بموجب اتفاق مع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، أخلى أنصار الزعيم القبلي صادق الأحمر أمس مباني حكومية سيطروا عليها خلال الأيام الماضية وسلموها الى لجنة وساطة، وقال الشيخ عبدالله بدر الدين «بدأ إخلاء المباني الحكومية التي يسيطر عليها المناصرون للشيخ صادق وبدأ تسليمها الى لجنة الوساطة».
وأضاف بدر الدين انه «تم تسليم مبنى وزارة الإدارة المحلية وستستمر عملية إخلاء باقي المباني وتسليمها بما في ذلك بعض مراكز الشرطة»، وأشار الى وجود «التزام بعدم إعادة استخدام هذه المباني كثكنات عسكرية»، وهو أمر اشترطه آل الأحمر وكان يؤخر إبرام اتفاق الهدنة بين الطرفين.
من جهته، أشار رئيس اللجنة عوض باوزير لـ «فرانس برس» ان «الطرفين متجاوبان مع لجنة الوساطة وهناك اجتماعات متواصلة مع الطرفين»، وأضاف «ان شاء الله سيكون هناك انفراج للازمة بشكل مرضي لجميع الأطراف وللشعب اليمني».
اما الشيخ هاشم الأحمر، اخو الشيخ صادق، فاكد لفرانس انه تم تسليم مبنى وزارة الادارة المحلية الى الشيخ فائز العوجري من الوساطة، وقال «لا نريد ان تكون هناك مواجهات مسلحة داخل العاصمة الا ان علي عبدالله صالح ارادها ان تكون حربا أهلية ونحن ضد هذا».
واضاف ان «علي عبدالله صالح وعصاباته هم من تهجموا على منازلنا ومساكننا وبيوتنا وهذه كانت ردة فعل منا، نحن نريدها ثورة سلمية واذا ارادها مسلحة فنحن مستعدون»، وكان اتفاق اخلاء المباني الحكومية الذي يشكل جزءا من اتفاق هدنة بين الطرفين، تأخر بسبب مطالبة آل الأحمر بضمانات.
وقال مصدر من مكتب الشيخ صادق الاحمر في وقت سابق ان معسكر آل الأحمر «يريد ضمانات» واوضح ان «الاتفاق غير كامل، ويجب ان تكون هناك ضمانات لعدم استخدام المباني التي تسلم كثكنات عسكرية»، في غضون ذلك، سقطت مدينة زنجبار عاصمة محافظة ابين (جنوب) في قبضة مسلحي تنظيم القاعدة بعد مواجهات دامية اسفرت عن مقتل 18 شخصا على الأقل حسبما افاد مسؤول امني وسكان، وسط اتهامات للحكومة بـ «تسليم» المنطقة للمسلحين.
وقال مسؤول امني في المحافظة غادر الى مدينة عدن الجنوبية ان عناصر القاعدة «تمكنوا من السيطرة على مدينة زنجبار عاصمة المحافظة واستولوا على جميع المرافق الحكومية ما عدا اللواء 25 ميكانيكي المحاصر» من قبل مسلحي التنظيم المتطرف.
وقد اندلعت مواجهات قوية جديدة بين المسلحين وقوات هذا اللواء امس بحسب شهود عيان ما دفع بمزيد من السكان الى النزوح، وقدر المسؤول الامني عدد عناصر القاعدة الذين اقتحموا المدينة باكثر من مائتي مسلح.
وقال «آسف لعدم اهتمام السلطة بهذا الامر»، واوضح ان «قيادة السلطة في محافظة ابين غادرت المكان قبل انفجار الموقف»، مشيرا الى انه كان بين آخر الضباط الامنيين الذين غادروا زنجبار باتجاة عدن.
وعثر مواطنون في زنجبار على جثث عشرة جنود قتلوا في المواجهات التي شهدتها المدينة الجمعة والسبت بين مسلحي القاعدة والقوات الحكومية، ليرتفع عدد قتلى المواجهات الى 17 جنديا ومدنيا واحدا على الاقل ووصف السكان الاشتباكات التي دارت بين الجانبين بـ «العنيفة» و«البشعة».
وذكر احد السكان لوكالة «فرانس برس» ان «المسلحين كانوا يقومون بقتل الجنود رغم استسلامهم ومنعونا من دفن جثامين الجنود وظلت جثثهم عرضة للشمس والرياح مرمية في الشوارع»، كما ذكر شاهد آخر ان المسلحين احرقوا عدة آليات عسكرية. وقال نظير احمد سعيد وهو احد سكان زنجبار لـ «فرانس برس» «نزحت الى عدن بسبب عدم وجود امان في مدينتنا التي سقطت بيد مسلحين يقولون انهم في القاعدة»، مشيرا الى ان عائلته كانت تعيش في «خوف وقلق منذ اشهر نتيجة تدهور الاوضاع في ابين». واضاف «صباح امس الاول دعا المسلحون عبر مكبرات الصوت المواطنين الى ممارسة حياتهم الطبيعية والخروج لفتح المحلات لكن الاستجابة كانت ضئيلة نتيجة الخوف والرعب في اوساط السكان».
من جانبه اتهم وزير الداخلية اليمني السابق حسين محمد عرب نظام الرئيس علي عبدالله صالح بـ «دعم تنظيم القاعدة» عبر «تسليمه» عددا من المدن بمحافظة ابين ما ادى الى سيطرة التنظيم على زمام الامور في زنجبار.
وقال عرب لوكالة «فرانس برس» ان القاعدة «لم تشن اي هجوم على زنجبار وكل ما حدث كان عملية تسليم قامت بها القيادات الامنية في زنجبار الى الجماعات المسلحة وترك العشرات من الجنود المساكين يواجهون مصيرهم».
واضاف ان «نظام الرئيس صالح يريد اغراق المحافظات الجنوبية في فوضى عارمة عبر السماح للجماعات المسلحة التي تدعي انتماءها للقاعدة» ودعا ابناء المحافظات الجنوبية لـ «مواجهة الجماعات المسلحة التي تدعي انها قاعدة وهي تتبع صالح».
بدورها استنكرت احزاب اللقاء المشترك (معارضة) «قيام نظام الرئيس علي عبدالله صالح بتسليم محافظة أبين وعاصمتها زنجبار لبعض الجماعات المسلحة»، وقالت في بيان لها ان «نظام صالح تعمد تسليم ابين للجماعات المسلحة التي صنعها واعدها وسلحها، ليتخذ منها فزاعة يخيف بها مختلف الأطراف المحلية والاقليمية والدولية».
وحث اللقاء المشترك «كافة قوى التغيير والثورة السلمية في ابين وفي سائر المحافظات على سرعة اتخاذ التدابير السياسية والاجتماعية لقطع الطريق على مثل هذه المخططات الاجرامية التي ينفذها صالح بعد ان سدت امامه جميع الطرق ولم يتبق أمامه سوى الرحيل الفوري»، وذكر شهود عيان ان المسلحين قاموا باطلاق سراح عشرات السجناء الذين يقبعون في السجن المركزي بزنجبار.
واكد احد رجال الامن لـ «فرانس برس» ان عدد السجناء يصل الى اكثر من 53 شخصا، وبعضهم متهم بجرائم قتل اضافة الى قضايا جنائية مختلفة.
الى ذلك، شهدت زنجبار حركة نزوح جماعي تصاعدت امس نتيجة اشتداد المعارك بين عناصر الجيش المحاصرين ومسلحي القاعدة حسبما افاد شهود عيان لوكالة «فرانس برس»، وقال شهود ان معظم سكان المدينة نزحوا باتجاه مدن جعار واحور وعدن، وشوهد بعضهم وهم يحملون حاجاتهم المنزلية.
وقال النازح عبدالله ناصر الشدادي الذي وصل الى بلدة الشيخ عثمان بعدن لـ «فرانس برس» «انا واسرتي 12 شخصا وقد غادرنا المنزل بسبب معارك الجيش مع المسلحين وسيطرت جماعات لا نعرفها على المدينة».
واضاف «ان الخوف اجبرنا على النزوح والوضع في زنجبار مأساوي فانا لدي اهل في عدن استطيع العيش معهم لكن هناك اشخاص لا يملكون شيئا»، وقال احد ضباط اللواء 25 ميكانيكي ان هناك وساطة قبلية لتسليم المعسكر الى القاعدة »لكننا رفضنا ولن يحدث ذلك».
واضاف عبر الهاتف «سنقاتل حتى اخر رصاصة ولن نسلم لمسلحين عملوا على قتل زملائنا»، معبرا عن اسفه لوجود «اشخاص من السلطة ضمن الوساطة».