اتهم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أمس إسرائيل بتمويل وتدبير الاحتجاجات في بلاده ودول عربية أخرى كما انتقد الرئيس الأميركي باراك أوباما لتأييده التغيير.
وقال صالح في كلمة أمام حشد من أساتذة وطلاب جامعة صنعاء إن البيت الأبيض يدير الاحتجاجات من غرفة عمليات في تل أبيب لتقويض الاستقرار في العالم العربي.
وقال صالح بينما كانت المعارضة تنظم تظاهرة ضخمة مطالبة برحيله في وسط صنعاء ان الاحداث «من تونس الى سلطنة عمان.. تدار من تل ابيب وتحت اشراف واشنطن وأن المتظاهرين في الشارع اليمني عبارة عن مقلدين «فاليمن ليست تونس ولا مصر والشعب اليمني مختلف».
واضاف «شاهدنا كيف يتابع ويتدخل الرئيس الاميركي» باراك اوباما بكل شاردة وواردة. متسائلا هل اصبح اوباما رئيسا لبلاده أم للعالم العربي. وجدد صالح التعهد بحماية امن وسلامة المتظاهرين وجدد ايضا دعوة المعارضة لاستئناف الحوار. وقال «لا حل الا بالحوار وبصندوق الاقتراع».
ورغم تصريحات صالح نظم المحتجون أكبر تظاهرة لهم وتدفق مئات الألوف منهم الى شوارع اليمن أمس في «يوم غضب» جديد بعد مقتل 24 شخصا في مظاهرات مطالبة بإنهاء حكم الرئيس المستمر منذ ثلاثة عقود. وهتف المحتجون في شوارع العاصمة صنعاء قائلين «بالروح بالدم نفديكي يا عدن».
وعرضت قناة الجزيرة لقطات لمحتجين وهم يشيرون بعلامة النصر في حين ارتدى آخرون عصائب كتب عليها باللون الاحمر «ارحل».
من جانبه، قال حسن زايد احد زعماء المعارضة للمحتجين في صنعاء ان النصر آت قريبا. واضاف ان المحتجين لديهم هدف ومطلب واحد وهو انهاء سريع للنظام.
وأطلق المتظاهرون الذين انضموا للمعتصمين بالقرب من جامعة صنعاء شعارات منددة «لما تعرض له ابناء مدينة عدن من قمع وقتل».
وفي مدينة تعز وسط اليمن ذكر شهود عيان ان الآلاف من المتظاهرين انضموا للمعتصمين بساحة الحرية وسط المدينة للتنديد بما تعرضت له مدينة عدن والمطالبة بإسقاط النظام.
وفي نفس السياق تظاهر عشرات الآلاف من انصار الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في وسط العاصمة اليمنية مطالبين احزاب اللقاء المشترك المعارض بالعودة الى طاولة الحوار والاستجابة لمبادرة الرئيس اليمني ودعوته لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وكان صالح التقى مع زعماء عشائريين وقادة عسكريين من محافظات اليمن المختلفة لحشد الدعم لكن مع تناقص النفط وموارد المياه لم تعد حكومته التي تعاني من ضائقة مالية قادرة على استرضاء حلفائها ماليا للحفاظ على السلام.
ولجأ الرئيس اليمني الى نغمة التحذير من الفوضى والانقسام وقال «لن يقدروا يحكموا حتى أسبوعا واحدا وأجزم بذلك.. وأن اليمن سيتقسم...إلى أربعة اشطار هؤلاء راكبين... موجة حماقة».
وبموازاة مسيرات يوم الغضب، اشتبك متشددون انفصاليون مع الجيش في جنوب اليمن مما أسفر عن مقتل ضابط وإصابة آخر مع امتداد الاحتجاجات لشتى أنحاء اليمن. ووقعت الاشتباكات في منطقة حبيلاين حيث تزيد النزعة الانفصالية. وقال ناصر الخوباجي العضو القيادي في الحراك الجنوبي لرويترز إن متشددين كثيرين ينضمون للاحتجاجات.
وتابع «يتحرك المزيد من مؤيدي الانفصال إلى المنطقة». في غضون ذلك خطف رجال قبائل في وقت متأخر من مساء امس الأول طبيبا اوزبكستانيا في محافظة شبوة بوسط اليمن حيث ينشط كل من الانفصاليين والمتشددين من تنظيم القاعدة.
زيادة «القدرة التخزينية» للقات عند المعارضين والمؤيدين
دفعت أجواء الاحتجاج والمسيرات والثورة بمعتصمين يمنيين إلى زيادة «قدراتهم التخزينية» لنبات «القات»، المستخدم على نطاق واسع في اليمن، إذ افترش متظاهرون من مؤيدي ومعارضي الرئيس علي عبدالله صالح أرض ميادين مختلفة، أبرزها ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء.
فهذه النبتة نجحت في جمع الفريقين معا على تخزينها، رغم أن لكل منهم أسبابه، حيث رآها البعض وسيلة مضمونة للإطالة في البقاء أثناء الاعتصام، فيما وصفها آخر بأنها «قوت الصالحيين»، في إشارة إلى الرئيس صالح.
من جهته، قال سالم الدبعي، طالب في كلية التربية (29 عاما)، وأحد المعتصمين أمام جامعة صنعاء قال: «القات عادة يمنية تجمع الناس، ونحن الآن مجتمعون لنطالب برحيل الفاسد والمفسدين»، في إشارة إلى الرئيس صالح والحكومة القائمة. وأضاف: «القات يسهم في استمرار جلوسنا فترات أطول هنا». غير أن محمد الغابر، أحد المعتصمين في ميدان التحرير، قال: «نحن هنا لدعم مبادرة الرئيس، والقات هو ما يضبطنا ويجعلنا نجلس لفترة طويلة بدلا من أن ندخل مع الآخرين في مناوشات». وعلق مازحا: «القات قوت الصالحيين». وكانت الحكومة اليمنية قد أعلنت مؤخرا حزمة من الإصلاحات لتحسين مستوى دخل الفرد بتخفيض ضريبة الدخل على الأجور والمرتبات، وتطبيق مرحلة جديدة من استراتيجية الأجور والمرتبات، إضافة إلى إطلاق العلاوات السنوية للموظفين.
بيد أن غالبية دخل الفرد تتجه إلى شراء القات وتعاطيه، إذ يستحوذ (القات) على حوالي 26 إلى 30% من دخل الأسرة، محتلا المرتبة الثانية بعد نفقات الغذاء، فيما تستنفد نحو 70% من الموارد المائية لسقايته.
وحسب دراسة حكومية، فإن المجتمع اليمني ينفق سنويا نحو 250 مليار ريال يمني (1.1 مليار دولار) على «تخزين القات».
كما بينت الدراسة أن عدد الساعات المهدرة في جلسات تخزين القات تصل إلى 20 مليون ساعة عمل في اليوم، و600 مليون ساعة في الشهر، و7.2 مليارات ساعة في السنة. ولوحظ أيضا ان «المقايل»، وهي الأماكن التي يتجمع فيها أهل اليمن توسعت بشكل كبير على غير المعتاد، مكتظة بالمخزنين لمتابعة الأخبار والمعلومات عن البلدان العربية، وما يدور في بلدهم أيضا، إذ تحولت تلك المجالس إلى منابر سياسية لمتابعة وتحليل الأحداث. حيث علق محمد محمد، على ذلك قائلا: «هذه المقايل هي الوسيلة الوحيدة التي تجمعنا كيمنيين.. فليس هناك من بديل مناسب. وتوسعت هذه الأيام لأننا نتبادل فيها الآراء والهموم التي تمر بها بلادنا، والدول العربية».
من جانبه، قال طاهر الكبوس، وهو بائع قات: «الحمد لله هذه الأيام الدخل كبير، رغم رخص القات، وفي عرض جيد وطلب جيد». لكن احمد خاتم، وهو صاحب مزارع قات قال: «أنا لا اخزن مطلقا، وقد نصحت الكثير بالابتعاد عنه، لكنني ازرعه لأنه يدر عليّ وعلى العاملين معي دخلا رائعا».
وتشكل هذه النبتة، التي يطلق عليها اسم «الذهب الأخضر»، دعامة أساسية في الاقتصاد الوطني، حيث تدر على المزارعين 5 أضعاف ما تدره الزراعات الأخرى.
الزنداني يدعو المحتجين إلى التخلص من نظام صالح ولو بالقوة
دعا رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني أمس في حشد يقدر بعشرات الآلاف من المحتجين المطالبين بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح في ساحة التغيير بجامعة صنعاء الى «التخلص من النظام بالقوة».
وقال الزنداني احد أهم المطلوبين للإدارة الأميركية بتهم تمويل الارهاب «لقد عشنا نحو 50 عاما ونحن نبحث عن وسائل للتغيير لكننا صدمنا بأنظمة مستبدة أوصلت الناس إلي اليأس ونحن نعيش هذه الأيام حكما بالقوة ولا نستطيع التخلص منه إلا بالقوة».
ووصف ما يقوم به المحتجون من اعتصامات في الميادين العامة بأنها بحاجة الى براءة اختراع لأنها فعالة وغير مدمرة.
وأكد على حق المحتجين وخاصة الشباب في ممارسة حقهم في الاحتجاج، مشيرا إلى ان الدستور يحمي المحتجين حتى لو طالبوا بتغيير السلطة، وأشار الى أن التظاهرات اليومية أحرجت من اراد تكميم الأفواه للمحتجين المسالمين. وكان المحتجون يردون على الزنداني بهتافات «لا تفاهم، لا حوار، حتى يرحل النظام». وتضيف دعوات الزنداني المزيد من المتاعب إلى نظام الرئيس صالح الذي يواجه تزايدا متناميا لحركة احتجاج تطالب بتنحيه عن الحكم بإعلانه تأييده لمطالب المحتجين.
وقال الزنداني «لا شرعية لحاكم لا يرتضيه شعبه وان الشعب هو صاحب الحق في اختيار حكامه ونوابه».