مازالت تداعيات زيارة رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، تتفاعل بين الصين والولايات المتحدة، حيث أعلنت بكين أنها أوقفت التعاون مع الولايات المتحدة في عدد من المجالات، بما في ذلك الحوار بين كبار القادة العسكريين حول مسائل دفاعية .
وذكرت وزارة الخارجية الصينية أن بكين "ستعلق المحادثات الصينية الأميركية حول التغير المناخي" وستلغي لقاء بين القادة العسكريين واجتماعين أمنيين، منددة بـ"الاستخفاف" الذي أبدته بيلوسي "حيال معارضة الصين الشديدة" لزيارتها إلى تايوان.
كما قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان انها علقت التعاون في منع الجريمة عبر الحدود وإعادة المهاجرين غير الشرعيين، من بين ثمانية إجراءات محددة.
في هذه الاثناء، تواصلت المناورات العسكرية الصينية في مضيق تايوان يومها الثاني امس، وذكرت وكالة أنباء الصين (شينخوا) أن الجيش "أطلق أكثر من 100 طائرة حربية بينها مقاتلات وقاذفات قنابل" خلال التدريبات، بالإضافة إلى "أكثر من 10 مدمرات وفرقاطات" .وأعلن الجيش أن التدريبات تضمنت "هجوما صاروخيا تقليديا" في المياه شرق تايوان.
وسقطت 5 صواريخ في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، مما دفع طوكيو إلى تقديم احتجاج قوي عبر القنوات الدبلوماسية.
ونددت تايوان بـ"جارتها الخبيثة" بعدما حاصرت الصين الجزيرة من خلال المناورات التي ادانتها الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين.
وأعلن "جيش التحرير الشعبي" الصيني عدة مناطق خطر مغلقة في محيط تايوان تطل على بعض أهم ممرّات الشحن البحري في العالم وتبعد في مواقع معيّنة نحو 20 كيلومترا فقط عن سواحل الجزيرة.
وذكرت بكين بأن المناورات ستستمر حتى منتصف نهار الأحد، بينما أعلنت تايبيه أن مقاتلات وسفنًا صينية عبرت "الخط الأوسط" الذي يمر عبر مضيق تايوان صباح الجمعة.
وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان ان 68 طائرة و13 سفينة صينصة قامت بانشطة في محيط حول مضيق تايوان وعبرت الخط الأوسط للمضيق.
ويمثّل الخط الأوسط حدودا غير رسمية لكن يتم الالتزام بها إلى حد كبير وتمتد على طول منتصف المضيق الفاصل بين تايوان والصين.
وأعلنت الوزارة أن الجيش التايواني أرسل طائرات وسفنا ونشر أنظمة صواريخ برية لمراقبة الوضع .
وأردفت وزارة الدفاع بأن جيش تايوان سيكون في وضع الاستعداد القتالي لكنه لن يسعى للحرب.
ووصفت بكين المناورات الحربية بأنها رد "ضروري" على زيارة بيلوسي، لكن واشنطن رأت أن قادة الصين "اختاروا المبالغة في رد الفعل".
من جهته، دعا رئيس الوزراء التايواني سو تسينغ-تشانغ حلفاء بلاده للضغط من أجل خفض التصعيد.
وقال للصحافيين "لم نتوقع أن يستعرض الجار الخبيث قوّته على عتبتنا وبأن يعرّض إلى الخطر بشكل تعسفي الممرات المائية الأكثر انشغالا في العالم عبر تدريباته العسكرية".
ودافعت بيلوسي عن زيارتها ، مشيرة إلى أن واشنطن "لن تسمح" للصين بعزل تايوان.
وقالت للصحافيين في طوكيو، آخر محطة ضمن جولة آسيوية قامت بها، "قلنا منذ البداية" إن الزيارة "لا تهدف إلى تغيير الوضع القائم هنا في آسيا، أو تغيير الوضع القائم في تايوان".
وفي وقت لاحق ، ردت الصين بالإعلان عن عقوبات ضد بيلوسي وأفراد عائلتها المقربين من دون تقديم معلومات مفصلة عن الإجراءات.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد محادثات مع وزراء خارجية من دول جنوب شرق آسيا في بنمو بنه عن المناورات العسكرية الصينية في محيط تايوان "تمثّل هذه الأعمال الاستفزازية تصعيدا كبيرا".
وأضاف "الحقيقة هي أن زيارة رئيسة مجلس النواب كانت سلمية. لا يوجد مبرر لهذا الرد العسكري المتشدد والمبالغ فيه والتصعيدي".
وأكد أن الولايات المتحدة لن تتخذ أي إجراءات تتسبب في إثارة أزمة، لكنها ستواصل دعم الحلفاء الإقليميين والمرور جوا وبحرا بشكل اعتيادي عبر مضيق تايوان.
وأضاف "سنحلق ونبحر ونعمل حيثما يسمح القانون الدولي بذلك".
ودانت أستراليا التي تربطها علاقات متوترة مع الصين أكبر شريك تجاري لها، المناورات على اعتبار أنها "مبالغ فيها ومزعزعة للاستقرار".
وتجري المناورات في منطقة تعد من أكثر طرق الشحن نشاطا في العالم، وتستخدم في توريد أشباه الموصلات والمعدات الإلكترونية المنتجة في مصانع في شرق آسيا.
وبالفعل، ذكرت تايوان بأن المناورات ستعطّل 18 طريقا دوليا يمر عبر منطقة بيانات الرحلات التابعة لها بينما أفادت عدة شركات طيران دولية فرانس برس بأنها ستحوّل مسار رحلات.
من جهتها، التقت بيلوسي الجمعة برئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في طوكيو، آخر محطة في جولتها الآسيوية.
وذكرت هيئة الإذاعة اليابانية (إن إتش كيه) أن المسؤولين ناقشا الوضع في تايوان، وقدرات الردع المشترك للبلدين، إضافة إلى التزام البلدين بضمان الحرية والانفتاح في منطقة المحيطين الهندي والهاديء.
وقال كيشيدا - خلال مؤتمر صحفي - "نؤكد أن اليابان والولايات المتحدة ستواصلان العمل معا عن كثب للحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان".