بيروت - عمر حبنجر - منصور شعبان
«طارت» الجلسة الثامنة لانتخاب رئيس جمهورية لبنان، كما كان متوقعا، ولم يكن في ذلك مفاجأة لاحد، انما مفاجأة قد تكون بموقف للعماد ميشال سليمان قائد الجيش والمرشح التوافقي للرئاسة الذي تكاد البهلوانيات السياسية المرتبطة بالخارج تدفعه الى الانكفاء، وقد تكون ايضا بتعذر حصول تعديل دستوري، وبالتالي انتخاب رئيس قبل اول ثلاثاء بعد منتصف مارس، حيث تحل الدورة العادية الاولى لمجلس النواب، وحينها يصبح ممكنا تعديل الدستور اذا ما خففت المعارضة من غلواء شروطها السياسية.
والمفاجأة الثانية هي تأكيد نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي ان مرشح المعارضة الوحيد الى رئاسة الجمهورية يبقى رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النيابي العماد ميشال عون اذا لم يتم التوافق المسبق مع فريق الموالاة على سلة التفاهمات التي طرحها عون. ورأى قماطي ان رئيس المجلس نبيه بري ملتزم بالخطوط العريضة للمعارضة، وليس من خلاف بينه وبين اي من اطرافها، وحول كلام جنبلاط من ان الاستقلال يبقى مع المقاومة ومع قبولها بالاستيعاب التدريجي ضمن الجيش في مواجهة اسرائيل، اعتبر قماطي ان هذه عودة الى العقل والمنطق، لكن دائما نبقى على حذر من التقلبات الجنبلاطية، وقال ان التمسك بالمقاومة كركن اساسي من اركان القوة في لبنان امر جيد، الا ان البحث في مستقبلها يعود الى الحوار الوطني الذي انقطع منذ فترة ومن خلال القاعدة التي ثبتت في وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر والتي تحدثت عن استراتيجية دفاع وطني تقر على طاولة الحوار.
وبالعودة الى «السيد فراغ»، فهو لن يكون طليق اليدين في توسيع دائرة التلاشي على مستويات الدولة والسلطة في لبنان بعد اليوم، بحسب مصادر حكومية قالت لـ «الأنباء» ان مجلس الوزراء برئاسة فؤاد السنيورة سيعاود عقد لقاءاته الاسبوعية لتسيير اعمال الناس، ولن تتردد الحكومة في التصرف كمسؤول على رئاسة الجمهورية بموجب الدستور، وليس مجرد تصريف اعمال كما تعمل حتى الآن.
وفي اطار التحرك المنتظر، اجرى السنيورة امس سلسلة اتصالات عربية شملت وزراء خارجية السعودية الامير سعود الفيصل ومصر احمد ابوالغيط والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وكان اجرى اتصالات هاتفية بجميع رؤساء الطوائف الدينية يوم الاثنين، محذرا من تصريحات العرقلة الحاصلة للاستحقاق الرئاسي.
في السياق عينه، يمكن ادراج زيارة سفير مصر احمد البديوي الى العماد عون في الرابية امس واتصال رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان برئيس المجلس نبيه بري الذي ابرق من جهته الى وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير مهنئا على موقفه المقاطع للاحتفالات الرسمية الفرنسية بالرئيس الليبي معمر القذافي خلال زيارته لباريس.
النائب وليد جنبلاط رئيس اللقاء الديموقراطي اوفد من جهته وزير الاتصالات مروان حمادة والنائب وائل ابوفاعور الى بكركي للوقوف على رأي البطريرك نصرالله صفير بالتطورات و«الاستئناس» بهذا الرأي كما قال حمادة. وردا على سؤال عن خيارات الاكثرية في ضوء عرقلة انتخاب العماد سليمان، قال حمادة: لن نعلن خياراتنا من بكركي لأن لهذا الطرح حرمة، علما ان قيادات 14 مارس ستجتمع وتقرر ما يجب.
ملابسات «تطيير» جلسة الثلاثاء
وكانت اجواء الاتصالات بين الموالاة والمعارضة طوال يوم الاثنين الماضي عابقة بالسلبية وبالقراءات المتعاكسة للامور.
وعند الحادية عشرة من ليل الاثنين الماضي اصدرت قوى الاكثرية بيانا قالت فيه: تنقضي الايام ولبنان جمهورية من دون رئيس والنواب يستدرجون من جلسة الى جلسة من دون ان يتمكنوا من اداء واجبهم الدستوري.
وبعد هذا البيان وتحديدا عند منتصف الليل، صدر بيان عن الامانة العامة لمجلس النواب بتأجيل جلسة امس الى الاثنين المقبل.
في هذا الوقت، تلقى بري اتصالا من مدير المخابرات المصرية عمر سليمان الذي حادث ايضا مسؤولين في الاكثرية وكذلك في المعارضة بينهم عون دون معرفة كنه هذه الاتصالات.
وقال بري في اتصال ليلي اجرته معه «السفير»: لقد كنا قطعنا شوطا واسعا في التفاهم على مسألة الحكومة رئيسا وتركيبة وبيانا وزاريا مع اتصالات ايجابية مع العماد عون، لكن تعنت الموالاة تجاوز كل الحدود.
واضاف: لقد ابلغناهم بشكل حاسم اننا لن نعترف بشرعية هذه الحكومة.
عون والحريري
من جهته، قال العماد عون ان المطلوب من النائب سعد الحريري رئيس كتلة المستقبل وليس مني، تفسير سبب مواصلة عرقلة مسار التسوية، معتبرا ان المعروض عليه ان يكون مجرد «كمالة عدد» للنصاب الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ليس اكثر.
ورد الحريري متهما المعارضة بمحاولة تكريس الفراغ من خلال الاقتراحات غير الدستورية لتعطيل الانتخابات.
واكدـ احد وزراء اللـقاء الديمــوقراطي ان الرئيــس بري هو الذي فرمـل كل العــملية السياسيــة والدســتورية بناء لامر عمليات ســـوري، وشدد على ان الحكومة لن تقـف مكتوفة الايدي وان مجـلس الوزراء سيعــقد جلسات عمل اسبوعية لتسهيل امور المواطنين، ولم يستــبعد اعادة درس ترشيح العماد سليمان.
الحسيني يحسم الموقف
في غضون ذلك، وضع رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني حدا حاسما للاجتهادات التي اثارها موقفه من تعليق الفقرة الثالثة من المادة 49 من الدستور، فأعلن امس انه بالنسبة الى آلية التعديل، سواء كانت تعديلا للدستور ام تعليقا لاحدى مواده او تفسيرا لها، هي بمنزلة تعديل يحتاج الى الاحوال الدستورية نفــسها، اي المــرور بمجلس النواب والحكومة، لأنه لا فــراغ في السلطة.
اما في موضــوع الاحتمالات الناشئة عن انتهاء الدورة العادية للمجلس في نهاية الشهر الجاري، قال النائب بطرس حرب لـ «النهار» ان الوقت لم يعد لمصلحة الاستــحقاق، وكل تأخير لعملية التعديل الدستوري وانتخاب العماد سليمان سيجعل اجراء العملية امرا مســتحيلا، فاذا انتهت الدورة العادية في آخر ديسمبر سيـصبح مستحيلا على المجلس اخذ مبادرة التعديل قبل بدء الدورة العادية المقبلة في اول ثلاثاء يلي 15 مارس، وهذا يعني انه بعد بداية السـنة الميلادية الجديدة لا يحق للمجلس تقديم اقتراح تعديل الدســتور، بل يصبح ذلك محصورا برئيس الجمهورية، ونظرا الى شـغور مركز الرئاسة فإن هذه الصلاحية انتقلت الى مجلس الوزراء الذي مازالت المعارضة تطعن في شرعيته الميثاقية.
الصفحة في ملف ( pdf )