مع تواتر الأنباء عن خروج مظاهرات مطلبية في أكثر من مدينة مصرية، أخلت الشرطة العسكرية وعناصر من الجيش ميدان التحرير بوسط القاهرة من المحتجين الذين كانوا يعتصمون به لأكثر من أسبوعين، إلا أن الحركة عادت وتوقفت بعد دخول حوالي 2000 محتج قام رجال الامن بتطويقهم ليعاد اخلاء الميدان من جديد.
في غضون ذلك، قال احد ممثلي «ائتلاف شباب 25 يناير» الذين أطلقوا الدعوة لحركة الاحتجاج إنهم سيعقدون لقاء ثانيا مع قيادة الجيش المصري قبل نهاية الاسبوع لتقديم مطالبهم مكتوبة.
وأكد زياد العليمي لوكالة «فرانس برس» ان «وفدا من المكتب التنفيذي للائتلاف يضم احمد ماهر وخالد السيد ومحمود سامي وعبدالرحمن سمير ووائل غنيم وأسماء محفوظ وعمرو سلامة ومحمد عباس، التقى اول من امس قيادة الجيش التي طلبت من الائتلاف ان يقدم مطالبه مكتوبة خلال لقاء آخر» غدا.
واضاف العليمي ان «اهم مطالبنا التي سنطرحها خلال اللقاء المقبل مع قيادة الجيش على الارجح، هي تغيير الحكومة وتعيين حكومة انقاذ وطني من التكنوقراط خلال المرحلة الانتقالية، إضافة الى إلغاء قانون الطوارئ، واطلاق سراح جميع المعتقلين، واطلاق الحريات السياسية وعلى رأسها حرية تكوين الاحزاب والنقابات».
وكان وائل غنيم الشاب المصري المسؤول في عملاق الانترنت الاميركي «غوغل» والمدون عمرو سلامة كتبا على صفحة «كلنا خالد سعيد» على «فيس بوك» أمس انهما التقيا قيادة الجيش التي تدير شؤون البلاد، لبحث الاصلاحات الديموقراطية.
واكدا «لقد التقينا قيادة الجيش لفهم وجهة نظرهم وعرض وجهة نظرنا». واضافا ان «الجيش دافع عن استمرار الحكومة الحالية انهم يعملون بشكل سريع على تغييرها لكن تسيير الاعمال اصبح ضروريا لحماية مصالح الشعب».
وقال ان قيادة الجيش اكدت انه «تم تشكيل لجنة دستورية مشهود لها بالنزاهة والشرف وعدم الانتماء لاتجاهات سياسية للانتهاء من التعديلات الدستورية في غضون عشرة ايام وسيتم الاستفتاء عليها خلال شهرين».
وأبلغ أعضاء في المجلس الأعلى هؤلاء النشطاء بأنه يأمل في الانتهاء من صياغة التعديلات الدستورية خلال عشرة ايام، بحسب ما قال الناشط وائل غنيم في صفحته على موقع فيس بوك. وقال المجلس بأنه يعتزم اجراء استفتاء على هذه التعديلات خلال شهرين، الامر الذي يمهد السبيل لإجراء انتخابات ديموقراطية.
كما ناشد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم المواطنين في المصالح وأماكن العمل الامتناع عن الاحتجاجات والاضرابات والاعتصامات لما لها من تأثير سلبي على عجلة الانتاج.
وذكر البيان السادس للمجلس الذي قرأه عبر التلفزيون المصري مساعد وزير الدفاع اللواء اركان حرب محسن الفنجري إن «الجيش يسعى إلى تهيئة المناخ المواتي للتحول الديموقراطي الحقيقي لكن لوحظ في الآونة أن بعض القطاعات في الدولة تقوم بتنظيم وقفات غير طبيعية».
واضاف ان الاحتجاجات «تؤثر سلبيا على توفير متطلبات الحياة. وتؤدي أيضا إلى ارباك عجلة الانتاج وتعطيل مصالح المواطنين، أضف أنها تؤثر سلبا على الاقتصاد. وتهيئ المناخ لعناصر غير مسؤولة واعمال غير مشروعة».
وقال الفنجري «تهيب القوات المسلحة بالمصريين الشرفاء لأن يدركوا ان الوقفات الاحتجاجية تؤدى إلى آثار سلبية، وتتسبب في الإضرار بأمن البلاد لما تحدثه من ارباك في مرافق الدولة».
وتابع: «يهيب المجلس الأعلى للقوات المسلحة في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وضمان استمرار الانتاج بالمواطنين والنقابات القيام بدورها على الوجه الأكمل كل في موقعه».
وقال البيان ان القوات المسلحة «تأمل من الجميع تهيئة المناخ المناسب لإدارة شؤون البلاد إلى أن يتم تسليمها للسلطة المدنية الشرعية».
وكان البيان يشير إلى احتجاجات عمال المصارف وعناصر الشرطة وموظفي السياحة وغيرها من الاحتجاجات المطلبية، حيث نظم أكثر من 400 من أفراد الشرطة بمصلحة أمن الموانئ بمطار الأقصر الدولي مظاهرة أمس احتجاجا على ما وصفوه بأنه «فساد» في صرف «حافز مقابل الخدمة الخاصة» والتي تبلغ قيمته 1200 جنيه (240 دولارا) من رتبة «ملازم» إلى رتبة «نقيب» و1700 جنيه (255 دولارا) من رتبة «رائد» فما أعلى، أما أمناء الشرطة ومندوبو الشرطة فيتم صرف الحافز نفسه لهم بواقع 50 جنيها فقط (8.5 دولارات).
كما تظاهر أمناء الشرطة وضباط الصف والجنود العاملون بمديرية أمن الأقصر أمام مبنى المديرية للمطالبة بتحسين أجورهم وأحوالهم المعيشية، بينما نظم أطباء وممرضون وممرضات وموظفون بمستشفى الأقصر العام مظاهرة داخل المستشفى للمطالبة برفع البدل النقدي لساعات الدوام الليلية الإضافية ورفع الأجور وإلغاء العمل بالجزاءات المباشرة التي تقرر على العاملين من دون تحقيق.
في سياق آخر، طالب 50 ضابط حركة بمحطة مصر للطيران بمطار الأقصر الدولي بالعدالة في توزيع المأموريات الخارجية والإسراع في تثبيت من لم يتم تثبيتهم.
وكانت دار الخدمات النقابية والعمالية وهي مؤسسة أهلية تدافع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال أعلنت في بيان لها أمس تضامنها مع المطالب المشروعة لجميع الفئات التي نظمت احتجاجا لليوم الثالث أمس.
وأكدت على الحاجة الى تطوير المنظمات النقابية الجماهيرية وعدم الاعتداد بالهيئات النقابية الحالية في تمثيل العاملين والتعبير عن مطالبهم.
وقبل ذلك، دخل مئات من رجال الشرطة المصرية بزيهم الرسمي وبملابس مدنية ميدان التحرير في وسط القاهرة اليوم لابداء تضامنهم مع المحتجين الذين أطاحوا بالرئيس حسني مبارك.
وذكر شهود أنهم كانوا يلوحون بأعلام مصر ويرددون هتافات «الجيش والشرطة والشعب ايد واحدة». وقال رجال الشرطة إنهم يريدون تكريم شهداء الثورة.
ومع توجه المحتجين إلى مبنى وزارة الداخلية، قال أحد المدنيين ويدعى سامح حسن الذي تشاجر مع شرطي «لا أصدقهم. أين كانوا عندما قتل بلطجية شقيقي؟»، وقال ضباط شرطة من ذوي الرتب الصغيرة والمتوسطة إنه جرى تصويرهم بصورة ظالمة كخونة وأعداء للشعب.
وذكر الشرطي محمد عبدالهادي وهو في الخدمة منذ 20 عاما ان وزارة الداخلية أفسدت رجال الشرطة وعلمتهم قمع الناس إلى أن أصبح كره الشرطة هو الوضع الراهن، مضيفا أن هذا ظلم لكثير من ضباط الشرطة الشرفاء.
وكان محتجون مصريون اغلقوا احد الانفاق المرورية الحيوية بوسط القاهرة مطالبين بتحسين اوضاعهم الوظيفية والمعيشية استمرارا للاحتجاجات العمالية التي تعم مصر.
ونظم العاملون في «نفق الأزهر» مظاهرة في مدخل النفق اتجاه صلاح سالم في ميدان الأوبرا وقاموا بإغلاق النفق بحواجز في طريق السيارات القادمة من حي مصر الجديدة إلى مناطق وسط القاهرة.
وسار المحتجون عبر النفق إلى ميدان الأوبرا حيث تجمهروا مناديين بعدم التزام المسؤولين بإجراءات تعيينهم بشكل نهائي كما وعدوهم الخميس الماضي.
وقال العاملون المضربون في النفق إنهم يعملون بعقود مؤقتة منذ 11 عاما من دون أمل في تعيينهم أو عمل تأمين صحي لهم وأضافوا أن رواتبهم لا تتجاوز 300 جنيه (الدولار يساوي نحو 5.8 جنيهات) رغم تعرضهم طيلة اليوم لرائحة العوادم التي سببت للكثيرين منهم مرض الربو.