تتمتع الكويت بست محافظات موزعة جغرافيا على عدد من المناطق تعنى بشؤونها المختاريات والتي طالما كانت موقع حيرة بالنسبة لي، ما يزيد على 85 مختارية ومع تصفح الإنترنت ومواقع البحث الالكتروني وبقراءة الشروط لتصبح مختار منطقة في محافظة ما، وجدت عجبا.
تشير المادة 2 من الباب الأول، الاحكام العامة من قانون شؤون المختارين رقم 40 لسنة 66 والمعدل بعض مواده في 83 الى انه لا يجوز للمختار أن يجمع بين منصبه وعضوية أي هيئة نيابية أو لجنة حكومية أو أن يتولى وظيفة عامة أخرى أو أن يكون موظفا لدى إحدى الهيئات أو المؤسسات أو الافراد، عجبا يعني من اي شريحة يستقطب منها المختارون من فئات المتقاعدين ام العاطلين عن العمل ام من موظفي القطاع الخاص، حقيقة لم أفهم هذا التصنيف لاختيار المختار ما معايير الاختيار التي يتم على أساسها المفاضلة؟ شروط القانون عامة تحددها المادتان 7 و8 وقد تنطبق على غالبية الكويتيين، أما آلية الاختيار والمفاضلة لترشيح اسم دون آخر فيجب ان تكون واضحة ومبررة بمعايير مفاضلة بين المرشحين.
المادة 11 تنص على أنه يجب على المختار ان يقيم في الحي المعين له وأن يحافظ على دوامه وألا يتغيب عنه إلا بعد اخطار المحافظة إذا لم تزد مدة التغيب عن يومين، فإن زادت ولم تتعد عشرة أيام تعين الحصول على إذن سابق من المحافظ، أما إذا جاوزت العشرة أيام فوجب الحصول على إذن بذلك من وزير الداخلية، هل فعلا يداوم المختار يوميا ولا يسمح له بالغياب أكثر من يومين وان زادت يأخذ إذنا مسبقا؟ وكم مدة هذا الإذن؟ هل له رصيد اجازات؟ هل له نظام بصمة لرصد دوامه كبقية العاملين في الخدمة العامة؟ هل له مواعيد عمل محددة بمواعيد العمل الرسمية ام يوم العمل بالنسبة له 24 ساعة؟ هل له عدد مرات للاستئذان والغياب؟ هل له اجازات مرضية وغيرها من الاجازات وكيفية التعامل معه ان قلت أو كثرت؟ هل له مهمات رسمية ومشاركة في وفود رسمية وغيرها؟ تعجبت لأنني لأول مرة أعي أنها وظيفة مقننة ومحددة بقانون ومع ذلك لم أر تفصيلا لذلك التقنين.
وازددت تعجبا عند قراءة المادة 13 والتي تنص على أن يرفع المختار تقريرا سنويا عن أعماله إلى وزير الداخلية لإدراجه بجدول اعمال لجنة شؤون المختارين، وللمختار أن يتقدم في هذا التقرير بما يعن له من اقتراحات لرفع مستوى الحي الاجتماعي والثقافي والعمراني، لم لا تنشر هذه التقارير حتى نطلع عليها؟ فعلا استغربت أننا لم نطالب اي مختار مسبقا بنسخة عن تقاريره التي يرفعها سنويا.
وبالرجوع إلى قراءة القانون في المادة 9 والتي تستعرض: يختص المختار في الحي الذي عين له بالأعمال الآتية في حدود أحكام القوانين والمراسيم واللوائح المرعية: معاونة الوزارات المختلفة في الاتصال بالأهالي، تسهيل إيصال خدماتها للجمهور والتعبير لدى الوزارات المختلفة عن احتياجات الأهالي ورغباتهم في شتى النواحي وجمع البيانات الصحيحة الخاصة بالسكان وإبلاغها للجهات المختصة وتقديم المساعدات اللازمة في عمل الإحصاءات المطلوبة والتبليغ عن المواليد والوفيات، وتنفيذ التعليمات الخاصة بإقامة الأجانب وإخطار الجهات المختصة عن الجرائم التي تصل إلى عمله واتخاذ الإجراءات الأولية لمعاونة الشرطة في ضبط الجرائم، والقيام بالتحريات اللازمة لهذا الغرض وإبلاغ الجهات المختصة عن التركات التي يكون فيها قصر والمساعدة في إعلان الأوراق القضائية وعرائض الدعاوى ومعاونة الأهالي في رسم وتنسيق مناهج الإصلاح الاجتماعي والثقافي والتعليمي في البيئة المحلية، وترغيب المواطنين في القيام بأعمال الخدمات العامة وتنفيذ ما تكلفه به أي جهة حكومية في حدود اختصاصها وكل الاعمال الأخرى التي تنص عليها القوانين والمراسيم واللوائح، لا أخفيكم تعجبني عندما استعرضت المهام وتساءلت: هل فعلا يقوم المختار بجميع هذه الواجبات؟ لكنني لا أعرف اسم محافظ منطقتي ولم اره مرة واحدة في حياتي ولا أذكر انه كان في تواصل مع أي جهة للتباحث في شؤون رسم وتنسيق مناهج الاصلاح الاجتماعي والثقافي والتعليمي كما جاء في القانون ولا أذكر حتى انني عرفت مسبقا منه او من المختارية أي إعلان كان عن أعمال صيانة أو قطع كهرباء أو ماء أو أي شيء شبيه من هذا النوع بل عند الطارئ نتواصل مع الكهرباء وأعطال وشكاوى الطوارئ ولا نسمع أي توضيح من المختار ولا أعلم عن المباني الثقافية والخدمية في منطقتي لأنني لم أقرأ أي بروشور أو مطوية تعريفية، لم أقرأ يوما عن خطط سنوية لتنمية المناطق ترفع للأهالي ولا أعلم عن موازن تنمية المناطق ومجالاتها، لم أر يوما مجلسا للمناطق يتناقش فيه بشؤون الشكاوى، أصلا لا أعلم كيفية تقديم الشكاوى في المنطقة وعن أي مواضيع يسمح لنا بالشكوى، هل مواضيع مثل ترصيف الطرقات والتشجير والإنارة والتمييز بين المناطق الداخلية، بين بيوت الحكومة والقسائم منها؟ هل موضوع الكلاب الضالة وكثرة القطط والدواجن في الاحياء السكنية ضمنها؟ هل المواضيع التي يجب على الانسان ان يقدم فيها شكوى لأنها تمس جاره مثل اسوار الحدائق والمظلات التي فيها تعد على الجار أو الطريق العام وتسبب حرجا ان اشتكى المواطن على جاره؟ هل مواضيع المواقف للسيارات التي باتت مصدر خلاف يومي بين الجيران في الأحياء الضيقة ولا توجد أماكن مشتركة للمواقف بين السكان؟ هل لوجود الكثير من الطرق الترابية غير المرصوفة بينما توجد طرق اسفلتية امام عدد من البيوت بتمييز واضح؟ هل مواضيع مثل هدم المنازل ذات الدورين وبناء شقق سكنية والتضييق على أهل المناطق بالسماح للشقق السكنية بالأدوار الثلاثة والتأجير السكني وازدحام الطرق والمواقف المخصصة للعائلات من هذه المواضيع؟ هل مواضيع مثل الصاق الكروت التسويقية من محلات وشركات غريبة توضع ملصقاتها على البيوت دون موافقة ودون رقيب من المنطقة وتجد متجولين ومناديب وشحاذين بين المناطق يطرقون الابواب هي من ضمن مواضيع الشكوى؟ وزاد استغرابي وتساؤلي اين كنت عن هذا الموضوع وأرجعت الأمر لجهلي وتقصيري في معرفة شؤون المختارية، كانت المتابعة في الصحف اليومية والأخبار عن بعض المحافظين النشطاء وانشطتهم، لكن لا اذكر ابدا انني قرأت عن مختار منطقة وعن إجازاته حتى حينما ذكر القانون آلية الفصل والمحاسبة لمن يخطئ منهم تعجبت أكثر لأنني لا أذكر انني سمعت او عرفت عن مختار تم فصله او انهاء خدمته وما الأسباب.
باختصار ازددت تعجبا لقناعتي بأهمية دور المختاريات في تنمية المناطق السكنية وبالرجوع للقانون وضرورة تفعيل المهام والاختصاصات التي اشار إليها، أحببت المشاركة بهذا المقال للتعبير عن دهشتي في عدم تفعيل بنود القانون من جهة وإن كانت مفعلة فلا علم للمواطن العادي بشأنها، ومن جهة أخرى أثير تساؤلا مشروعا: لماذا لا توجد نساء في هذه الوظيفة؟ لماذا لم تقتحم الكويتية هذا المجال ولماذا لم تزك او ترشح لمثله؟ عجبا الا يوجد من يمكن أن تكون المناسبة لشغل هذه الوظيفة؟ ألم تدخل السلك الديبلوماسي والعسكري والبرلماني والبلدي؟ ألم تترأس الوزارات؟
كثرة التعجبات والتساؤلات في ذهني استدعتني لمراجعة كثير من مفاهيم التنمية المجتمعية والشراكة الاجتماعية.
والله ولي التوفيق.