إن مبدأ قرينة البراءة الملاصقة للإنسان منذ ولادته، والتي يتمتع بها الإنسان وتترسخ في ضمير المجتمع وهو اليقين الذي يفرض نفسه على القاضي ولا يحتاج الإنسان إلى شيء لإثبات تلك القرينة إلا أن يثبت بعد أدلة الاتهام عنه، أو التشكك في نسبة الجريمة إليه لأنه يجب ألا تنسب جريمة لشخص لمجرد الشك أو الظن، ولكن لابد من الجزم واليقين بأدلة دامغة، وهو ما يعرف بقاعدة «أن الشك يفسر لمصلحة المتهم»، فالشك ليس منهجا للوصول للحقيقة ولا يمكن أن يوصل إليها، وعلى ذلك فالقاضي الجنائي يكفي أن يتشكك لصحة حكمه بالبراءة.
فالأصل في المتهم البراءة مما لا حاجة معه للجزم أو اليقين بتلك القرينة، وإذا بحثنا في الشك فلابد أن يكون استدلالا منطقيا مستساغا بإحاطة المحكمة بجميع الأدلة أمامها، والقاضي له حرية الإقناع لتكوين عقيدتها، وإذا أخذت المحكمة بدائل احتمالية لابد أن تستند إلى أدلة أخرى تكونت في مجموعها يقين المحكمة وفقا للعقل والمنطق.
ويلزم أن يكون هذا الاقتناع مبينا على الاستقراء والاستنباط الذي ينتهي إلى النتيجة سواء إدانة أو براءة بناء على مبدأ اليقين القضائي وليس اليقين الشخصي للقاضي، فالاقتناع لابد أن يبسط البحث لجميع الأدلة المطروحة ولا يمكن أن يغفل أدلة قانونية بناء على يقينه الشخصي.
فالشك والظن لا يصنع مراكز قانونية وذلك تصديقا لقوله تعالى: (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) صدق الله العظيم.
فقرينة البراءة التي يتمتع بها الإنسان لا يجوز منها إلا بأدلة جازمة يقينية، وهذا ما نادت به جميع الشرائع والقوانين.
(حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه وسوء).
[email protected]