عواصم - احمد عبدالله
على وقع اعمال العنف التي امتدت من اقصى باكستان الى اقصاها ودع الباكستانيون امس رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو التي ووريت الثرى في مقبرة اسرتها الى جانب والدها ذو الفقار علي بوتو في جنوب البلاد بمشاركة حشد هائل من انصارها.
ودفنت بوتو التي لف نعشها بعلم حزب الشعب الباكستاني بعيد الساعة الحادية عشرة بتوقيت غرينتش في ضريح جارهي خودا باكش قرب مدينة لاركانا مسقط رأسها في اقليم السند.
وتجمع مئات الآلاف من الاشخاص لتشييع بوتو التي دفنت قرب والدها ذو الفقار علي بوتو اول رئيس منتخب للحكومة في البلاد قبل ان يطيح به الجيش ويعدمه في 1977.
واتهم المتحدث باسم وزارة الداخلية الباكستانية تنظيم القاعدة «على الارجح» بالوقوف وراء الاغتيال الدامي، وقال ان القاعدة اعلنت في بيان مسؤوليتها عن عملية الاغتيال، مشيرا الى ان بوتو كانت قد تلقت سابقا تهديدات من هذا التنظيم، واضاف انه من المبكر جدا تحديد هوية القاتل.
وتلقت القوات الامنية أمس اوامر باطلاق النار على مسببي اعمال الشغب في مدينة كراتشي (جنوب البلاد) لمنع وقوع اي اضطرابات، ونشر حوالى 16 الف عنصر في اقليم السند، بينهم عشرة الاف في عاصمته كراتشي فقط.
رأس الانتحاري
هذا واعاد محققون باكستانيون امس تجميع رأس بشري مشوه املا في تحديد هوية الرجل الذي يشتبه في انه قتل زعيمة المعارضة الباكستانية بينظير بوتو في هجوم انتحاري.
وقال سعود عزيز، قائد الشرطة في روالبندي، «انتشلنا رأسا واعيد تجميعه، كما عثرنا ايضا على اصابع ونجري اختبارات لتحديد الشيفرة الوراثية لاجراء مقارنة بين الرأس والاصابع».
وقال مسؤول امني ان بوتو لقيت حتفها نتيجة لاصابتها بأعيرة نارية في الرأس والرقبة، واسفر التفجير عن مقتل 17 شخصا آخرين.
وقال عزيز ان عينات اخذت من الموقع لاجراء اختبارات لتحديد نوع المتفجرات التي استخدمت.
ورفض عزيز التكهن بمن قد يكون وراء مقتل بوتو، الا ان الهجوم يحمل كل بصمات الهجمات التي يشنها مسلحون اسلاميون يقاتلون لزعزعة استقرار حكومة الرئيس برويز مشرف حليف الولايات المتحدة.
حداد وطني
واعلن حداد وطني لثلاثة ايام في البلاد تكريما لبوتو التي اصبحت عام 1988 اول امرأة ترأس حكومة دولة اسلامية.
واثار اغتيالها مخاوف من زعزعة استقرار هذا البلد الذي يضم 160 مليون نسمة ويمتلك السلاح النووي ما ادى الى تراجع البورصات في منطقة آسيا، المحيط الهادئ اثر تراجعها في وول ستريت.
واكدت الولايات المتحدة التي تعتبر اسلام اباد حليفتها الاساسية في «الحرب على الارهاب» للباكستانيين دعمها مع الاصرار على اجراء الانتخابات التشريعية والاقليمية في موعدها المقرر في الثامن من يناير.
ودفع اغتيال زعيمة المعارضة الباكستانية السابقة فجأة المرشحين للانتخابات الرئاسية الاميركية الى التحدث عن الارهاب والامن القومي قبل اسبوع من بدء الانتخابات التمهيدية.
وقد اعاد اغتيال بينظير بوتو موضوع «الحرب ضد الارهاب» الى محور الحملة الانتخابية التي طغت عليها حتى ذلك الحين ملفات اجتماعية اقتصادية وكذلك الاسئلة حول الشخصيات الافضل لادارة ازمات دولية، قبل اسبوع على بدء المجالس الانتخابية في ايوا (وسط) في 3 يناير.
هيلاري حزينة
وسارع كل المرشحين الى اعلان معرفتهم الشخصية ببوتو او الرئيس الباكستاني برويز مشرف.
وتسابـــق المرشــحـــون الديموقراطيون خاصة هيلاري كيلنتون وباراك اوباما الى اعلان موقفيهما، فقد أعربت هيلاري عن حزنها العميق، مؤكدة أن مقتل بوتو «مأساة لبلادها»، بينما وصف أوباما الحادث بأنه «فظاعة إرهابية».
وقال جون ادواردز، الثالث في ترتيب المرشحين الديموقراطيين، انه تحدث مع الرئيس مشرف بعد اغتيال بوتو لكي يطلب اليه العمل من اجل ارساء الديموقراطية في البلاد وافساح المجال امام اجراء تحقيق دولي.
اما باراك اوباما، فقد عبر عن صدمته وحزنه ازاء هذه «الفظاعة الارهابية» ودعا الى الحزم «في رغبتنا انهاء مثل هذا النوع من الاعمال الارهابية التي تشهدها ليست فقط باكستان وانما مناطق اخرى في العالم».
من جهة الجمهوريين، اعتبر رئيس بلدية نيويورك السابق رودولف جولياني الذي يركز حملته الانتخابية على موضوع الامن القومي، ان اغتيال بوتو يذكر بان «الارهاب سواء كان في نيويورك او لندن او تل ابيب او روالبندي هو عدو الحرية».
وقال «علينا مضاعفة الجهود لكسب حرب الارهابيين ضدنا» مكررا بذلك احد شعارات حملته الانتخابية. من جانبه قال السناتور جون ماكين انه «متأكد من انه كان سيتمكن من ادارة هذه الازمة» لو كان رئيسا.
واوضح في حديث لشبكة «ام اس ان بي سي» انه التقى «بينظير بوتو، واعرف جيدا مشرف، كما انني اعرف المنطقة وزرت باكستان عدة مرات كما ذهبت الى وزيرستان» المنطقة القبلية في شمال غرب باكستان.
التمسك بالديموقراطية
في سياق متصل حث رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون الرئيس الباكستاني برويز مشرف على «التمسك بنهج» الديموقراطية والاستقرار ووصف اغتيال بوتو بأنه «عمل ارهابي جبان» يهدف لاثارة الفوضى في الانتخابات المقررة يوم الثامن من يناير المقبل .
وقال براون في بيان وزع بعدما تحدث هاتفيا مع مشرف «المجتمع الدولي متحد في غضبه وتصميمه على أن من ينحطون الى تلك الاساليب يجب ألا ينتصروا».
واضاف «لذلك اشجع الرئيس برويز مشرف على التمسك بالنهج الذي رسمه لبناء الديموقراطية والاستقرار في باكستان».
صلاة الغائب في بريطانيا
واقام المصلون المسلمون في بريطانيا بعد صلاة الجمعة امس صلاة الغائب على روح زعيمة المعارضة الباكستانية الراحلة بينظير بوتو، فيما حذرت الحكومة البريطانية رعاياها من السفر الى باكستان.
الصحافة العالمية
وتصدر خبر اغتيال بوتو الصحافة العالمية التي اجمعت على ان باكستان باتت على شفير «الفوضى» و«الهاوية» و«الهوة» مبدية مخاوف من ان يغرق هذا البلد في الحرب الاهلية غداة رحيل رئيسة الوزراء السابقة.
وكتبت صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون في صفحتها الاولى معلقة على مقتل بوتو «ان اغتيال بوتو يهدد باغراق باكستان في فوضى سياسية».
ووصفت صحيفة التايمز بوتو بالمرأة ذات «الحضور والشجاعة الاستثنائيين» ونددت باغتيال «يهدف الى القضاء على حق باكستان في الخيار» مضيفة «على باكستان، اكراما لذكراها ان تثبت ان الديموقراطية ستنتصر على الدوام على التطرف القاتل».
وكتبت ديلي تلغراف ان بوتو «ايا كانت عيوبها كانت تجسد المقاومة في وجه الهيمنة العسكرية في بلد لم يعرف الديموقراطية سوى لفترات قصيرة» مضيفة «ان اغتيالها يثير شكوكا بشأن عودة السلطة الى الشعب».
ويوم اغتيالها هو «يوم موت الديموقراطية» في باكستان بنظر ذي صن التي اشادت بأول امرأة في التاريخ الحديث تتزعم بلدا اسلاميا واصفة اياها بانها «اميرة الشعب الباكستاني».
وذكرت صحيفة كوريري ديلا سيرا الايطالية «اول ما يتبادر الى اذهاننا هو تحديدا شجاعتها الجسدية والسياسية»، معتبرة ان باكستان باتت «علامة استفهام وستبقى اكثر من قبل قنبلة ذرية موقوته».
ورأت صحيفة الحياة العربية التي تتخذ من لندن مقرا لها ان مصير بوتو كان محتوما وكتبت ان «برنامجها انتحاري» مضيفة انها كانت تطالب الجنرالات بالعودة الى الثكن بعدما أدمنوا الاقامة في مواقع القرار وتطالب بلجم مصانع التطرف في المدارس الدينية».
تغطية خاصة في ملف ( pdf )