في تجربة ربما تكون أقرب للخيال من الواقع، في الأشهر الماضية تشرفت بالإشراف على فريق كلية العلوم الإدارية في مسابقة معهد المحللين الماليين المعتمدين (CFA Institute)، تطوعي للإشراف على الفريق كان من باب الأعمال الإضافية للتدريس ودعم لمشاركات قسم التمويل الخارجية، والاهم المحافظة على الانتصارات التي حصدها طلبة جامعة الكويت في الأعوام الثلاثة الماضية، لكن للأمانة تعلمت من هذه التجربة الكثير.
قبل إشرافي على الفريق، كنت أظن ان المسابقات الجامعية فرصة لإبراز الطلبة المتفوقين وصقل مهاراتهم، لكني تعلمت انها ممكن تكون فرصة نادرة للتفوق بطريقة مختلفة لمن لم يحالفهم الحظ بالمعدل، ففريق هذا العام في سابقة ربما تكون الأولى في تاريخ القسم والمسابقة كان مكونا من مجموعة من الطلبة فقط في كلية تغلب وتتفوق فيها الطالبات، متوسط معدلاتهم الدراسية جيد او اقل من ٣ نقاط، أغلبهم واجه مصاعب دراسية وتعثرات، وتخصص التمويل لم يكن خيارهم الأول، لكن اكتشفوا حبهم للتخصص بعد جولة في عدد من التخصصات والكليات مع خسارة بعض الوقت والدرجات، شباب هادئ لا يلفت الانتباه، حتى ان بعضهم لا تحس بوجوده في الفصل لكنهم كانوا ينتظرون اللحظة المناسبة للإبداع.
قبل بداية المسابقة كنت اقول للطلبة الكرة في ملعبكم، والتجربة بأيديكم، فلم يسبق لفريق بهذا المعدل والتشكيل ان يمثل الجامعة، واليوم أقول ان فوزكم في المسابقة وحفاظكم على مسيرة الانتصارات للعام الرابع على التوالي كان بعد فضل الله باجتهادكم، وإنجازكم في تمثيل الكويت في المسابقة الإقليمية في دبلن-ايرلندا لن يكون نهاية المشوار، بل بداية لمستقبل باهر بإذن الله لمجموعة تفوقت على نفسها قبل انتصارها على جميع الكليات الخاصة في الكويت، فعندما أعطى الفرصة ولقي الدعم وفتح له الباب واستغل الفرصة أفضل استغلال، استطاع ان يتميز وينجح بالتفوق على نفسه أولا، وانتقل من مرحلة الى أخرى في التخصص، ففي الحياة الكثير من الفرص لكن القليل فقط من يحسن استغلالها.
كي لا يظن البعض ان الاشراف على الفريق عمل فردي، فالتجربة كانت جماعية والدعم كان غير محدود من أعضاء هيئة التدريس في القسم، حتى اظن بأني أقلهم عطاء للفريق، فقلوب الزملاء كانت داعمة للفريق من خلال التوجيه والتقدير والدعاء، وهذا لم يمنع الفريق من مخالفة توجيهاتنا في بعض وربما اغلب الأحيان، فالجميل في هذه التجربة ان حرية القرار كانت مكفولة لهم، وكنت احاول ان ادعمهم حتى لو اني اختلفت مع طريقتهم واسلوبهم في بعض التفاصيل، فالهدف الحقيقي ان يصبحوا نسخة افضل من أنفسهم وليس نسخة مقلدة لأساتذتهم.
تعلمت من هذه التجربة ان دور المربي لا يقف عند حدود الفصل، وأن الجميع يستحق فرصة ثانية، وأن التفوق والتميز لا يكن فقط في الدرجات والمعدلات، فالكل منا مميز لكن بطريقته الخاصة ودورنا الحقيقي كمربين أن نحاول ان نوفر الفرص والتجارب التي تساعد الطلبة على اكتشاف ذاتهم وتطوير قدراتهم، فالكثير ينتظر الفرصة للتميز والإبداع لكنه يحتاج للدعم والرعاية والتوجيه.
[email protected]