توافدت قوافل حجاج بيت الله الحرام مع اشراقة شمس امس الموافق التاسع من ذي الحجة الى صعيد عرفات ليشهدوا ركن الحج الأكبر والوقوف بعرفات الله في أجواء ايمانية يغمرها الخشوع والسكينة ووسط مظاهر العبودية الكاملة لله سبحانه وتعالى.
وتحركت مواكب أكثر من ثلاثة ملايين من الحجيج من منى على متن السيارات ومشيا على الأقدام عبر الأنفاق بعد أن باتوا ليلتهم على صعيد منى الطاهر وقضوا يوم التروية اول من امس متأسين بالرسول الكريم محمد ( صلى الله عليه وسلم ).
وترافقت رحلة الحجيج من صعيد منى الى عرفات بالتكبير والتهليل والدعاء الى الله سبحانه تعالى مبتهلين الى الله أن يمن عليهم باتمام حجهم سائليه عز وجل العفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار في هذا اليوم العظيم.
وردد الحجاج نداء الحج الخالد الذي ردده نبيهم الكريم مع أصحابه في حجة الوداع «لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك..ان الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك».
والوقوف بعرفة هو الركن الأساسي للحج مصداقا لقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) «الحج عرفة» ويعنى وقوف الحاج على أي جزء من الحدود الشرعية لعرفات ولو لساعة من النهار حتى غروب الشمس وليس بالضرورة الصعود الى أعلى قمة جبل عرفات.
وعرفات ليس جمع عرفة كما يظنه البعض انما هي مفردة على صيغة جمع وهي فسيح من الأرض محاط بقوس من الجبال أشهرها عرفات وهو أكمة صغيرة شبيهة بالبرث يصعد عليها بعض الحجاج يوم وقفة عرفة. والوقوف على أي بقعة منه يكمل الحج لقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) «وقفت ها هنا بعرفة وعرفة كلها موقف».
واستمع الحجاج الى خطبة عرفة في مسجد نمرة بعرفات الذي يستوعب نحو 500 الف مصل، قبل أن يؤدوا صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا بأذان واحد واقامتين جمع تقديم فيما يؤدي بقية الحجاج الصلاة خارج المسجد أو في خيامهم بعرفات.
وقد تقدم المصلين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية.
وأم المصلين سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وألقى خطبة قبل الصلاة استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر.
ودعا الناس الى تقوى الله في السر والعلن وتوحيده واقامة أركانه والتمسك بنهج الله القويم واتباع سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع أعمالهم وأقوالهم.
وودعا المفتي العام للسعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بالسعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المسلمين في خطبة عرفات إلى التمسك بنهج الله القويم واتباع سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع الأعمال والأقوال.
وحث المسلمين على الاعتصام بحبل الله وتوحيد الصف والكلمة لمجابهة مكائد أعداء الإسلام والتمسك بشريعة الإسلام قولا وعملا لإبراز الوجه المشرق للاسلام ونشر تعاليمه السمحة الداعية للتسامح والمحبة والسلام.
وشدد المفتي على ضرورة محاربة الإرهاب بكل أشكاله وصوره وحث الشباب على الالتزام بالوسطية والاعتدال وترسيخ المفاهيم الصحيحة للشريعة الإسلامية التي تقوم على العدل والمساواة ونبذ الغلو والتطرف.
وحذر من حملات الاستهداف التي تواجهها الأمة الاسلامية في عقيدتها ووحدتها وقيمها وأخلاقها وفي مناهجها التعليمية، موضحا أن أعداء الإسلام يسعون إلى زعزعة استقرار الأمة الإسلامية واستغلال مواردها الاقتصادية لإضعافها ومنعها من القيام بدورها الرسالي في دعوة الناس إلى الخير والأعمال الصالحة.
ودعا رجال الإعلام الى التقوى في حمل الأمانة والعمل على نشر الفضيلة والصورة المشرفة للاسلام والوقوف ضد أعمال السحر والشعوذة والانحطاط والانحلال وكذلك دعا المرأة إلى الانضباط وعدم الوقوع في براثن تجار الشهوات الذين يستغلون جسد المرأة وجمالها.
وأكدت السلطات السعودية امس اكتمال خطة صعود حجاج بيت الله الحرام الى صعيد جبل عرفات بنجاح وفي زمن قياسي ليشهدوا الوقفة الكبرى للركن الأساسي في مناسك الحج وهو «الوقوف بعرفة».
وقال أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل ان جميع الحجاج الذين يقدر عددهم بأكثر من ثلاثة ملايين حاج استقروا في صعيد عرفات في سكينة وطمأنينة وان حالتهم الأمنية والصحية ممتازة ولم ترد أي حالات وبائية أو حوادث مرورية أو أمنية.
وأضاف الأمير خالد الفيصل أن وقوف الحجاج على صعيد عرفات قد اكتمل حسب الخطة المعتمدة لحج هذا العام بفضل الجهود الضخمة التي بذلتها الجهات المعنية بشؤون الحج وما سخرته الحكومة السعودية من قدرات ووفرته من طاقات بشرية وآلية.
بعد ذلك بدأت جموع الحجيج نفرتها الى مزدلفة حيث صلوا بها المغرب والعشاء جمعا وباتوا ليلتهم فيها حتى فجر اليوم العاشر من شهر ذي الحجة (يوم عيد الأضحى المبارك).
الصفحة في ملف ( pdf )