- نحصل على راتبنا بالتقسيط.. و200 دينار واسطة لرخصة القيادة
- إذا لم نعمل بعزة وكرامة فبلادنا أولى بنا.. والكويت عزيزة علينا لكن تعبنا
- الكفيل يؤجرنا للشركات الأخرى.. وكان يقتطع من رواتبنا دون وجه حق
- ندمنا على كل لحظة عشناها في هذا الذل ونطالب الحكومة بالتدخل
- بقينا في المنزل 4 أشهر بلا زاد أو ماء.. ونأكل أطعمة منتهية الصلاحية
- بعنا أملاكنا ولم نرسل نقوداً لأولادنا والكفيل أبلغنا «اللي مو عاجبه يرد ديرته»
دعاء خطاب
Doua_khattab@
«لسنا متسولين وجئنا للكويت بطرق شرعية سعيا وراء لقمة العيش بشرف وكرامة، لكن الواقع الذي نعيشه مأساوي، ولا نريد سوى أن يسمع صوتنا أحد المسؤولين ويساعدنا لنسترد حقوقنا المسلوبة حتى نعود إلى بلادنا مستورين».. بهذه الكلمات تحدثت مجموعة من العمال من مختلف الجنسيات جمعهم مصير بائس وأوقعهم ضحايا لتجار البشر، يعانون ضعف الحال وقلة المؤونة وشح الرحمة وانعدام العطف، ممن تسببوا لهم في هذا الحال البائس.
الضحايا رووا معاناتهم لـ «الأنباء»، واستعرضوا قصصهم المأساوية، بعد توقفهم عن العمل لأشهر طويلة لم يحصلوا فيها على فلس واحد، حيث يعيشون في أحد منازل منطقة «جليب الشيوخ» ويسكن في الغرفة الواحدة ما يزيد على 10 أشخاص، جميعهم باعوا ما كانوا يملكون في بلادهم من أجل تحقيق حلم السفر وضمان حياة أفضل لذويهم، لكنهم عجزوا عن إطعام أنفسهم وغرقوا في الديون، قائلين: «أتينا منذ قرابة العام لكن سوء القدر أوقعنا ضحية لكفيل استغلنا للعمل لصالح شركات ووظائف أخرى، وكان يقتص من رواتبنا منذ قدومنا وحتى توقف عن سدادها نهائيا منذ بداية أزمة كورونا في شهر مارس وتركنا بدون طعام أو شراب في منزل متهالك لا يصلح للاستخدام الآدمي نعيش على المعونات ومساعدات أهل الخير وقد طرقنا عدة أبواب لكن دون جدوى فالكفيل واسطته أقوى».
وأضافوا: «ليس لنا سوى الله سبيلا، ونناشد حكومة الكويت والجهات المعنية مساعدتنا لنسترد حقوقنا ونعود من حيث أتينا»، «الأنباء» استمعت لشكاواهم وشاهدت واقعهم الأليم، وفيما يلي التفاصيل:
كانت البداية مع عبدالغني عبدالفتاح، أحد العاملين المصريين الذي روى معاناته قائلا: جئنا إلى هذه الشركة منذ عدة أشهر بعقد عمل، ودفعنا مقابل ذلك 1300 دينار للحصول على الفيزا، وبعد مجيئنا لم نجد عملا ولا شركة، مؤكدا أن الكفيل كان يقوم بتأجيرهم إلى الشركات الأخرى، إلى أن بدأ الحظر بسبب «كورونا»، وتوقف العمل، مبينا أنه لم يحصل على راتب، فتوجه إلى «شؤون الهجرة» لتقديم شكوى أكثر من مرة، ولكن لم يلق استجابة، مؤكدا أن ذلك الكفيل لديه واسطة قوية، فذهب إلى المخفر ولم يلق استجابة أيضا لشكواه، مشيرا إلى أنه يقبع في السكن مع رفاقه منذ 4 أشهر من دون أكل أو شرب، مطالبا الحكومة بالوقوف في وجه هذا الكفيل، وإجباره على سداد مستحقاتهم، حتى يستطيع المغادرة، مضيفا: «الكويت عزيزة علينا ولكن تعبنا».
ولفت عبدالفتاح إلى أنه عندما أبلغ الكفيل بكل هذه المعاناة كان الرد «أجيب منين؟»، مطالبا بالحصول على مستحقاته التي نص عليها عقد العمل.
بدوره، قال العامل علي سيف انه يعمل مع ذلك الكفيل، منذ 2019، وظل طيلة 3 أشهر من دون عمل، وبعدها قام الكفيل بإيجاد عمل له في إحدى الشركات وحصل في أول شهر على 85 دينارا، والشهر الذي تلاه 75 دينارا فقط، على الرغم من أن راتبه 150 دينارا، مشيرا إلى أنه جاء إلى الكويت في الأساس للعمل كسائق، ولكن لم يستطع استخراج رخصة القيادة حتى الآن، وعندما أبلغ كفيله برغبته في الحصول على رخصة، قال له: «ادفع 200 دينار واسطة للرخصة»، مشيرا إلى أن الكفيل قام بخصم المبلغ منه مرتين وفي النهاية لم يحصل عليها، مشيرا إلى أنه كان يعمل كفرد أمن.
مساعدات
من جانبه، قال الخمسيني عادل خلف، انه قام ببيع منزله حتى يستطيع المجيء إلى الكويت، مشيرا إلى أنه قضى 17 شهرا لم يستطع خلالها إرسال فلس واحد إلى أسرته المكونة من 7 أفراد بسبب هذا الكفيل، وظل يعمل معه حتى 10 مارس الماضي، ومنذ ذلك الوقت لم يحصل على أي راتب، فما كان منه إلا أن توجه إلى الجهات المنوطة بذلك للحصول على مستحقاته إلا أن هذا الكفيل «يملك واسطة»، على حد قوله، فلم يستطع أن يفعل معه شيئا، مشيرا إلى أنه ذهب أيضا للمخفر، الذي أبلغه بأن مشكلته في «الهجرة»، ولكنهم لم يجيبوه حتى الآن، وهو في انتظار الحل، مؤكدا أنه يعيش حاليا على المساعدات ولا يريد إلا مستحقاته ونهاية خدمته ليعود إلى بلده.
لا نقبل الصدقة
من جهته، يشير مالك محمد (سوداني الجنسية) إلى أنه جاء للكويت منذ 6 ديسمبر الماضي وعمل مع ذلك الشخص وكلما يتصل به لمحادثته في أمور العمل، يغلق الهاتف، فما كان منه إلا أن يذهب إلى المخفر، لتقديم شكواه، مؤكدا أنه سوف يعود إلى موطنه حينما يحصل على مستحقاته، قائلا: «مفيش بإيدنا حاجة».
وتابع: «أتقاضى 120 دينارا راتبا أحصل عليها بالتقسيط 20 او 10 او 5 حسب رغبته، وحين اعترضت قال لي: «اللي مو عاجبه يرد ديرته»، ونحن حين نقوم بالحديث عبر وسائل الإعلام لا نبحث عن طعام ولا صدقة، فنحن لسنا متسولين، نحن أتينا من بلداننا بعزة وكرامة ودفعنا مقابل ذلك قبل وفودنا، كما اننا في بلداننا نقدم المساعدات للمحتاجين فلم نترك ذلك ونأتي لنتلقى مساعدات.
وزاد: أشعر بالأسى والخزي فقد تركت زوجتي وابني وجئت هنا لأؤمن لهم عيشة كريمة لكني ندمت على ما وصلت إليه ونريد ان يصل صوتنا ونجد تحركا من الحكومة لتعيد لنا حقوقنا وتجبر الكفيل على ان يعطينا معاشاتنا المتأخرة ومستحقاتنا لنعود إلى ديارنا بكرامتنا.
وسيط سوداني
ومن دولة السودان يكمل فارس يحيى قائلا: انه ورفاقه من أبناء موطنه، جاءوا إلى الكويت في 7 ديسمبر الماضي بسمة زيارة، وحتى اللحظة لا يعلمون حتى ما إذا كانت قد تجددت إقامتهم من عدمه، وما إذا كانوا سوف يعملون مجددا أم لا، مضيفا نجلس في السكن منذ 7 أشهر عملنا منها شهرين.
وأضاف: لم نأت إلى الكويت حتى ننام ونجلس بدون عمل، ولكننا جئنا إلى هذه الأرض المعطاء حتى نكسب لقمة عيش كريمة، وذهبنا إلى المخفر للشكوى أكثر من مرة، وقام بدوره بتحويلهم إلى «شؤون الهجرة»، وأبلغونا هناك بأنهم لا يستطيعون فعل شيء، ونحن لم نأت إلى الكويت حتى نقدم الشكاوى، جئنا لنعمل، وإذا لم يوجد عمل فلا مشكلة في ذلك، ولكن نطالب بالحصول على مستحقاتنا وحل مشكلتنا، ولم نأت إلى هنا بطريقة غير شرعية، فنحن في الأساس جئنا بموجب عقد عمل، وفيزا حصلنا عليها في موطننا دفعنا مقابلها الأموال، من خلال وسيط سوداني وعلى حد علمي الوسيط موجود الآن داخل الكويت.
في السياق ذاته، قال علاء فتحي، انه جاء إلى الكويت بطريقة شرعية، مطالبا أي مسؤول بالوقوف معه ورفاقه وإذا كان الخطأ لديهم فسوف يتقبلون كل شيء، مبينا أنه كزملائه لم يحصل على معاشه منذ أكثر من 4 أشهر ويعيشون حاليا على المعونات، وأنهم جميعا حازمون أمتعتهم استعدادا للرحيل في حين حصولهم على مستحقاتهم وتذاكر سفرهم.
وتحدث سونكار مورجان، هندي الجنسية قائلا: كنت أعمل في بقالة ولكني متوقف منذ 4 أشهر ولا نقود لدي و«بابا» ما يعطيني معاش ويقول: «خذ أغراضك وروح بلدك مافي شغل» ولا أملك المال لشراء تذكرة سفر وأريد مستحقاتي حتى أعود الى وطني.
واسطة للرخصة
ويؤكد علاء جاد أنه جاء وشقيقه إلى الكويت بعد دفعهما مبلغ 150 ألف جنيه ثمن التأشيرة وقام ببيع منزله في مصر، مشيرا إلى أنه منذ شهر نوفمبر الماضي لم يعمل، ولم يتقاض فلسا واحدا، مطالبا فقط بمستحقاته حتى يعود إلى بلده مستور الحال، قائلا: «دلوقتي هروح إيد ورا وإيد قدام»، مؤكدا أنه لم يترك جهة إلا ذهب إليها للحصول على حقوقه.
الدفع أو الطرد
ويروي علي معاناته قائلا: منذ 3 أشهر لم أقم بإرسال فلس واحد إلى أسرتي في مصر، مشيرا إلى أن كل ما يملكه من أموال تكفي بالكاد تكاليف مأكله ومشربه، موضحا أنه عندما أتى إلى الكويت لم يكن يعلم أن الوضع سيكون كذلك، فقد أبلغوه حين ذاك، أنه بدلا من العمل سوف يحصل على عملين أو ثلاثة.
وتابع: الكفيل أخذ توقيعي على 7 أوراق، وأبلغني إما أن أدفع 50 دينارا للسكن، أو أن أرحل وكان يرسل لي مع صاحب السكن رسالة إما الدفع أو الطرد، فاضطررت إلى الرحيل من السكن في أول مارس الماضي ولقد جئت إلى هذا البلد حتى أعمل، والآن لا أملك شيئا، حتى اننا نتلقى معونات ومساعدات وأطعمة منتهية الصلاحية، ولا يوجد في جيبي حتى 50 فلسا، إلا «علبة السجائر» التي اشتريها دينا، و«محدش عارف ياخد حق ولا باطل معاه».
وزاد: عندما تحدثت مع كفيلي قال لي إن أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا معه، فما كان منه إلا أن توجه إلى مباحث الهجرة، للحصول على مستحقاته، ولكنه لم يلق استجابة، مشيرا إلى أن ذلك الشخص قام بتزوير الأوراق لبعض العاملين بأنهم حصلوا على سلفة، لافتا إلى أنه توجه أكثر من 20 مرة إلى المخفر الذي كان يبلغه بالمتابعة مع «شؤون الهجرة».