل: أيعبر الرؤيا كل احد؟ فقال الامام مالك: لا، أبالنبوة يلعب؟ وقال لا يعبر الرؤيا الا من يحسنها فإن رأى خيرا اخبر به وان رأى غير ذلك فليقل خيرا أو ليصمت.
يا سادة يا كرام، في الختام سئل احد الصالحين: من تعز من الناس؟ قال: من اخلاقه كريمة ومجالسته غنيمة ونيته سليمة ومفارقته اليمة، كالمسك كلما مر عليه الزمان زاد قيمة مثلكم، اطاب الله يومكم وسائر ايامكم.
[email protected]
almeshariq8@