تمر علينا هذه الأيام الذكرى الخمسون لتأسيس بنك الكويت المركزي، او كما يسمى باليوبيل الذهبي، مسيرة البنك ابتدأت بتأسيس الدواعم الأساسية لبناء الاقتصاد الكويتي بعد اكتشاف النفط، وما زالت مستمرة تعمل بجد واحترافية، لكن بصمت وبعيدا عن الأضواء لترسيخ الاستقرار المالي وتنمية الاقتصاد الذي يعد الهدف الرئيسي لأي بنك مركزي.
فاستقلالية البنوك المركزية من أهم ركائز وعوامل نجاحها وقوتها حول العالم، وخصوصا فيما يتعلق بالسياسة النقدية، فعلي سبيل المثال، المتابع للبنك المركزي الكويتي يلاحظ، وخصوصا خلال العام الماضي مع رفع الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة، استقلالية البنك السياسية والاقتصادية، والتي خالف فيها القرارات العالمية والإقليمية في أكثر من مناسبة لحرصه على نمو الاقتصاد المحلي، فالبنك المركزي يعد بلا خلاف آخر الجهات الحكومية التي تتمتع باستقلالية عالية في ظل إدارة حكيمة على مستوى عال من المهنية والاحترافية، فمحافظ البنك المركزي د.محمد الهاشل صاحب نظرة بعيدة ورؤية ثاقبة، يسعى من خلالها للارتقاء ليس فقط بالمؤسسة والعاملين فيها، إنما بكل أركان الاقتصاد الكويتي.
فمنذ تولي المحافظ والفريق العامل معه يشهد عاملو البنك على قرب الإدارة العليا من الجميع وتبنيهم لمبادرات الموظفين، واهتمامهم لا يقتصر على توفير هيكل وظيفي ومبنى يعد الأعلى مستوى في الكويت من ناحية التكنولوجيا وبيئة العمل، بل يتعدى ذلك بسعيهم الدؤوب للارتقاء بكوادره وتطويرها، واستقطاب الكفاءات، مما عزز من ولاء العاملين فيه وزاد من تفانيهم في العمل والإنتاج، وحرصهم على مواكبة وتطبيق أفضل الممارسات العالمية، خصوصا في مجالات الحوكمة والرقابة والتكنولوجيا المالية.
أما خارج البنك فربما يعد البنك المركزي الجهة الحكومية الوحيدة المبادرة والمتواصلة مع المؤسسات التعليمية، من خلال تواصلها المستمر وسعيها لتطوير مخرجات التعليم العالي لتتواكب مع متطلبات الأسواق المحلية، فعلى سبيل المثل برنامج دراسة الماجستير الذي أسسه البنك بالتعاون مع اتحاد المصارف، وإطلاق جائزة الباحث الاقتصادي التي تسعى لتنمية المهارات البحثية المحلية، وتشجيعها والارتقاء بها، لتسليط من خلال تسليط الضوء والعمل على إيجاد حلول لقضايانا الاقتصادية المحلية.
بالإضافة الى دور البنك في المحافظة على الدور الريادي للتمويل الإسلامي الذي كانت انطلاقته من الكويت من خلال المساهمات العالمية، والتي كان آخرها استضافة مؤتمر «المالية الإسلامية نظرة عالمية» بالتعاون مع كبرى المؤسسات المالية العاملة في هذا المجال.
وأكبر دليل على التقدير العالمي لجهود المركزي، سعر السندات التي أصدرتها الحكومة التي يعد الأقل خليجيا، والتصنيف الائتماني العالي التي تتمتع فيه البنوك الكويتية من مؤسسات التصنيف العالمية والذي يعد الأعلى خليجيا وإقليميا، وهذه شهادات من الأسواق على نجاح أسس الاستقرار المالي ومتانة نظامنا المصرفي التي أرسها البنك المركزي.
فمن القلب تحية إجلال وتقدير لبنكنا المركزي وكل العاملين فيه، مع تمنياتي بخمسين عاما أخرى وأكثر من الإنجازات والتنمية، الأمل ان تستفيد الحكومة من هذه التجربة الغنية والمسيرة المتميزة، إذا كانت ما زالت جادة في تحويل الكويت الى مركز مالي، بنقل هذه التجربة وتعميمها على مؤسساتنا المالية وخصوصا الرقابية، خصوصا استقلاليته ومهنية المركزي والعاملين فيه التي تعد نموذجت ومثالت يحتذى، لتعم الفائدة على الاقتصاد الكويتي.
[email protected]