فيما تتواصل المزيد من الأسرار الديبلوماسية بالتكشف، تتزايد الضغوط على موقع ويكيليكس الذي نشر هذه الوثائق السرية ومؤسسه جوليان أسانج، حيث قال مارك ستيفنز احد محامي أسانج أمس في لندن ان ملاحقة موكله من قبل الشرطة السويدية في قضية اغتصاب «لها على ما يبدو دوافع سياسية».
وردا على سؤال لتلفزيون «بي بي سي» اعرب ستيفنز عن «قلقه للدوافع السياسية التي يبدو انها وراء» هذا الملف.
وقال ان موكله حاول مرارا «لقاء المدعي» المكلف بهذا الملف، من دون جدوى.
وعلى سؤال حول ما اذا كان يخشى ان يسلم موكله للولايات المتحدة عندما يصبح بين أيدي الشرطة السويدية أجاب ستيفنز «بالتأكيد». ولدعم هذه التأكيدات كشف المحامي العلاقات بين ستوكهولم وواشنطن اذ ان السويد «استخدمت مواردها ومنشآتها في رحلات وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) الجوية السرية» بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 لنقل مشتبه بقيامهم انشطة ارهابية واستجوابهم في الخارج.
كما اشار الى «التصريحات العـدائية الاميركية» ضـد اسانج.
من جانبه، هدد آسانج بتصعيد عملية نشر الوثائق السرية الأميركية إذا اعتقل، في حين بدأت الشرطة الاسترالية تحقيقا بشأن كون اسانج قد انتهك أيا من قوانين البلاد بما يجعله عرضة للمحاكمة فيها.
وقال اسانج إن الأسرار المتبقية ستخرج دفعة واحدة عندما يستخدم عشرات الآلاف من الأشخاص كلمة السر لنشر الوثائق المشفرة الموزعة عليهم سلفا، إذا أصابه مكروه.
كما أوضح انه اتخذ إجراءات أمنية بعد صدور تهديدات بقتله، وقال أحد محاميه إن موكله ـ الموجود في مكان غير معروف في بريطانيا ـ سيعترض بطريقة قانونية على محاولة تسليمه الى السويد حيث رفعت ضده قضية اغتصاب.
هجوم مضاد
من جهة أخرى، دعا موقع ويكيليكس مستخدمي الشبكة الى انشاء مواقع مطابقة لموقعه بهدف تيسير الوصول الى محتواه للجميع، لكي يصبح «مستحيلا» ازالته من الانترنت.
واوضح موقع ويكيليكس انه يتعرض الى «هجمات (معلوماتية) شديدة في الوقت الراهن».
واضاف «كي يستحيل ازالة ويكيليكس تماما من الانترنت نحن في حاجة الى مساعدتكم. اذا كان لديكم خادم «يونيكس» يأوي موقع انترنت واذا اردتم استخدام جزء من مواردكم لايواء ويكيليكس فبالامكان مساعدتنا».
وشرح ويكيليكس بعد ذلك الخطوات الفنية التي يفترض القيام بها، موضحا انه سيتكفل «بتحديث» المواقع ما ان ينشر اخبارا جديدة.
وقال ويكيليكس عبر «تويتر» أمس انه «هجوم مضاد من ويكيليكس. كلما حاولتم حجبنا صرنا اقوى».
في غضون ذلك، يدرس مسؤولو أحد المصارف السويسرية إغلاق حساب مصرفي فتحه مؤسس موقع ويكيليكس الإلكتروني، جوليان أسانج، في سويسرا.
ونقلت صحيفة «إن زد زد آم سونتاغ» عن مارك أندري، المتحدث باسم مصرف «بوستفينانس»، قوله إنه للإبقاء على حساب مصرف عادي مفتوح فإنه يتعين على أسانج إثبات أنه حاصل على تصريح إقامة سويسري أو لديه ممتلكات في البلاد أو يجري معاملات تجارية في سويسرا.
حيث يطالب موقع «ويكليكس» زواره بإرسال التبرعات إلى الحساب الموجود بالمصرف السويسري لما يسمى «صندوق الدفاع عن جوليان أسانج»، وأدرج أرقام حسابين آخرين أحدهما في ايسلندا والآخر في ألمانيا، على الموقع من أجل أنواع أخرى من طلبات التمويل.
على صعيد ردود الفعل على الوثائق التي سربها الموقع، قال وزير الخارجية الالماني غيدو فيستارفيللي ان وزارته ستعكف على التدقيق في الوثائق حول تبادل مراسلات ديبلوماسية سرية بشان العلاقات الدولية وتقييمها.
واكد فيستارفيللي في بيان ان وزارته ستقوم اولا بفحص الوثائق المعلنة للتأكد من صحتها وما اذا ارتبطت هذه الوثائق بمصالح المانيا او مصالح الحلفاء الامنية.
وكشف عن انه امر سفارات وممثليات المانيا في الخارج بتقديم تقاريرها «كالمعتاد» على نحو موضوعي وتحليلي مؤكدا ان الوزارة «ستدقق فيما اذا توجب العمل في مجال الانترنت باجراءات امنية اضافية لضمان امن المعلومات».
كما نقلت تقارير إخبارية ألمانية أمس عن الرئيس السابق للمحكمة الألمانية العليا فينفريد هاسيمر أن تسريبات موقع ويكيليكس يمكن أن تشكل انتهاكا للقانون الألماني.
ونقلت مجلة «فوكس» الإخبارية الألمانية عن هاسيمر القول: «لقد صيغ قانون السرية بصورة حصرية في القانون الجنائي الخاص ببلادنا، ورغم أنه قلما يستخدم إلا أن بعض القضايا الخاصة تشكل انتهاكا له» وأشار في الوقت نفسه إلى ضرورة أن يتم إثبات أن التسريبات قد عرضت أي شخص للخطر، وساق على ذلك مثالا بنشر برقية تقول إن مصدرا في قرية أفغانية صغيرة لديه اتصالات مع طالبان. وهاسيمر كان رئيسا للمحكمة الدستورية الألمانية ويعمل حاليا محاميا في القضايا الجنائية.
قراصنة صينيون
وفي جديد التسريبات، كشفت وثائق ديبلوماسية أميركية أن الصين استأجرت خدمات قراصنة لشن حرب قرصنة على شبكة الانترنت.
وقالت صحيفة «أوبزيرفر» أمس الأحد نقلا عن الوثائق «إن الولايات المتحدة أبدت مخاوفها أيضا من تـعرض أنظمــتها لهجمات قرصنة من قبل إيران والمتشددين الإسلاميين في الهند».
واضافت أن «مجموعات من البارعين في أمور التكنولوجيا مثل حركة المجاهدين الهنود تلقى أعضاؤها تدريبا على اختراق أنظمة اللاسلكي واستخدمت تقنيات متطورة لدعم الهجمات الإرهابية وتعمل حاليا على تطوير كفاءة ومنهجيات القرصنة لكن الخطر الأكبر يأتي من الصين».
وذكرت الوثائق الديـبـلوماسية الأمـيركية الـمـسـربة «أن وزارة الخارجية الأميركـية أعربت عن قلقها بـشأن عـلاقة الحكومة الصينية الوثيقة مع اثنين من المزودين الرئيـسيين لأمن المعلومات في الصين استأجرا قراصنة من ذوي الخبرة، وكان من بينهما لين يونغ الذي أسس مجمـوعة قرصنة صينية برزت بعد تفجير السفارة الصينية في بلغراد عام 1999 وشــنت سلسلة من الهجمات على مواقع تابعة للحكومة الأميركية على شبكة الانترنت».
واشارت الوثائق إلى «أن المجـموعة الثـانية تدعى (إكس فوكس) وجرى تحمــيلها مـســؤولية إصدار فيــروس كمبيوتر عرف باسم الدودة الناسفة شل أجهزة الكمـبيوتر عام 2003 وتعمل الآن إلى جــانب مجموعة يونغ مع شـركة صـينية لأمن تكـنولوجيا المـعلومات لها صــلات مع الحـكـومة الصينية».
واتهم ديبلوماسيون اميركيون في بكين في مذكرات سرية كشفها الموقع مسؤولين صينيين كبارا بالتورط في الهجمات الالكترونية التي استهدفت موقع غوغل.
وافادت واحدة من هذه المذكرات التي نشرت السبت على موقع صحيفة نيويورك تايمز امس الاول بأن «شخصا يتمتع بمكانة مهمة يؤكد ان الحكومة الصينية نسقت عمليات الاختراق الاخيرة لانظمة غوغل».
وتشير المذكرات الى ان لي شانغشون عضو المكتب السياسي المكلف بالدعاية اشرف على الهجمات على غوغل.