قال مسؤولون أتراك وعراقيون امس انه ليست هناك خطط لاجراء المزيد من المحادثات بين تركيا ووفد عراقي يزور أنقرة للسعي للتوصل لاتفاق للقضاء على المتمردين الاكراد المتمركزين في شمال العراق.
ورفضت تركيا مجموعة من المقترحات أمس الاول عرضها الوفد العراقي واصفة اياها بأنها غير كافية وتحتاج لفترة طويلة من الوقت لكي تؤتي ثمارها.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية محمد العسكري اعلن للصحافيين امس الاول اقتراحات بغداد التي تلحظ خصوصا «اعادة بناء وتنظيم وتسليح وتجهيز المخافر الحدودية العراقية مع الحدود التركية» في شكل يحول دون تسلل المتمردين.
واقترحت بغداد ايضا «تشكيل لجنة فنية ميدانية لمتابعة وتنسيق الاعمال العسكرية يكون مقرها في اقليم كردستان العراق وتفعيل عمل اللجنة الثلاثية العراقية - التركية - الاميركية على المستوى العسكري والسياسي بما يؤمن السيطرة على نشاطات حزب العمال الكردستاني».
لكن القادة الاتراك اعتبروا ان تطبيق هذه الاقتراحات سيستغرق وقتا طويلا ووجهوا دعوة الى القيام بتحرك «عاجل وحازم» ضد المتمردين وتريد أنقرة تسليم متمردي حزب العمال الكردستاني وبينهم زعماء الحزب واغلاق معسكراتهم في شمال العراق. ويقول العراق ان ليس لديه السيطرة على المقاتلين الانفصاليين.
عملية عسكرية
وفي تصاعد متصل ألمح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الى امكانية قيام القوات التركية بعملية عسكرية موسعة في شمال العراق قبل زيارته المرتقبة لواشنطن في 5 نوفمبر المقبل.
وقال أردوغان انه لا يدري ما الذي سيحدث حتى موعد زيارته لواشنطن، وليس متأكدا مما اذا كانت الأوضاع ستظل على ما هي عليه الآن أم لا وأضاف أردوغان في تصريحات للصحافيين في اسطنبول امس الاول «انه سيناقش قضية الارهاب مع الرئيس الأميركي جورج بوش خلال زيارته لواشنطن والتي لم يتخذ القرار بشأنها بسبب التطورات الراهنة والخاصة بمنظمة حزب العمال الكردستاني الارهابية، وانما كانت مقررة من قبل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي في نيويورك.
وتابع أردوغان اننا سياسيون ونحكم الجمهورية التركية ولسنا زعماء عشيرة أو قبيلة «في اشارة الى رئيس الادارة الكردية في شمال العراق مسعود بارزاني»، ونقوم بواجباتنا السياسية والديبلوماسية اضافة الى واجباتنا مع قواتنا المسلحة.
وردا على سؤال بشأن المباحثات التي أجراها الوفد العراقي في أنقرة قال أردوغان: «لم نتوقع الكثير من زيارة الوفد ومباحثاته»، مشيرا الى أن القوات التركية تقوم بمهامها في الحرب على الارهاب في اطار القانون الدولي.
ومن جانبه قال رئيس اركان الجيش التركي الجنرال يشار بيوكانيت ان الجيش التركي مستعد لتنفيذ الامر بتوجيه ضربة عسكرية لمسلحي حزب العمال الكردستاني شمال العراق، واكد ان الجيش ربما يبادر بطلب تنفيذ الضربة اذا اقتضت الحاجة.
وقال بيوكانيت سننتظر اللقاء الذي سيجمع رئيس الوزراء اردوغان بالرئيس الاميركي جورج بوش في الخامس من نوفمبر، واكد ان اللقاء شديد الاهمية.
حسب حقوق الإنسان
وفي رد لافت على اردوغان صرح عبدالرحمن الجادرجي مسؤول العلاقات الخارجية في حزب العمال الكردستاني بأن الحزب يعامل الجنود الاتراك الأسرى حسب الاعراف والقوانين الدولية وحقوق الانسان.
وقال الجادرجي - في تصريح خاص لراديو «سوا» الأميركي امس - «نتقرب منهم ونتعامل معهم بشكل انساني وحسب حقوق الانسان في العالم ولا نعمل أي حصارات أو سياسة على حسابهم، صحتهم جيدة، وكان أحدهم جريحا وعالجناه».
وأكد المسؤول الكردي عدم وجود أي مقرات للحزب في الأراضي العراقية، مضيفا «لا يوجد لنا أي مقرات في المدن العراقية وأعلنا عن ذلك مرارا وتكرارا».
وأردف «سمعنا باجتماع تركيا والعراق واتفاقهما على اغلاق مقراتنا في العراق، وهذا غير صحيح لاننا ليس لنا مقرات هناك».
وأشار الجادرجي الى أنه اذا لم تقم تركيا بعمل عسكري فان عناصر حزبه لن تقوم بأي عمليات في الأراضي التركية، مضيفا «اذا لم تقم تركيا بالمهاجمة والتعزيزات العسكرية، فنحن لن نقوم بعمليات عسكرية ضد الجيش التركي».
وشدد مسؤول العلاقات الخارجية في حزب العمال الكردستاني على حرص الحزب على التفاوض وحل الأزمة مع تركيا بالطرق السياسية والديبلوماسية مضيفا «في حال وجود مشروع سياسي وديبلوماسي، نحن حريصون على أن نأتي ونتفاوض، نحن لا نؤمن بحل هذه المشكلة عن طريق السلاح بل نؤمن بحلها عن طريق السياسة والديبلوماسية».
ويلات الحروب وخسائرها
من جانبه استبعد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني حدوث حرب تركية على اقليم كردستان العراق، وذلك رغم حشد الجيش التركي مزيدا من قواته في مناطق جنوب شرق البلاد الواقعة على الحدود مع العراق.
وقال بارزاني - في مقابلة خاصة لقناة «العربية» الاخبارية بثتها الليلة قبل الماضية - «لا اتوقع أن تقع حربا، وأتمنى ألا تقع لأني أعرف ويلات الحروب وخسائرها، لسنا جزءا من المشكلة الدائرة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، فلماذا يحدث اجتياح لاقليم كردستان؟».
وأكد المسؤول الكردي أن مسلحي حزب العمال الكردستاني متواجدون في تركيا وليس في شمال العراق، متحديا ان يكون لمسلحي الحزب أي مقار في أي مدينة أو ناحية أو قرية من قرى اقليم كردستان، وقال «اذا كان لهم تواجد فهو في مناطق نائية خالية من السكان وقوات البشمركة وقوات حرس الحدود والشرطة».
وشدد بارزاني على أن أزمة حزب العمال مشكلة تركية داخلية واقليم كردستان ليس طرفا فيها، معتبرا أن الصاق تلك المشكلة باقليم كردستان تبرير لفشل الاسلوب العسكري التركي في القضاء على حزب العمال.
وأكد رئيس اقليم كردستان العراق أنه مستعد لدعم تركيا بكل قوة اذا اعتمدت على الحل السياسي والديبلوماسي لانهاء الأزمة مع حزب العمال، الا انه شدد في الوقت نفسه على انه لن يكون طرفا في الحل العسكري.
الصفحة في ملف ( pdf )