كان الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك القاسم المشترك امس بين مظاهرتين احتفاليتين، الأولى في ميدان التحرير وسط القاهرة حيث احتفل ما بين مليونين وثلاثة ملايين بانتصار ثورة «25 يناير» وتكريما للقتلى الذين سقطوا خلال تظاهرات الأسابيع الماضية، وأيضا للتأكيد على مطالبهم التي لم تتحقق بعد، لاسيما الإفراج عن الموقوفين، والثانية في شارع جامعة الدول العربية في حي المهندسين بالقاهرة حيث تظاهر نحو عشرة آلاف شخص في إطار ما أسموه «جمعة الوفاء» للرئيس السابق رافعين صورا ولافتات تطالب بتكريمه وتعتذر له عن طريقة خروجه من الحكم، ومنها «يا مبارك يا طيار حنكرمك باحترام» و«سامحنا يا ريس» و«بنحبك يا ريس» و«الشعب يريد تكريم الرئيس» وهو شعار عكسوا فيه شعار حركة الاحتجاج الشعبي التي أطاحت بمبارك وهو «الشعب يريد إسقاط النظام».
وطالب المتظاهرون القوات المسلحة بتكريم الرئيس السابق والسماح لمجموعة منهم بزيارته في مدينة شرم الشيخ، على البحر الحمر، حيث يقيم مع اسرته منذ تنحيه عن الحكم في 11 فبراير الماضي.
وعودة الى ميدان التحرير حيث «جمعة النصر» التي دعا إليها المتظاهرون مطالبين في الوقت ذاته برحيل باقي عناصر النظام القديم وعلى رأسهم أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري وردد المتظاهرون هتافات «الشعب يريد تطهير البلاد» و«الشعب يريد تكريم الشهداء».
واكتظ الميدان والشوارع المحيطة به بحشود المتظاهرين حتى أنه لم يعد هناك موطئ لقدم.
وشهدت هذه الجمعة تدفق أعداد كبيرة من الأسر المصرية وكذلك تدفق مواطنين من خارج القاهرة، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين عن العمال وجميع الجماعات الفئوية المصرية حاملين لافتات تؤكد التمسك بالتغيير الشامل وتنفيذ جميع مطالب الثورة.
ووزع بيان حمل توقيع «اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة» شمل تسعة مطالب على رأسها تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية مستقلة لتدير شؤون البلاد خلال الفترة الانتقالية وتهيئة المناخ السياسي لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، مشددا على أنه «لا يجوز لأي من أعضاء تلك الحكومة الترشح لخوض أول انتخابات برلمانية أو رئاسية مقبلة».
وشملت المطالب التي وردت في البيان، إلغاء حالة الطوارئ والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وتشكيل لجنة للتحقيق في جرائم وزارة الداخلية وملاحقة رموز الفساد من أنصار النظام السابق، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب على أسس مدنية.
من جانبه، ناشد الداعية الإسلامي البارز الشيخ يوسف القرضاوي امس المصريين جميعا المضي بالثورة حتى انتصارها نهائيا. ودعا القرضاوي في خطبة الجمعة التي ألقاها وسط مئات الآلاف من المصلين في ميدان التحرير في القاهرة المصريين مسلمين وأقباطا إلى الوحدة، واتهم نظام مبارك بأنه كان وراء الطائفية التي عمت بين الجانبين.
وقال في الخطبة قبل ان يؤم الجموع في صلاة الجمعة «ان الثورة لم تنته... لا تظنوا ان الثورة انتهت».
وأضاف القرضاوي الذي يعتبر بوجه عام مرشدا روحيا لحركة الاخوان المسلمين «اصبروا على ثورتكم وحافظوا عليها واياكم ان يسرقها منكم أحد واحذروا من المنافقين».
ودعا الأقباط المسيحيين الى مشاركة اخوانهم المسلمين في «حراسة الثورة» مضيفا «في هذا الميدان انتهت هذه الطائفية الملعونة».
وفي هذا الإطار أشاد القرضاوي بما قام به أقباط مصر ومسلموها على حد سواء، قائلا: إنه حينما غير الشعب المصري ما به غير الله ما بهم.
وحيا الجيش المصري لدوره في حماية الثورة كما دعاه إلى الاستجابة لمطالب الشعب.
واستبعد القرضاوي ان يخون الجيش أهداف الثورة ووعوده بتنفيذ الاصلاحات خلال الفترة الانتقالية. وقال «هذا الجيش لا يمكن ان يخون بلده».
وحث المصريين الذي يقومون بالاعتصامات منذ الإطاحة بمبارك على المطالبة بحقوقهم السياسية والاقتصادية على الصبر مشددا على ان «الاقتصاد المصري يتأثر يوميا ولا يجوز لنا ان نكون سببا في تأثير اقتصاد مصر».
وطالب بإطلاق من تبقى في السجون من المعتقلين السياسيين وبتشكيل حكومة مدنية مشيرا الى ان بعض أعضائها من وجوه الفساد من عهد مبارك.
وحث القرضاوي الجيش على إعادة فتح معبر رفح بين مصر وقطاع غزة داعيا الحكام العرب للاتعاظ من سقوط مبارك مخاطبا إياهم «لا تستطيعوا محاربة الأقدار او إيقاف النهار» وطالبهم باحترام عقول شعوبهم.
الى ذلك، منع المدون المصري الشهير وائل غنيم، الذي كان من اكبر منظمي حركة الاحتجاج الشعبي امس من اعتلاء المنصة في ميدان التحرير من قبل رجال هم على ما يبدو حراس الداعية الشهير يوسف القرضاوي الذي أم صلاة الجمعة في الميدان، كما أفاد مصور لفرانس برس.
وأوضح المصور انه عندما حاول غنيم اعتلاء المنصة لإلقاء كلمة في هذا الميدان الذي احتشد فيه اليوم مئات آلاف الأشخاص للاحتفال بسقوط مبارك وتكريم القتلى الذين سقطوا خلال تظاهرات الأسابيع الماضية، وأيضا للتأكيد على مطالبهم التي لم تتحقق بعد، حال عدد من الحراس يبدو انهم تابعون للقرضاوي دون وصوله الى المنصة فما كان منه إلا ان غادر الميدان وقد غطى وجهه بالعلم المصري.