تواصلت امس الإدانات لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «المسيئة» للإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي ترافقت مع دعوات متصاعدة لمقاطعة المنتجات والسياحة الفرنسية.
حيث أعلن الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف د.أحمد الطيب استنكاره من الحملة الشرسة الممنهجة على الإسلام، رافضا أن تكون رموزه ومقدساته ضحية مضاربة رخيصة في سوق السياسات والصراعات الانتخابية في الغرب.
جاء ذلك من خلال تدوينة لشيخ الازهر على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية، جاء فيها «نشهد الآن حملة ممنهجة للزج بالإسلام في المعارك السياسية، وصناعة فوضى بدأت بهجمة مغرضة على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، لا نقبل بأن تكون رموزنا ومقدساتنا ضحية مضاربة رخيصة في سوق السياسات والصراعات الانتخابية».
وأضاف الإمام الأكبر «أقول لمن يبررون الإساءة لنبي الإسلام: إن الأزمة الحقيقية هي بسبب ازدواجيتكم الفكرية وأجنداتكم الضيقة، وأذكركم أن المسؤولية الأهم للقادة هي صون السلم الأهلي، وحفظ الأمن المجتمعي، واحترام الدين، وحماية الشعوب من الوقوع في الفتنة، لا تأجيج الصراع باسم حرية التعبير».
كما ندد مفتي عام القدس والديار الفلسطينية خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد حسين بنشر صور مسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، تحت ذريعة حرية التعبير والنشر.
واعتبر المفتي، في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) امس، أن هذه الإساءة غير أخلاقية، ولا يرقى فاعلوها إلى أي مستوى حضاري، ومدانة بكل المقاييس، ومن تقوم بها فئة ضالة حاقدة على الإسلام والمسلمين ورموزهم.
وأشار إلى أن الأعراف والقوانين والشرائع السماوية تحرم التطاول على الأديان ورموزها، والإسلام دين تسامح ورحمة ومحبة، والرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، أعلى وأسمى من أن يتعرض له الحاقدون الذين انكشفوا على حقيقتهم العنصرية.
وجدد مطالبته بضرورة سن قوانين دولية تحرم الإساءة إلى الأديان ورموزها، ومعاقبة كل من يتطاول على الرموز الدينية، محذرا من استمرار هذه الجرائم التي ترفع من وتيرة الأحقاد بين الناس وتغذي العداوات والصراعات بينهم.
وفي ثاني موقف رسمي للأردن، بعد وزارة الخارجية، اعتبر وزير الأوقاف محمد الخلايلة أن الإساءة للنبي محمد وللأنبياء جميعا «ليست حرية شخصية وإنما جريمة تشجع على العنف».
وأضاف الخلايلة، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، أن «هذه الإساءة غير المقبولة، تولد العنف وخطاب الكراهية، وهي اعتداء صارخ وجريمة بحق الأديان والمعتقدات والإنسانية جمعاء».
من جانبه، غرد مدير عام الوكالة فايق حجازين قائلا «نمتلك مساحة كبيرة من الحرية والحوار والنقاش والاختلاف، لكن لا نمتلك أي مساحة من الإساءة للغير، خصوصا عندما يتعلق الموضوع بالرموز الدينية التي تخص المعتقد».
هذا، وجدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان امس دعوته لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بالخضوع إلى فحوص لصحته العقلية بعد يوم على استدعاء باريس سفيرها لدى أنقرة على خلفية تصريحات مماثلة.
وقال الرئيس التركي ان ماكرون «مهووس بأردوغان ليل نهار»، مضيفا «لذا عليه حقا الخضوع لفحوص» لصحته العقلية.
من جهته، ندد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بما سماه «رغبة (تركية) في تأجيج الكراهية» ضد فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون، مشيرا إلى أن السفير الفرنسي لدى أنقرة سيعود إلى باريس «للتشاور».
وانتقد وزير الخارجية على متن طائرة كانت تقله إلى مالي «سلوكا غير مقبول من جانب دولة حليفة».
وقال لودريان في بيان «في غياب أي تنديد رسمي أو تضامن من جانب السلطات التركية بعد الاعتداء الإرهابي في كونفلان سانت ـ أونورين، باتت تضاف منذ بضعة أيام دعاية كراهية وافتراء ضد فرنسا».
وأشارت فرنسا إلى انعدام التضامن من جانب بعض الدول الأخرى، بعد قتل أستاذ التاريخ والجغرافيا صامويل باتي ردا على عرضه الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم.
وندد لودريان أيضا بـ «إهانات مباشرة ضد الرئيس (إيمانويل ماكرون) تم التعبير عنها في أعلى مستويات الدولة التركية».
وأضاف الوزير أن «السفير الفرنسي لدى تركيا (إيرفي ماغرو) استدعي ويعود إلى باريس للتشاور».
وقد شهدت عدة دول مظاهرات محدودة بسبب المخاوف من وباء كورونا للتنديد بالاساءة الفرنسية. وتظاهر المئات في مناطق شمال غرب وشرق سورية الخاضعة لسيطرة الأكراد وفصائل المعارضة السورية.
ورفع المتظاهرون لافتات منددة بالرئيس الفرنسي ومواقفه العدائية للمسلمين، وقاموا بإحراق العلم الفرنسي.
وتظاهر العشرات من عرب 48 أمام مقر إقامة سفير فرنسا في إسرائيل للتنديد بموقف الرئيس الفرنسي.
ورفع المتظاهرون الذين وضع بعضهم كمامات وقائية، لافتات مكتوبة بالعربية تندد بالإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في يافا أول من أمس.