بعد استبدالها بالجنرال ستانلي ماكريستال على عجل الجنرال ديفيد بترايوس على رأس القوات المتحالفة في افغانستان، أكدت الولايات المتحدة انها «لم تغرق» في مستنقع حرب يعتقد كثيرون أنه لا يمكن كسبها إذا بقيت الأمور على حالها.
وقال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس «لا اعتقد أننا في مستنقع» في أفغانستان «بل اعتقد اننا نحقق بعض التقدم واعتقد اننا نتقدم الى الامام».
وأضاف ان الجنرال بترايوس ستكون له كل الصلاحية «في القيام بتغييرات تكتيكية لكن الاستراتيجية الشاملة ستظل هي ذاتها».
وفي الواقع فان تصريح غيتس هذا ما هو إلا تأكيد على ما سبق ان شرحه الرئيس باراك اوباما حين اعلن استبداله بماكريستال بترايوس من ان وجه القيادة العسكرية تغير لكن الاستراتيجية الاميركية تبقى هي ذاتها.
وكرر اوباما امس الاول في مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي ديمتري مدفيديف بواشنطن التعبير عن الفكرة ذاتها، مؤكدا ان الجنرال بترايوس سيكون «مميزا» على رأس قوات الحلف الاطلسي وان الولايات المتحدة مستمرة في توجهها في افغانستان.
وفي اول تصريحاته، قال الجنرال ديفيد بترايوس إنه يدعم الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي باراك أوباما للبدء بسحب القوات الأميركية من أفغانستان في شهر يوليو عام 2011.
ويأتي دعم بترايوس للموعد الذي حدده أوباما لبدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان رغم أن هذا الموعد يشكل نقطة محورية في الجدل بين أوباما والعديد من النواب الجمهوريين المنتقدين له في الكونغرس.
وعبر بترايوس عن احترامه وتقديره لأعمال سلفه الجنرال ستانلي ماكريستال، مشيرا إلى أن الظروف المحيطة بالتغيير في القيادة «حزينة».
وجاءت تصريحات بترايوس هذه بعد قليل من تعيينه قائدا للقوات الأميركية في أفغانستان، خلفا لماكريستال، الذي استقال من منصبه مؤخرا على خلفية تهكمه على نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، في مقالة نشرتها مجلة «رولينغ ستون».
وفيما وجه أوباما الشكر للجنرال ماكريستال، وجه انتقادات ضمنية للمسؤول العسكري السابق، حيث أشار إلى التعليقات الصادرة عن الأخير، واعتبرها تصرفا لا يرقى لمستوى مسؤول رفيع بمثل منصبه.
بيد ان التحدي يظل كبيرا، فعلى المستوى العسكري يرى اشد المتشائمين ان الهجوم على مرجه (جنوب افغانستان) الذي استهدف طالبان في الربيع الماضي كان فاشلا. كما يبدو ان الحملة لاستعادة قندهار من المتمردين تسجل تأخيرا. وعلى المستوى المدني ينخر الفساد ادارة الرئيس الافغاني حميد كرزاي المدعوم بالكاد من واشنطن. لكن وزارة الدفاع الاميركية ترى ان المعركة لم تخسر.
وأشار غيتس الى الجنرال بترايوس مؤكدا ان المهمة «صعبة ولكنها ليس مستحيلة».
من جهتهم، ومع انهم كانوا وعدوا بدعم وزارة الدفاع، فان المشككين وعددهم كبير في الكونغرس الاميركي، يشيرون باصابع الاتهام الى العبء الكبير الذي تكلفه الديبلوماسية الاميركية على الميدان.
والمتهمان هما السفير الاميركي في كابول كارل ايكنبيري ومبعوث واشنطن للمنطقة ريتشارد هولبروك وهما بالتحديد المسؤولان اللذان انتقدهما الجنرال ماكريستال في مقاله بمجلة رولينغ ستون.
وقال السيناتور ليندسي غراهام ان «الجانب المدني يعاني بنظري من خلل وظيفي كامل. يجب تغيير العلاقات بين القادة المدنيين (الاميركيين) والرئيس (الافغاني حميد) كرزاي وتحسينها».
واضاف محذرا «ادعو الرئيس الى اعتبار ذلك فرصة لتعيين اشخاص جدد على الارض لا يحملون خلفيات قديمة. وان لم نحدث تغييرا سريعا، فسوف نخسر حربا لا نحتمل ان نخسرها».
وغداة ذلك قدم السيناتور جون ماكين دعمه للجنرال بترايوس، لكنه اضاف «نحتاج الى فريق جديد هناك ربما في السفارة وغيرها».غير ان الادارة ردت على هذه الدعوات بتجديد ثقتها بكبار ممثليها المدنيين في افغانستان.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لديها «ملء الثقة» بكل من ايكنبيري وهولبروك، مشددا على ان «الرئيس قال بوضوح انه يجب الآن المضي قدما ومواصلة ما يجب علينا القيام به».ويشوب العلاقات بين هولبروك وايكنبيري من جهة والرئيس الافغاني حميد كرزاي الكثير من التوتر.
وبحسب بعض المراقبين فان الانتقادات السابقة التي وجهاها اليه، لاسيما اتهامات الفساد، تحرمهما من اي نفوذ لدى كرزاي الذي يقيم في المقابل علاقات جيدة مع ماكريستال وقد عبر كرزاي علنا عن أسفه لإقالة ماكريستال.