أسقط تحالف حكومي متنوع حكم بنيامين نتنياهو بعد 12 عاما متواصلة في السلطة ما يوجه الأنظار نحو مستقبل محاكمة رئيس الوزراء السابق الذي يحاكم بتهم تتعلق بالفساد وهي مزاعم ينفيها. فيما يأتي أبرز ما ينتظر نتنياهو كأول رئيس وزراء إسرائيلي توجه له تهم وهو في منصبه:
«سلطة سياسية كبيرة»
أصبح نتنياهو وبشكل تلقائي زعيما للمعارضة في البرلمان الإسرائيلي بصفته رئيسا لأكبر حزب سياسي خارج الائتلاف الحكومي الجديد، خصوصا أنه أكد على الاستمرار في العمل السياسي.
وبعد التصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة التي شكلها الزعيم الوسطي يائير لابيد ويترأسه اليميني المتطرف نفتالي بينيت، وبعد تسلم مهامها، كرر نتنياهو تعهده بإفشال هذه «الحكومة اليسارية السيئة» والعودة إلى السلطة، وقال إن ذلك سيحدث في وقت أقرب مما يعتقدون.
وبحسب رئيس المعهد الإسرائيلي للديموقراطية يوحانان بلينسر، فإن دافع نتنياهو لقيادة المعارضة «مرتبط أولا وقبل كل شيء بمواصلة إجراءاته القانونية الجنائية».
يقول بلينسر إنه مع استمرار محاكمة نتنياهو في جلسات شبه يومية في المحكمة في القدس فإنه يريد «الظهور المستمر كمدعى عليه يتمتع بسلطة سياسية كبيرة»، معتقدا أن ذلك «يوفر له نفوذا في مواجهة القضاة والمدعي العام». لكن تنحيته رسميا تعني أنه لم يعد يتمتع بأي حصانة.
تفاوض
يقول أستاذ القانون الدستوري ورئيس الكلية الأكاديمية للقانون والعلوم في وسط إسرائيل أفيعاد هكوهين إن الجميع متساوون أمام القانون نظريا سواء تعلق الأمر برئيس للوزراء أو شخصية معارضة أو مدني عادي.
وأضاف لوكالة «فرانس برس»: «لكن من الواضح أن هناك تداعيات في الممارسة العملية» لمحاكمة رئيس الوزراء، مشيرا إلى النفوذ الذي يمكن أن يتمتع به نتنياهو للتوصل إلى صفقة قضائية في حال اختار هذا الطريق.
ويقول هكوهين إنه من المحتمل أن يكون الادعاء ميالا بشكل أكبر لعقد صفقة معه على اعتبار أنه «عانى بالفعل بما فيه الكفاية».
وبحسب أستاذ القانون، فإن نتنياهو كزعيم للمعارضة، عليه «مسؤوليات والتزامات أقل مما كان عليه وهو رئيس للوزراء».
وأضاف «بالتأكيد، من الممكن أن تأمره المحكمة بحضور جزء أو جميع الجلسات».
وكان نتنياهو قد طلب في السابق إذن المحكمة بعدم حضور معظم الإجراءات القانونية كما حصل في آخر جلسة في الخامس من أبريل الماضي.
حصانة
بموجب القانون الإسرائيلي، لا يتمتع رئيس الوزراء بحصانة من الملاحقة القضائية، لكنه غير ملزم بالاستقالة في حال وجهت إليه تهم، ويجبر على ذلك بعد إدانته واستنفاد جميع السبل.
وفقا لأستاذ القانون، فإن هذا المبدأ نفسه ينطبق على أي عضو في البرلمان بما في ذلك زعماء المعارضة.
ووجهت لرئيس الوزراء السابق (71 عاما) ثلاث تهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وتتعلق هذه التهم التي وجهت إليه رسميا في العام 2019 بالقضيتين الرقم 1000 و2000، والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في القضية الرقم 4000.
تتعلق القضية الأولى التي تسمى «الملف 1000» بتلقي أنواع فاخرة من السيجار وزجاجات شمبانيا ومجوهرات.
ويسعى المحققون الى أن يعرفوا ما إذا كان نتنياهو وأفراد من عائلته تلقوا هدايا تتجاوز قيمتها 700 ألف شيكل (نحو 213 ألف دولار)، من أثرياء بينهم المنتج الإسرائيلي الهوليوودي أرنون ميلشان والملياردير الأسترالي جيمس باكر مقابل حصولهما على امتيازات مالية شخصية.
ووفقا للشرطة، فإن منتج هوليوود قدم له هدايا بقيمة 478 ألف شيكل، بينما قدم باكر باقي المبلغ.
في المقابل، يشتبه في سعي نتنياهو إلى مساعدة ميلشان في الحصول على مزايا ضريبية قالت تقارير إنه كان يمكن أن تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات كما ساعده في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة.
ويؤكد نتنياهو أنه لم يفعل سوى قبول هدايا لم يطلبها من أصدقاء له. وهاجم رئيس الوزراء السابق خصومه متهماً إياهم برغبتهم في الاطاحة به.
وبدأت جلسات المحاكمة في مايو 2020 وتعرضت للتأجيل عدة مرات بسبب قيود مكافحة ڤيروس كورونا.
عفو
تولى نتنياهو المنصب للمرة الأولى بين عامي 1996 ـ 1999، وانتهت الأحد الفترة الثانية بعد 12 عاما منذ العام 2009.
ولطالما حاول نتنياهو وقف ملاحقته القضائية وسعى إلى وضع قوانين تحد من سلطة المحاكم وتعديلها لما فيه مصلحته حتى انه عمل على تغيير قوانين إسرائيل الأساسية التي تعتبر أمرا واقعا.
ويواجه نتنياهو بعد تنحيته حكما بالسجن يصل إلى عشر سنوات كحد أقصى بتهمة الفساد بالإضافة إلى ثلاث سنوات بتهمة الاحتيال وخيانة الثقة.
لكن محاكمته قد تستمر سنوات، يمكنه خلالها التوصل إلى صفقة مع الادعاء يعترف خلالها بالذنب مقابل إسقاط تهم أو تخفيف العقوبة.
وفي حال الإدانة، يمكن لرئيس الوزراء السابق أن يستأنف لدى المحكمة العليا الإسرائيلية.
أما الفرصة الأخيرة والتي تبدو غير محتملة فتتمثل بمحاولة نتنياهو الحصول على عفو رئاسي أثناء محاكمته، لكن هذا السيناريو يبدو مستبعدا بعد انتخاب البرلمان في الثاني من يونيو الجاري لإسحاق هرتسوغ كرئيس لإسرائيل خلفا لرؤوفين ريفلين.
وهرتسوغ وريث نخبة سياسية في إسرائيل، ويتحدر من إحدى أبرز العائلات، وكان يشغل مؤخرا منصب رئيس الوكالة اليهودية.
وحصل هرتسوغ على 87 صوتا في البرلمان، بينما حصلت منافسته ميريام بيريتس على 26 صوتا.
وكان آخر ظهور لنتنياهو أمام المحكمة في الخامس من أبريل الماضي.