على خطى كثير من المخلصين الذين أنجبتهم أمهات الكويت، فبادلوها بالوفاء والعطاء وقدموا لأبنائها الكثير وما زالوا يضعون آثارا طيبة وبصمات واضحة في ميادين عملهم، أجد من الإنصاف بمكان أن نذكر واحدا منهم جعل من مكتبه في مؤسسة البترول الكويتية نموذجا طيبا لقائد فذ من «أبناء الديرة» يضيف صفحة مشرقة إلى كتاب أولئك المخلصين.
«أبو فجحان» نزار العدساني يدير سفينته باقتدار، لم يكن لأخلاقه المعروفة أن تخفي نجما لامعا في عالم الإدارة، جعل من مؤسسته قلعة عصية على الخور والضعف، فلا فجوة بين «الرئيس التنفيذي» وأبسط الموظفين مثلما تعودت أعيننا عند بعض أصحاب المعالي والسعادة من «وكلاء ووكلاء مساعدين» في بعض الوزارات أو مديرين ورؤساء أقسام لم تسعهم الدنيا بعد أن ظفروا بترقية المسمى الوظيفي لهم.
نزار العدساني له صلة قرابة وثيقة بعالم النجاح والحنكة الوظيفية وفنون التعامل مع الآخرين، لعل ما جعلني أسطر هذه الجمل مصادفة جمعتني به دون أن أشعر بهذا الجليس الذي يتكلم بأريحية وسلاسة بعيدا عن التكلف وعن «رفع الخشوم» وعن إخراج الـ «بيزنيس كارد» لمن يلتقيهم، لم أعرف من قبل أن من التقيته في تلك الساعة هو رأس الهرم التنفيذي في مؤسسة البترول الكويتية، بل تحدث إلي على سجيته دون أن يفصح لي عن مسماه.
أخذتني مهمة أقوم بها إلى «أبي فجحان» الذي انصهر بتواضعه مع مرؤوسيه منغمسا في قلب العمل وحماية المؤسسة من العواصف العاتية، نقلت له معاناة أحد متقاعدي «البترول الكويتية» مع ابن له يعاني من مرض خلقي وينشد تعاطفا لتحمل مصاريف العلاج، فشعرت بحسه الكبير وانفتاحه على قضاء حاجات الناس وتواضعه الجم، لاسيما بعد أن قال لي بـ «الفم المليان»: «أنا موظف عليّ أداء دوري، فالكرسي لا يدوم».
أعتقد أن عليّ عدد كبير من مسؤولي الوزارات والجهات الحكومية أن يتعلموا من مثل هذه «النماذج الناجحة» لتكون نبراسا لهم في التعامل مع المراجعين، فقد استطاع نزار العدساني أن يزرع فكرة الولاء الوظيفي في مؤسسته، فهو يقودها ويتفاعل مع موظفيها، ويشعرهم بأنهم هم المسؤولون عن نجاحها وتقديم قيمة مضافة فيها ولا يوصد بابه في وجه أحد.
أحسنت بو فجحان وجزاك الله خيرا.. تعلمت من لقائي بك الكثير، وتمنيت لو أن دماثة أخلاقك تشق طريقها إلى مكاتب بعض المسؤولين الذين صموا آذانهم عن خدمة المواطنين وتقمصوا شخصيات أباطرة اكتفوا بالجلوس على موائد المناقصات واللجان، وأصبحوا لا يسمعون ولا يرون ما ينشده الوطن والمواطن.
[email protected]
@AbdulmuhsenHaji