في السابق، شغل المناصب التالية:
٭ مدير تسويق النفط الخام في أرامكو السعودية في آسيا والمحيط الهادئ
٭ مدير دراسات الطاقة في منظمة أوپيك@faisalmrza
سيعقد الشهر المقبل مؤتمر سيرا السنوي للطاقة والنفط والغاز، وبغض النظر عن النقاشات المطروحة، نتساءل ماذا سينتج عنه من رسائل مبطنة أو حتى موجهة هذا العام تؤثر على معنويات أسواق النفط وأسعاره كما فعل العام الماضي؟!
ولا ننسى انه أثناء انعقاد مؤتمر سيرا عام 2016، كانت أسعار النفط عند مستويات 30 دولارا للبرميل (انخفاض 70% عن مستويات عام 2014)، تبنى المؤتمر آنذاك شعارا جديدا لتحركات الأسعار: «أسعار منخفضة لمدة أطول»... أو (Lower for Longer)، مع الجزم بهبوط الأسعار إلى 15 دولارا للبرميل! وهذه السلبية فرضت حالة من الاضطراب في الأسواق آنذاك!
أما أثناء انعقاد مؤتمر سيرا عام 2017، فكانت أسعار النفط تحوم حول 55 دولارا للبرميل، ولكن بعد انتهاء المؤتمر، هبطت الأسعار قرابة 5 دولارات في أسبوع واحد بتراجع إلى أقل المستويات في ثلاثة أشهر، حيث نجح مؤتمر سيرا، في أن يؤثر على مستوى الثقة في قرب توازن أسواق النفط بعد التشكيك بفعالية اتفاقية أوپيك، والتي على حد زعمهم لم تستطع كبح جماح الزيادة المستمرة لمخزونات النفط الأميركية على مدى شهرين فقط من تنفيذها، بحيث وصلت المخزونات إلى مستويات قياسية آنذاك!
ومن الطبيعي أن مؤتمر سيرا منصة تروج لكل ما يخدم المستهلكين، بعيدا عن مراعاة لوضع السوق والدول المنتجة، ولذلك نجح المؤتمر في العام الماضي في إحداث تعثر في أسعار النفط مما أدى إلى هبوط حاد، رغم أساسيات السوق القوية.
ومن البديهي أن يؤثر هذا التجمع الذي يروج لنمو النفط الصخري، ويروج أيضا إلى أن اتفاقية خفض إنتاج أعضاء أوپيك وخارجها لم تستطع إلى الآن بلوغ القدر الذي تتمكن فيه من فرض توازن بين العرض والطلب.
وبالرغم من تلك التناقضات الصارخة والسعي الحثيث، لقلب مساعي أوپيك في إعادة التوازن، فقد دعم المؤتمر لازدهار النفط الصخري، مما حفز اللاعبين الكبار في صناعة النفط الصخري الى ضخ أموال جديدة للاستثمار فيه.
والمرجو هذا العام أن تعكس سياسات منظمة أوپيك الإعلامية الإستراتيجية المتبناة لتوازن الأسواق، بعد المغالطات في تصريحات العام الماضي أثناء مؤتمر سيرا، بأن أوپيك تخشى أن يؤدي تحسن الأسعار إلى عودة النفط الصخري بقوة، ومن ثم ظهور فائض جديد في السوق يضر بالأسعار مجددا، مما أثر سلبا على معنويات السوق، فهبطت الأسعار بعد أن كانت في اتجاه صعودي، وهذا ما يؤكده عدم وجود أي سبب واضح لذلك الهبوط!
عند الإغلاق الأسبوعي، ارتفع خام نايمكس إلى 63.55 دولارا للبرميل، وارتفع خام برنت الى67.31 دولارا للبرميل، وتوسع الفارق بين الخامين إلى 3.76 دولارات للبرميل هذا الأسبوع! هذا ولم تتأثر الأسعار بالمستويات القياسية التي وصلت إليها صادرات النفط الأميركي إلى 2.1 مليون برميل يوميا على الأسعار، وحتى لم يؤثر انخفاض واردات أميركا من النفط إلى ما دون خمسة ملايين برميل يوميا (أدنى مستوى منذ عام 2001).
ويبقى السؤال المهم وهو: أين سيناريوهات أسعار أقل لفترة أطول (Lower for Longer)؟! ونحن نرى الأسعار فوق 65 دولارا للبرميل لخام برنت؟! أين هي تلك السيناريوهات المتشائمة والتي تبخرت رغم الضغط الإعلامي الكبير والمجحف لجهود منظمة أوپيك لخفض الإنتاج منذ العام الماضي؟
فهل يتبنى مؤتمر سيرا هذا العام سيناريوهات منصفة لا تتجاهل الكثير من المؤشرات التي تدعم صعود الأسعار والأساسيات القوية لأسواق النفط المادية Physical Markets؟! أم هل سيتبنى سيناريوهات مفقودة مع بيانات متضاربة وتناقضات صارخة لا تعكس واقع السوق ولا حتى يبرر لها من تنبأ بها...!!
مستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط