- الكويتي جسّد خلال أزمة «كورونا» معنى الوطنية وقدم كل صور الدعم للجهود الحكومية
- العاملون بأجهزة الدولة المختلفة خلال الأزمة يقدمون أروع صور الوطنية بتحملهم المسؤولية
- القطاع التعاوني والمتطوعون لعبوا دوراً محورياً في أزمة «كورونا» لتحقيق الأمن الغذائي بالبلاد
- التقدير المالي يجب أن يقدم بشكل موضوعي.. مراعياً الظروف المالية والاقتصادية للبلاد
- آلية تقدير العاملين يجب أن تراعي تحقيق الاستقرار بضمان استمراريتها دون تغيير وعدالتها
بقلم: بدر مشاري الحماد.. نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقاً)
[email protected]
في وقت الأزمات يصعب ان نجد وصفا دقيقا نصف به وطنية الكويتي، فعاطفته الوطنية تلقائية وهذا ما يتميز به الكويتي، والتاريخ القديم والحديث يشهد مواقفه، ولعل أصدق موقف يعبر عن وطنية الكويتي بالتاريخ الحديث موقفه إبان الغزو العراقي الغاشم الذي تعرضت له البلاد يوم 2 أغسطس 1990، حيث ضرب الكويتي أروع وأعظم الأمثلة بمواقفه الثابتة المخلصة تجاه هذا الوطن.
ولا يزال الكويتي يجسد معنى الوطنية والولاء في كل أزمة ومحنة تواجه الوطن، فمنذ ان ضرب وباء كورونا الكويت في شهر فبراير الماضي، تسارع الكويتيون في تقديم كل صور الدعم للجهود الحكومية لمحاربة هذا الوباء بكل صوره المادية والعينية والمعنوية، فصندوق دعم الجهود الحكومية لمواجهة وباء كورونا يشهد له بذلك، وفزعة أهل الكويت في تقديم التبرعات للجان الخيرية التي رسمت صورة مشرفة للكويت محليا ودوليا تشهد له بذلك أيضا.
ومن جانب آخر، نرى العاملين في أجهزة الدولة خلال أزمة فيروس كورونا يقدمون أروع صور الوطنية في تحملهم المسؤولية ومواجهة خطر الإصابة بهذا الوباء، فمنهم من يعمل في الهيئة الطبية لتقديم الرعاية الصحية للمصابين، ومنهم من يعمل في المؤسسات العسكرية المختلفة لحفظ النظام والأمن، ومنهم من يقدم الدعم المساند للقطاعات المعنية بالأزمة من مؤسسات الدولة المختلفة.
القطاع التعاوني
ومن زاوية أخرى، نرى القطاع التعاوني يسطر أيضا معاني الوطنية، فهو يلعب دورا محوريا في هذه الأزمة متمثل في تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وقد عزز دور القطاع التعاوني كادر المتطوعين الذين ساقتهم مشاعرهم وعواطفهم الوطنية لتأمين الدعم اللوجستي لهذا القطاع الحساس، وللمحافظة على استمرارية تقديم هذا القطاع للخدمات لأهالي المناطق السكنية وبالكفاءة نفسها، وهذا ما جبل عليه الكويتيون، ولعل دورهم إبان الغزو العراقي الغاشم خير شاهد أيضا على دور المتطوعين في هذا القطاع، ولا ننس أيضا الجهود المقدمة من قبل القطاعات الأخرى كجمعيات النفع العام واللجان الخيرية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.
وأنا على يقين تام بأن كل من بادر في المساهمة في تقديم خدماته في هذه الأزمة منذ بدايتها لم يكن يطمح الى أي مردود مادي، وإنما جاءت مبادرتهم إما انطلاقا من تلبية نداء الواجب الوطني كما لاحظناه من قبل العاملين بالقطاع الحكومي عندما تم تكليفهم بالعمل أثناء تعطيل المصالح الحكومية، وإما جاءت من باب الفزعة الوطنية للعاملين بالقطاع التعاوني وجمعيات النفع العام واللجان الخيرية.
مكافأة الصفوف الأمامية
لذلك كان لموقف الكويتيين وإخوانهم من الوافدين سواء العاملون بالقطاع الحكومي او العاملون والمتطوعون في القطاع التعاوني ومؤسسات المجتمع المدني محل تقدير واحترام لدى القيادة السياسة، فصاحب السمو الأمير أبلغ شكره وتقديره لأبنائه وبناته العاملين بالصفوف الأمامية والذين يقدمون أقصى التضحيات ويواصلون الليل بالنهار ضمن الفرق المكلفة بمواجهة فيروس كورونا المستجد، كما أمر سموه بأن تقدم لهؤلاء العاملين مظاهر التكريم المعنوي والمادي تقديرا لجهودهم.
وعلى ضوء ذلك اقر مجلس الوزراء مقترح ديوان الخدمة المدنية بشأن الآلية المقترحة لمنح مكافآت مالية للموظفين العاملين في القطاع الحكومي المكلفين بالعمل لمواجهة انتشار الفيروس كورونا تقديرا لجهودهم خلال أزمة الوباء، وقد فصل ديوان الخدمة المدنية الآلية المتعلقة بتحديد التقدير المادي للموظفين العاملين في القطاع الحكومي من حيث الفئات وطريقة احتساب المكافأة لكل فئة.
التقدري المعنوي
وقد أثارت الآلية المقترحة من قبل ديوان الخدمة المدنية والتي أقرها مجلس الوزراء لغطا وردود أفعال متباينة من قبل العاملين، وعلى الرغم من اجتهاد ديوان الخدمة المدنية والذي يشكر عليه إلا انه وبرأيي المتواضع كان من الممكن ان تقدم آلية تتسق مع الأجواء العامة التي صاحبت الأزمة من تفاعل وطني من القائمين على القطاعات المعنية، والتي تتطلب الحفاوة المعنوية لكل من ساهم ويساهم في جهوده بتلك الأزمة، ولا ترتكز بشكل أساسي على التمايز المادي ذي الحساسية لدرجة قد تخلق ردود فعل عكسية.
فكما أسلفت ان منطلقات العاملين بالقطاع الحكومي والعاملين والمتطوعين في القطاع التعاوني ومؤسسات المجتمع المدني والخيري، جاءت انطلاقا من الواجب والحس الوطني، وفي وجه نظري ان التقدير المعنوي أهم من التقدير المادي والذي يجب ألا يغفل المتطوعين أيضا، لأن أي آلية لا تتسم بالموضوعية فسوف يكون وقعها النفسي سلبيا أكثر مما هو إيجابي، لذلك كان توقيت الإعلان عن آلية تقدير المكافآت برأيي جاء غير موفق وسبب نوعا من الإحباط لدى بعض العاملين والمتطوعين.
التقدير المادي
وفيما يتعلق بالتقدير المالي، نرى انه كان من الأنسب ان يكون موضوعيا ومراعيا للظروف المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد وفي إطار توجيهات صاحب السمو الأمير، ولعل ما أكده سمو رئيس مجلس الوزراء أمام النواب في اللقاء الحكومي والبرلماني الأخير من حقائق تواجهها الحكومة خلال تصديها لجائحة كورونا وتداعياتها، والذي شدد سموه على أن الوضع الاقتصادي للدولة ليس جيدا، كما أكد ذلك سموه أيضا بلقائه الأخير مع رؤساء تحرير الصحف عندما أشار الى ان الوضع الاقتصادي يحتاج الى إعادة تعديل كبير في هيكلة الاقتصاد، وهذا دليل على ضرورة ان تتسق آلية التقدير المالي مع تلك الأوضاع.
أهمية التقدير
أخيرا نؤكد أهمية تقديم التقدير المعنوي والمادي للعاملين بالجهات والمؤسسات الحكومية والقطاع التعاوني ومؤسسات المجتمع المدني باعتبارهم هم الصفوف الأمامية في هذه الأزمة والذين يقدمون أقصى التضحيات لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وان يكون هذا التقدير يستهدف الجانب المعنوي أكثر من الجانب المادي، لأن العاملين والمتطوعين لبوا نداء الواجب انطلاقا من المسؤولية الوطنية بالدرجة الاولى، لذلك يجب ان تكون الآلية المقترحة لتقدير العاملين خلال أزمة فيروس كورنا تنطلق من هذه المرتكزات وألا تخلق فوارق مادية غير موضوعية، آخذين بعين الاعتبار الأوضاع المالية التي تمر بها البلاد والتي تتطلب تفهمنا للمسؤولية الوطنية التضامنية، لاسيما ان اتباع أي آلية تقدير يجب ان تراعي عدة اعتبارات.
الاعتبار الأول ان تحقق الآلــيــة الاســتـــقرار فــي استمراريتها دون أي تغيير في ظل عدم معرفة النطاق الزمني للأزمة، الثاني ألا تضطر الدولة الى إعادة النظر فيها بعد فترة الأمر الذي سيترك أثرا سلبيا على العاملين بسبب التمايز فيما بينهم، الاعتبار الأخير يتعلق بالمراحل التي اعلن عنها مجلس الوزراء لعودة الأعمال في الجهات والمؤســسات الحــكومــية والتــي تضــمنت عوــدة العاملين بالقطــاعي الحكومي لأعمالهم وفق نسب حضور متزايدة تصل الى 50%، فهل الآلية الحالية المعتمدة عند العودة الجزئية للعمل تحقق الموضوعية والعدالة ولا ترهق على الميزانية؟
الآلية الموضوعية لتقديم التقدير المادي
الآلية الموضوعية المناسبة للتقدير المادي للعاملين في القطاع الحكومي والتي تعتبر وسيلة للتقدير وليس وسيلة لتحقيق مردود مادي، وتحقق قدر المستطاع قدرا من العدالة دون التركيز على خلق فوارق وتمايز، هي كالتالي:
ان يكون نطاق تطبيق آلية التقدير المادي لكافة العاملين بالقطاع الحكومي والذي يشمل العاملين في الجهات والهيئات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات العسكرية المختلفة.
بما ان الدولة اعتبرت فترة التعطيل في الجهات والمؤسسات الحكومية فترة راحة، فإن نطاق تطبيق آلية التقدير المادي تسري فقط على العاملين المكلفين بالأعمال خلال فترة الراحة المقررة من الدولة.
بالنسبة لمن تنطبق عليهم تشريعات مجلس الخدمة المدنية يتم تحديد التقدير المالي بنفس آلية التشريعات المتعلقة بالتعويض عن الأعمال خلال فترات أيام الراحة والعطل الرسمية وأيام المناوبة مع بعض المرونة التي تطلبتها الأزمة، من حيث تعديل قيمة التعويض وبإضافة فئات وظيفية غير مدرجة بتلك التشريعات.
بالنسبة لمن تنطبق عليهم تشريعات خاصة كبعض العاملين بالجهات والهيئات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات العسكرية، يتم العمل بذات آلية التقدير المالي الواردة بالفقرة السابقة المقررة لهم في تشريعاتهم الخاصة.
يجب ألا تتجاوز قيمة التعويضات المذكورة بأي حال من الأحوال الأجر الشهري الشامل للموظف عن كل شهر عمل.
بالنسبة للموظفين الذين يعملون عن بعد ودون الحضور الى مقرات عملهم فتكون آلية التقدير المالي لهم بنفس آلية التشريعات المتعلقة بالعمل خلال فترات الراحة والعطل الرسمية وايام المناوبة والتعديلات عليها المشار إليها سابقا، على ان تكون تلك التعديلات تحقق فروقات موضوعية وعادلة عما يتقاضاه زملاؤهم ممن هو على رأس عمله فعليا.
نظرا لاستمرار أزمة وباء فيروس كورونا وعدم معرفة مدتها، فيستمر العمل بآلية التعويض تلك على ألا يتم التقيد بالحد الأقصى للتعويض (الفترة) الذي يمنح للموظف خلال السنة المالية الواردة بالتشريعات المنظمة، ولحين إصدار الدولة قرار بالعودة الشاملة للأعمال الحكومية.
في حال وجود قيود في بعض عقود العمل تمنع منح تعويض عن الأعمال الإضافية، فيتم منح تلك الفئة ذات التعويض المنصوص عليه بالآلية المشار إليها استثناء من القيود الواردة بتلك العقود او التشريعات المنظمة.
على جهات العمل الحكومية المعنية إثبات مباشرة العمل بالطرق المختلفة للمكلفين بالأعمال خلال تلك الفترة.
العاملون الذين يصابون بفيروس كورونا بسبب ممارسة عملهم، يستمر صرف التعويض المقرر لهم المشار إليه سالفا كما لو كانوا على رأس عملهم ولحين تصريح السلطات الصحية للالتحاق بعملهم.
العاملون الذين يصابون بفيروس كورونا بسبب ممارسة عملهم، ويتوفاهم الله نتيجة لتلك الإصابة يقرر لذويهم تعويض مناسب، وبالنسبة للكويتي يقرر له أيضا معاش تقاعدي بذات الراتب الذي كان يتقاضاه عندما كان على راس عمله قبل وفاته وذلك بصفة استثنائية بما يكفل لأسرهم الحياة الكريمة، وأي مميزات أخرى تحددها الدولة بعد انتهاء الأزمة.
يمنح العاملون الحد الأعلى من مكافآت الأعمال الممتازة المقررة لهم وفق التشريعات المنظمة لجهاتهم ودون التقيد بالقيود الواردة في تلك التشريعات.
يتم تعطيل العمل بأي تشريعات خاصة ببعض الجهات تسمح بصرف تعويضات للعاملين لديها عن أعمال مميزة (بخلاف الأعمال الممتازة) خلال السنة، وذلك لمنع ازدواجية الصرف ولتحقيق العدالة بين كل العاملين بالجهات الحكومية.
يتم توجيه القطاع التعاوني ومؤسسات المجتمع المدني بالنسبة للعاملين لديهم بتطبيق تشريعاتها المتعلقة بالتعويض عن الأعمال في أيام الراحة وأيام الجمع والعطلات الرسمية وبنفس سياق الآلية المقترحة في الجهات الحكومية، ويتم تمويل تلك التكاليف من ميزانياتها بعد إعادة برمجة مصروفاتها وخططها المالية، على ان تنظر الدولة في طرق دعمها إذا استلزم الأمر ذلك في حالة وجود عجز في ميزانيتها.
نظرا لإنشاء الحكومة صندوقا لتلقي المساهمات النقدية من المؤسسات والشركات والافراد لدعم جهود الحكومة في مواجهة تداعيات انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد، فنرى ان يتم استخدام جزء من أموال هذا الصندوق في صور التقدير المعنوي التي يمكن تقديمها للعاملين والمتطوعين خلال أزمة فيروس كورونا وفق آلية محددة وواضحة.