جيمس زوغبي
على الرغم من الإقرار بمدى أهمية قضية السلام العربي الاسرائيلي ووجودها في بؤرة المصالح الأميركية المرتبطة بتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط إلا أن مؤتمر السلام الذي عقد مؤخرا في أنابوليس لم يلق اهتماما يذكر من قبل المرشحين الستة عشر المتنافسين على رئاسة الحزبين الديموقراطي والجمهوري.
ولم نسمع تعليقات سوى عدد قليل من هؤلاء المرشحين بل لم يأت هذا التعليق إلا بعد سؤالهم عن المؤتمر. وفي برنامج الطبعة الأخيرة على محطة الـ «سي إن إن» أبدى الجمهوري مايك هوكابي اعتراضا على أن اسرائيل يجب ألا تتعرض لضغوط لتسليم الضفة الغربية وذلك أن العرب لديهم بالفعل الكثير من الأرض. بينما أيد السيناتور كريس دود على المحطة الاخبارية نفسها الجهود المبذولة الا أنه وجه انتقاده الى إدارة بوش على تجاهلها العملية سبع سنوات.
وهذا التجاهل لقضية السلام في الشرق الأوسط يأتي متماشيا مع حملة انتخابات 2008. فالمرشحون لن يتعرضوا للقضية إلا إذا دعوا الى ذلك وهو ما يحدث عادة عندما يتحدثون امام جمهور من الاسرائيليين او العرب الأميركيين او ان تطرح القضية في معرض التحدي خلال لقاء عام ضمن الحملات الانتخابية. وقد عبرت الغالبية العظمى من الجمهوريين (باستثناء رون بول) عن موقف عدائي من جهود صنع السلام (وهم بذلك يأخذون موقفا أكثر تشددا حتى من أكثر المحافظين الجدد تشددا)، بينما يدين معظم الديموقراطيين إدارة بوش على إهمالها لعملية السلام ويعدون بتقديم الأفضل.
ومع تبقي اقل من شهر على موعد المؤتمرات الحزبية في ايوا وأول انتخابات وطنية حزبية في نيو هامبشاير، تظهر الاستطلاعات في كلتا الولايتين ان الذين قد يجرؤون على تغيير استراتيجيتهم هم هؤلاء المرشحون الذين لا يخشون تخبط الاصوات المؤيدة لهم صعودا وهبوطا. وفي الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة زوغبي انترناشونال خلال الأسبوع الأول من الجاري في أيوا ونيو هامبشاير ظهر أن الناخبين في الولايتين يعتقدون بان انهاء الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني يمثل هدفا مهما للسياسة الخارجية الأميركية والاحتمال الغالب ان الناخبين سيؤيدون المرشح الذي يعلن عزمه فعل كل ما هو ممكن للتوصل الى سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. (وقد شملت الاستطلاعات في أيوا 514 من الجمهوريين و514 من الديموقراطيين وهم من الاشخاص المحتمل مشاركتهم في المؤتمرات الحزبية مع بقاء هامش الخطأ عند 4.4 % بالسالب أو بالموجب. وفي نيو هامبشاير تم استطلاع آراء 500 من الجمهوريين و502 من الديموقراطيين من المحتمل مشاركتهم في الانتخابات الحزبية بهامش خطأ 4.5% بالسالب أو بالموجب).
ويشترك كلا الحزبين في تأييد تلك الفرضية. ففي أيوا على سبيل المثال الاحتمال الأكثر توقعا أن يؤيد ثلث الديموقراطيين والجمهوريين المرشحين الذين يدعمون السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين مقابل 2% فقط من الديموقراطيين و8% من الجمهوريين يتضاءل احتمال تأييدهم مثل هؤلاء المرشحين. وبالنسبة لستة من كل عشرة فإن الأمر لا يمثل لديهم اختلافا.
وفي الوقت نفسه فثلاثة أرباع الديموقراطيين والجمهوريين يتفقون على ان حل الدولتين الذي يوفر السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين يجب ان يكون هدفا مهما في السياسة الخارجية الأميركية. وينسحب ذلك على الجمهوريين والديموقراطيين في أيوا ونيو هامبشاير.
وهناك مجموعة من سكان أيوا يطلقون على أنفسهم اسم «سكان أيوا المهتمون بالسلام في الشرق الأوسط» يطالبون بعقد مؤتمر حزبي للمرشحين الذين سيلتزمون بتعهد بسيط وهو: إذا انتخبت رئيسا سأفعل كل ما هو ممكن لدفع المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق السلام والأمن لإسرائيل وضمان قيام دولة مجاورة للفلسطينيين.
وحتى الآن هناك ألفان من سكان ايوا أعلنوا تبنيهم لهذا الموقف. ومن بين المرشحين لم يوقع بشكل مباشر على التعهد سوى دنيس كوسينيتش فيما يتخذ باراك اوباما وبيل ريتشارد صن مواقف متوافقة مع ذلك التعهد الذي تدعو اليه مجموعة سكان أيوا المهتمين بالسلام.
ومع اقتراب موعد انعقاد المؤتمرات الحزبية أوائل يناير في أيوا وإجراء الانتخابات الحزبية في نيو هامبشاير ربما يتجه المرشحون المتطلعون الى توسيع دائرة مؤيديهم الى تبني السلام في الشرق الأوسط بشكل قوي. ومع التوافق الزمني للأعياد الدينية لليهود والمسيحيين والمسلمين اواخر الشهر الجاري يبدو ان الحديث عن السلام في الأراضي المقدسة ستكون له أصداء واسعة. والنسب التي كشفت عنها استطلاعات الرأي للموقف المؤيد للسلام الاسرائيلي الفلسطيني تأخذ منحنى قويا آخذا في التصاعد وليس الهبوط.
عن الـ «واشنطن بوست»
صفحة قضايا في ملف ( pdf )