كشفت النتائج النهائية للانتخابات البحرينية امس تحقيق المعارضة الشيعية فوزا كاملا في انتخابات مجلس النواب اذ حسم جميع مرشحيها المعركة من الدورة الاولى وباتت تسيطر على 18 مقعدا من أصل أربعين و17 مقعدا بلديا فيما فاز 10 مستقلين في الانتخابات النيابية ولم تحسم 9 دوائر انتخابية بعد، وأوضحت النتائج خسارة كل من «المنبر الإسلامي» و«جمعية الأصالة الإسلامية» السنيتين ما مجموعه خمسة مقاعد.
وقال رئيس اللجنة التنفيذية للانتخابات عبدالله البوعينين ان المرشحين الثمانية عشرة لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية التي تمثل التيار الرئيسي للشيعة في البحرين، فازوا جميعهم منذ الدورة الاولى للانتخابات.
وكان يمثل الجمعية 17 نائبا في المجلس المنتهية ولايته بزعامة الشيخ علي سلمان الامين العام لجمعية الوفاق.
وقال سلمان لوكالة فرانس برس تعليقا على النتائج ان «الرسالة الاهم للحكومة (هي) ان الوفاق اكبر جمعية سياسية في البحرين».
وبحسب سلمان فان «هذه الارادة الشعبية يجب ان تحترم وان يتم التعاون معها بشكل ايجابي».
وكانت خمسة مقاعد حسمت بالتزكية قبل الانتخابات بينهم المراة الوحيدة حتى الان لطيفة القعود، فيما ستنظم دورة ثانية السبت المقبل في 30 اكتوبر للبت في تسعة مقاعد.
اما على صعيد الجمعيات السنية المشاركة في الانتخابات، فقد خسر ثلاثة من مرشحي جمعية المنبر الوطني الاسلامي (الاخوان المسلمون) وانتقل الخمسة الباقون الى المرحلة الثانية اذ لم يفز اي مرشح للجمعية من الدورة الاولى.
ومن ابرز مرشحي الجمعية المنتقلين الى الدورة الثانية، رئيسها عبداللطيف الشيخ.
وخاضت جمعية المنبر الانتخابات في مواجهة مع السلفيين المنضويين تحت لواء جمعية الاصالة، وينتقل معظم مرشحي الطرفين الى انتخابات الاعادة.
لكن السلفيين، وعلى عكس الاخوان، حسموا مقعدين لمصلحتهم احدهما بالتزكية قبل الانتخابات لنائب رئيس كتلة الاصالة عادل المعاودة، فيما انتقل رئيس الكتلة غانم البوعينين الى الدورة الثانية مع ثلاثة مرشحين سلفيين آخرين.
وكان يمثل جمعية المنبر الوطني الإسلامي سبعة نواب في المجلس المنتهية ولايته فيما كان السلفيون يسيطرون على ستة مقاعد.
وعن فوز جمعية الوفاق، قال المحلل عبيدلي العبيدلي لوكالة فرانس برس «اعتقد ان هذه نتيجة مباشرة للجو الاعلامي الذي ساد قبل الانتخابات، لقد انعكس هذا في الشارع الشيعي باندفاع المترددين وحتى المقاطعين للتصويت بكثافة لجمعية الوفاق باعتبارها المعبر الاساسي عن الطائفة».
واضاف «الهجوم المكثف على جمعية «وعد» (يسار) باعتبارها حليفا لـ «الوفاق» رفع اسهمها لدى الجمهور الشيعي ايضا».
وفي المقابل، اشار المحلل الى ان «الخاسر الاكبر في هذه الانتخابات حتى حد الآن هم الإسلاميون السنة وخصوصا الاخوان المسلمين الذين فقدوا ثلاثة مقاعد في مجلس النواب ولم يتمكن اي من مرشحيهم من اجتياز الدور الاول ودخل غالبهم في انتخابات الاعادة».
وأوضح «هناك فهم خاطئ رائج هو ان الإسلاميين السنة والسنة عموما هم من الموالاة (..) هذا فهم خاطئ» معللا ذلك بعدم اتخاذ الإسلاميين السنة «مواقف تعطيهم ثقلا في الشارع».
وبحسب المحلل فانه «على الإسلام السياسي السني ان يعيد حساباته بشكل شامل سواء في علاقته مع السلطة او مع المعارضة وهذه مهمة ليست سهلة».
وأظهرت نتائج الانتخابات ان التنافس بين اكبر تيارين للإسلاميين السنة وهما الاخوان المسلمون والسلفيون قد تحول الى ما يشبه معركة كسر عظم، حيث يتواجه مرشحو الاخوان والسلفيون في معظم دوائر النفوذ التقليدي للتيارين في المناطق ذات الغالبية السنية.
كما يخوض الاخوان المسلمون المنضوون تحت جمعية المنبر الوطني الإسلامي مواجهة اخرى مع جمعية العمل الوطني الديموقراطي (وعد ـ يسار قومي) في احدى دوائر محافظة المحرق (شرقي العاصمة)، فيما تخوض مرشحة «وعد» منيرة فخرو معركتها ضد مرشح مستقل هو عيسى القاضي المدعوم من السلفيين.
ومن جهته، اعتبر استاذ علم الاجتماع في جامعة البحرين باقر النجار ان «المعالجات الاعلامية للحالة الامنية التي سادت قبل الانتخابات رفعت اسهم «الوفاق» ودفعت حظوظها الى الأعلى على العكس مما كان متوقعا».
وأضاف النجار «لقد شعر الجمهور الشيعي بانه مستهدف فصوتوا بكثافة لـ «الوفاق» رغم حالة تململ كانت سائدة حيال «الوفاق» وادائها خلال السنوات الاربع الماضية».
وبحسب النجار، «كانت هناك ميول لدى كثيرين بعدم التصويت في هذه الانتخابات لكن الاحداث الامنية وتاليا المعالجة الاعلامية حفزتهم للمشاركة».
وفي المقابل، اعتبر النجار ان المواجهة بين الإسلاميين السنة افضت الى «اختراقات في الدوائر السنية بحيث اصبح التمثيل السياسي للسنة داخل البرلمان متنوعا اكثر مع زيادة عدد المستقلين على حساب الاخوان المسلمين والسلف».
الملك حمد: الانتخابات ردنا على المشككين في استمرارية مشروعنا الحضاري
المنامة ـ كونا: أكد عاهل مملكة البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن نهج الشورى والديموقراطية سيبقى نهج حياة وعمل للبحرين وأهلها وأن المسيرة مستمرة ومتواصلة بعزيمة صادقة وإرادة راسخة لتحقيق كل الأهداف الخيرة وبناء مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.
وأعرب ملك البحرين في كلمة له خلال جلسة مجلس الوزراء عن اعتزازه البالغ بوعي الشعب البحريني وتقديره للمشاركة الشعبية الواسعة في الانتخابات النيابية والبلدية والتي عكست وعي الناخبين البحرينيين في اختيار ممثليهم بكل حرية ومسؤولية.
وهنأ العاهل البحريني ـ كما نقلت وكالة الأنباء البحرينية ـ جميع المواطنين وخص الفائزين بعضوية المجلس النيابي والمجالس البلدية لفوزهم في الدور الأول من الانتخابات.
وحث الناخبين للذهاب مرة أخرى الى صناديق الاقتراع وبالحماس نفسه في 30 الجاري للانتخاب في الجولة الثانية من هذه الانتخابات ليكتمل المجلس النيابي والمجالس البلدية.
وقال: «بهذا يكون ردنا الوطني على من لم يكن متأكدا من استمرارية مشروعنا الحضاري والذي نراه في تطور مستمر».
وتمنى التوفيق والنجاح للذين سيخوضون الجولة الثانية من هذه الانتخابات، معربا عن أمله في أن ينهض المجلس النيابي والمجالس البلدية بالمسؤوليات الوطنية وفقا لأعلى معايير العمل والكفاءة.
وأكد الدور المهم الذي قامت به المرأة البحرينية خلال هذه الانتخابات ومشاركتها الفاعلة في تنظيمها ومساهماتها الفاعلة في مختلف المجالات خلال المسيرة الوطنية، متمنيا لها حظا أوفر في الانتخابات المقبلة.
من جهته، أعرب رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان عن تهانيه لعاهل البحرين على نجاح الانتخابات النيابية والبلدية، مؤكدا أن نسبة المشاركة الكبيرة على مستوى الترشيح والانتخاب تؤكد الثقة الشعبية العالية في نجاح المشروع الوطني للعاهل البحريني وقدرته على تحقيق طموحاتهم وآمالهم الحالية والمستقبلية.
واعتبر أن المشاركة الشعبية «عيد بحريني حقيقي وحدث مميز في التاريخ الوطني لأنه جسد الوعي السياسي والحكمة والمسؤولية التي يتصف بها شعب مملكة البحرين».
وأوضح ان الجهود التنظيمية للانتخابات وما حظيت به من تغطية إعلامية محلية وإقليمية ودولية مميزة كانت بحد ذاتها عنصر نجاح يضاف لعناصر النجاح الأخرى التي تميزت بها الانتخابات ومنها الشفافية وحسن الإعداد والتنظيم والرقابة.