بيروت - عمر حبنجر
شيع لبنان امس وفي مأتم رسمي وشعبي مدير العمليات في الجيش اللبناني اللواء الركن فرانسوا الحاج وسط حداد عام واقفال تام للجامعات والمدارس شمل جميع المناخات اللبنانية، خصوصا المنطقة الحدودية منها في الجنوب حيث مسقط رأس الشهيد في بلدة رميش.
بداية مراسم التشييع انطلقت من المستشفى العسكري في بيروت عند السابعة صباحا ومنها جرى نقل جثمان الضابط الكبير الى منزله في بعبدا مرورا بمكان الحادث الذي استهدفه ومن ثم الى كنيسة سيدة لبنان في حريصا (جونيه)، حيث اقيم قداس وجناز لراحة نفسه ترأسه البطريرك الماروني نصرالله صفير شخصيا يعاونه عدد من المطارنة، وقد غصت قاعة الكنيسة الكبرى بالحضور الرسمي، حيث تمثل رئيس مجلس النواب نبيه بري بالنائب علي بزي والرئيس فؤاد السنيورة بنائبه وزير الدفاع الياس المر، وجلس العماد ميشال سليمان قائد الجيش بين الرئيس السابق للجمهورية امين الجميل والرئيس السابق للحكومة ميشال عون.
شارك في جنازة شهيد الفراغ الرئاسي جميع النواب والوزراء واركان الجيش والامن الداخلي والملحقون العسكريون لدى السفارات العربية والاجنبية وعائلة واصدقاء الضابط الشهيد.
صفير: الجيش سياج الوطن
وفي «الرقيم البطريركي» الذي تلاه البطريرك صفير خلال القداس، قال: ان الجيش كان وسيبقى سياج الوطن، وقد برهن بالامس في نهر البارد مثله سابقا في مجالات شتى انه درعه الواقية، وقد برهن خاصة في هذه المرحلة عن تماسك وتراص ضمن له النصر.
واضاف البطريرك صفير: نحن اليوم امام فجيعة كبيرة ليست بضابط من خيرة الضباط فحسب، بل بوطن تتلاعب به الاهواء ويسقط من ابنائه بين الحين والحين وعلى فترات ليست متباعدة اشدهم دفاعا عنه، واقدرهم على المناداة بمحاسنه وجمالاته، واكثرهم اندفاعا في سبيل الذود عن علمه وقيمه وكيانه، والوتيرة مستمرة منذ ارتفاع الكابوس ظاهرا عنه، والذي لايزال يتربص به، وكانت الضحايا تختار من بين نواب الامة والجياد من ابنائه وحماته، سواء كانوا اصحاب كلمة حرة ام رأي جريء ام قلم حر ام فكر يأبى الانصياع.
وختم البطريرك صفير بالقول: ان ما يزيد في اسفنا عليه اننا منذ اسبوعين استقبلناه في بكركي ولم نعرف ان سلامه علينا سيكون وداعا.
الجريمة أذهلت البابا
ثم كانت كلمة امين سر الدولة البابوية الكاردينال ترسيسيو برونيه الذي نقل عزاء البابا بنديكتوس السادس عشر الى البطريرك صفير ومجلس البطاركة الكاثوليك الذي علم بذهول نبأ الاغتيال المفجع للواء الحاج ومرافقه. ودعا الكاردينال برونيه الله ان يجود على المسؤولين عن الحياة العامة وعن الشعب اللبناني بالقوة المعنوية والشجاعة لكي يجدوا بمعزل عن المصالح الخاصة طريق الوحدة والمصالحة لكي يتمكن البلد من التقدم على طريق السلام والاستقرار فيكون واحدا بالنسبة الى الجميع ورسالة اخوة وعيش مشترك.
قيادة الجيش: لن يغمض لنا جفن قبل توقيف القتلة
كلمة قيادة الجيش ألقاها رئيس الاركان اللواء الركن شوقي المصري وقد غلب عليها الطابع السياسي، وتوجه اللواء المصري الى الضابط الشهيد بالقول: لقد حاولت يد الغدر والارهاب، من خلال استهدافك، يا شهيدنا البطل، استهداف المؤسسة العسكرية، ظنا انها تستطيع ان تثني الجيش عن اداء مهماته الوطنية والنيل من انجازاته، وغاب عن بالهم ايضا انهم لن يجدوا منفذا للنيل من ارادة الحياة وروح الايمان المتجذر في نفوس ابناء المؤسسة العسكرية، والمصممين اليوم، واكثر من اي وقت مضى، على بذل الغالي والنفيس حفاظا على سلامة الوطن وامن المواطن.
واعلم ان دماءك الزكية التي بذلتها قربانا طاهرا على مذبح الوطن لن تذهب هدرا، بل ستكون طريقا لوحدة لبنان التي رسخت بامتزاج الدماء ووحدة الشهادة.
دعوة للوفاق دون شروط أو قيود
واضاف: اننا باسم دمك الغالي، ندعو الجميع الى اتخاذ موقف تاريخي شجاع يفضي الى بناء جسور الثقة والتواصل بين الاطراف والمسارعة الى تحقيق المصالحة والوفاق من دون شروط او مساومات او قيود، لأن المصالحة والوفاق لا يتوقفان على موازين القوى والتجاذبات السياسية، فسيل دماء الشهداء يستحق منا التضحية والتنازل عن كل ذلك، على ان تكون الثقة المتبادلة هي الضمانة الاساسية والوحيدة لجميع الافرقاء.
العماد سليمان يتقبل التعازي
وبعد القداس، وقف العماد سليمان بين ارملة اللواء الشهيد واولاده لتقبل التعازي فيما كان النعش يتجه بموكب كبير الى رميش البلدة الحدودية التي تبعد عن بيروت اكثر من 100 كيلومتر، فيما غطت الاعلام اللبنانية جوانب الطرق التي عبرها الموكب الى جانب صوره وهو في ثياب القتال.
واطلقت هتافات داعمة للجيش الموحد للوطن، وكانت الانطباعات متطابقة بأن هدف هذه الجريمة احباط الآمال التي يعلقها اللبنانيون على الجيش منذ خروجه من معركة نهر البارد مع الارهابيين سالما منتصرا وموحدا.
وكان اللافت الحشود الجماهيرية في صيدا وصور ومختلف البلدات الواقعة على الطريق الى رميش رغم العواصف المطرية التي هبت على لبنان.
وفي رميش التي وصلها الموكب بعد العصر سجي النعش في «كنيسة التحلي» وسط حشود من اهالي القرى المجاورة ومن ثم ووري الثرى في جبانة البلدة.
تشييع الشهيد هدوان في البقاع
في غضون ذلك، كان هناك مأتم آخر يجري في بلدة حزين في قضاء بعلبك للرقيب الاول الشهيد خيرالله علي هدوان سائق سيارة اللواء الحاج الذي قضى معه.
الصفحة في ملف ( pdf )