تنمو مستوطنة يهودية الى جوار منزل الفلسطيني هاني ابو هيكل مما يجعله بحاجة الى الحصول على تصريح اسرائيلي ليدخل من الباب الأمامي لمنزله.
ويقول: ما من أحد يزوره تقريبا. فالضيوف يحتاجون الى إذن للوصول الى المنزل الذي ولد فيه قبل 41 عاما في حي قديم بالخليل في الضفة الغربية المحتلة. ويتعين على أسرة ابو هيكل أن تشق طريقها عبر بستان للزيتون يقوم الجنود الاسرائيليون بدوريات فيه حتى تدخل المنزل من الباب الخلفي.
وقال «حياتي دمرت». وتغطي نوافذ المنزل شبكة من السلك للحماية من الحجارة ومقذوفات أخرى كان آخرها البيض الفاسد الذي يقول إن المستوطنين جيرانه يقذفونها على منزله.
ويعيش نحو 800 مستوطن يهودي بين 30 الف فلسطيني في الأجزاء الخاضعة لسيطرة اسرائيلية من المدينة القديمة.
ويقول المستوطنون إن لهم حقا توراتيا في الخليل حيث كثيرا ما يتحول التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين الى أعمال عنف. ولاتزال ذكريات المذابح عالقة في أذهان الطرفين.
ويقول ابو هيكل إن الحياة بين الجنود والمستوطنين الذين جاءوا الى شارعه أول مرة عام 1984 شبه مستحيلة. ويضيف أنه يخضع أحيانا للتفتيش لما يصل الى خمس مرات حتى يصل الى منزله. ويمكن أن تستغرق أبسط رحلة عدة ساعات.
وتشعره تجربته بتشاؤم عميق بشأن احتمالات تمكن الفلسطينيين من إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة وهو الهدف المعلن لمحادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والمعرضة للخطر بالفعل بسبب قضية النشاط الاستيطاني.
وتنتشر المستوطنات اليهودية في الخليل وهي مقسمة الى مناطق خاضعة لسيطرة اسرائيل وأخرى خاضعة لسيطرة الفلسطينيين. والخليل نموذج مصغر للضفة الغربية المحتلة المقسمة إلى مناطق حكم ذاتي فلسطيني محاطة بمناطق تخضع لسيطرة اسرائيل.
واليوم يعيش نحو 500 الف يهودي على أرض يأمل الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.
ويقول ابو هيكل «بصراحة انا لا افكر بفكرة الدولة الفلسطينية. ما هي هذه الدولة التي في وسطها مستوطنات؟
ومع نمو المستوطنات في أنحاء الضفة الغربية بات حتى المؤمنون «بحل الدولتين» متشككين فيما اذا كان لايزال قابلا للتنفيذ.
وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اسرائيل بتمديد تجميد الاستيطان ولو لمدة 3 او 4 أشهر للبناء الاستيطاني الجديد في الضفة الغربية والذي انتهى امس الأول. لاعطاء فرصة لمفاوضات السلام.
وقال عباس في قصر الاليزيه «نحن متفقان على ان الاستيطان يجب ان يتوقف وان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اعطى تجميدا لمدة عشرة اشهر والمفاوضات متوقفة من الاولى به اعطاء ثلاثة او اربعة اشهر والمفاوضات جارية» لكي يتمكن الطرفان من احراز تقدم حول القضايا الاساسية.
وأعلن عباس ان القيادة الفلسطينية لن يكون لها «ردة فعل سريعة» حيال استئناف البناء في المستوطنات مع انتهاء فترة التجميد مشيرا الى ان القرار الفلسطيني سيتخذ بعد استشارة الهيئات القيادية في منظمة التحرير الفلسطينية ولجنة المتابعة العربية التي ستجتمع في مصر في الرابع من اكتوبر.
وقال بهذا الصدد «بعد هذه الاجتماعات يمكن ان يصدر من عندنا موقف يوضح ما هو الرأي الفلسطيني والعربي في هذا الشأن بعد ان رفضت اسرائيل للآن وقف الاستيطان». واحتفالا بانتهاء التجميد وضع مستوطنو الخليل حجر الأساس لدار حضانة جديدة في مستوطنة افراهام افينو وهي واحدة من المستوطنات التي تقع بين منازل فلسطينية داخل وحول أزقة المدينة وشوارعها الضيقة.
وقال ديفيد ويلدر المتحدث باسم مستوطني الخليل في بيان بدء البناء الجديد «لا التجميد المصطنع ولا المحادثات عن سلام خيالي يمكن أن تحرم اليهود من أبسط حقوقهم وهو العيش في مدينة ابراهيم».
ويعتبر مستوطنو الخليل أنفسهم روادا يعيدون إنشاء مجتمع هجره أفراده ومنعت السلطات البريطانية التي كانت تحكم فلسطين آنذاك اليهود من العودة. وتم تقسيم الخليل الى مناطق خاضعة لسيطرة الفلسطينيين وأخرى خاضعة لسيطرة اسرائيل بموجب اتفاق أبرم عام 1997. وتضم المنطقة الخاضعة لسيطرة اسرائيل المستوطنات والحرم الابراهيمي حيث ذبح مستوطن 29 مسلما اثناء الصلاة في الحرم عام 1994.
والتقارير التي تتحدث عن عنف بدني وتراشق بالحجارة من الجانبين تشير الى مشاعر عداء عميقة بين المستوطنين والفلسطينيين البالغ عددهم 200 الف نسمة في المدينة بكاملها.
وحولت القيود الاسرائيلية على الحركة والتي يرجع الكثير منها الى الانتفاضة الفلسطينية في مطلع هذا العقد أجزاء من المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الى مدينة أشباح. وازداد الفقر في مدينة كانت يوما محركا للاقتصاد الفلسطيني.