هبت ريح الحكومة اللبنانية العصية على التكوين، كما بدا من زحمة الاتصالات الاقليمية والمحلية، التي اجراها الرئيس ميشال سليمان، الليل ما قبل الماضي، والتي شملت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ومن زيارة قام بها رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط الى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد، الذي كان استقبل رجل الأعمال طه ميقاتي.
اتصالات الرئيس سليمان مع خادم الحرمين ومع أمير قطر، تناولت إلى جانب الأوضاع اللبنانية والعربية ارتدادات بعض الخطابات التي اطلقت من بيروت حول أحداث البحرين على المواطنين اللبنانيين، والتي تمثلت في منعهم من دخول البحرين وبعض البلدان الخليجية الأخرى فضلا عن وقف حركة الطيران.
الأردن يمنع التأشيرات عن اللبنانيين
وعلمت «الأنباء» من مراجع لبنانية مطلعة ان الأردن انضم الى الإجراءات الخليجية المانعة دخول لبنانيين الى أراضيها.
في غضون ذلك رد الرئيس سليمان على هجوم العماد ميشال عون عليه وباتهامه بشل الحكم بدعوته الشعب اللبناني الى محاسبة الذين أهدروا المال العام وأفسدوا الإدارة وعطلوا إنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، وغلبوا منطق المحاصصة.
سليمان كان يتحدث خلال استقباله وفدا من منتدى الفكر التقدمي برئاسة رامي الريس، وقد أكد ان الأهم هو الحفاظ على البلد وعلى التوازن والسلم الأهلي فيه.
ورحبت صحيفة «المستقبل» برد الرئيس سليمان هذا وقالت ان سياسة الصمت لم تعد تنفع لأن هناك من يحاول النيل من هيبة الرئاسة ومن الرئيس، وان البعض كان يعتبر عدم الرد ضعفا، فيما كل ما كان يهم الرئيس سليمان هو عدم الدخول في جدل عقيم مع من لا يمكن مناقشتهم لأن أفكارهم أكبر من ان تناقش من وجهة نظرهم.
وبالنسبة لوليد جنبلاط فقد وصل مساء صباح امس الى دمشق والتقى الرئيس الأسد أمس. في إطار تحركه بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والعماد ميشال عون الذي التقاه جنبلاط منذ يومين. وقالت «سانا» ان اللقاء تم صباح أمس، وجرى خلاله البحث بجهود تشكيل الحكومة وبالتطورات الجارية في المنطقة.
الانقشاع الإقليمي محدود
وفي وقت يعم فيه التفاؤل أوساط 8 آذار بقرب تشكيل الحكومة، يرى قياديون في 14 آذار ان الأجواء غير مواتية كليا.
بري لتسريع الحكومة
لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد على وجوب تسريع تأليف حكومة الانقاذ الوطني اليوم قبل الغد.
وقال لزواره من النواب ان التحديات الكبيرة التي يفترض التصدي لها على الصعيدين الداخلي والخارجي تستلزم تأليف الحكومة.
بدوره النائب علي حسن خليل المعاون السياسي للرئيس بري، تحدث للصحافيين عن حركة جدية، بل أكثر من جدية لتشكيل الحكومة، وان هناك تبادلا جديا للأفكار حول هذا الموضوع.
اما النائب علي فياض عضو كتلة حزب الله، فقد أكد ان هناك بيئتين أوروبية وإقليمية تحضان على استعجال تأليف الحكومة، اما زميله النائب اميل رحمة فقد ادرج ما يقال عن العقد العونية في خانة «المنطق والحق بالتمثيل».
وزير العدل إبراهيم نجار قال اننا امام فريق يريد وحده أكثر من ثلث اعضاء الحكومة، ولا يرضى اطلاقا إلا أن يكون هو المتحكم بكل الحكومة والحكم بما في ذلك رئاستي الجمهورية والوزراء.
واشار نجار الى ان القرار اتخذ بتشكيل حكومة لا يحظى فيها التيار الوطني الحر بثلث الوزراء.
لكن نائبا في الكتلة العونية أكد لـ «الأنباء» أن العماد عون لا يمكن أن يقبل بحكومة تضم اقل من نسبة 40% من الوزراء لكتلته، ولا يمكن أن يتنازل عن وزارة الداخلية عشية إجراء الانتخابات النيابية (قريبا) فالداخلية هي جسور عبوره إلى مجلس النواب بكتلة نيابية حرزانة.
إما تلبية عون وإلا فلا حكومة!
وردا على سؤال عما يمكن أن يحصل فيما لو لم يحصل عون على هذه النسبة، في ضوء تصلب الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، قال النائب القريب من رئيس كتلة الاصلاح والتغيير، لن تتشكل الحكومة، وبالتالي تبقى ولادتها رهن تجاوب رئيسي الجمهورية والحكومة من حيث النسب الوزارية، ورهن قبول النائب سليمان فرنجية بتسلم وزارة الداخلية شخصيا، كبديل لمرشح الرئيس سليمان، الوزير الحالي زياد بارود.
وعن لون الحكومة العتيدة، قال النائب العوني لـ «الأنباء» ان حزب الله حدد معالم هذه الحكومة وهو يتناقض مع رؤية الرئيس المكلف الذي يطرح حكومة تكنوقراط أو وسطية، معتبرا ان الحكومة ستكون حكومة الأكثرية وعلى ميقاتي ان يشير بطرح الأكثرية الذي يجسده عون ونصر الله والا فإنه سيكون امام خيارات صعبة.
ولمس زوار دمشق، وفقا لمعلومات «الأنباء» حرصا سوريةعلى استقرار الوضع السياسي في لبنان الآن، بينما الغليان الشعبي يعم المنطقة، التي لطالما اعتبرت لبنان بمثابة الخاصرة الامنية الرخوة لها.
من جهته النائب أحمد فتفت عضو 14 آذار أعرب عن مخاوفه من تفشي الأزمة التي افتعلت مع مملكة البحرين على مستوى الخليج كله حيث يتواجد نحو ثلاثمائة ألف عائلة لبنانية.
وأضاف الى ذلك خطف السواح الاستونيين في البقاع من قبل «شبكة معينة لديها حمايات» وهذا يعيدنا إلى سيناريو خطير جدا عشناه في ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان الاجانب يخطفون من أجل الفدية أو لأسباب سياسية وهذا خطر جدا على لبنان واللبنانيين.
ويراهن فتفت على المساعي التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري مع ملك البحرين. وان هناك دعما لبنانيا واضحا للسلطة البحرينية في مواجهة التدخل الايراني الفاضح.