بدل المتنافسون على الترشح للرئاسة الاميركية خطابهم من الهجوم على الخصوم الى استرضاء جماهير أيوا عشية أول انتخابات حزبية تمهيدية تشهدها الولايات المتحدة لاختيار مرشح الرئاسة واطلقوا فرق العمل التابعة لهم لطرق الأبواب لدعوة الناخبين للذهاب الى صناديق الاقتراع، اذا لم يكن للتصويت لهم، بينما توقع محللون الا تحسم النتائج موقف متصدري السباق.
ويتوجه اليوم أكثر من 135 ألف ديموقراطي و85 ألف جمهوري في أيوا الى تجمعات التصويت التي تزيد عن 1780 ساحة للمشاركة في التصويت الذي سيجرى على مراحل من الضاحية الى الدائرة الى المدينة فالمقاطعة فالولاية، ويخشى المتنافسون أكثر مايخشون من تقاعس الفئة الصامتة عن الذهاب الى ساحات التصويت وهو ماحذر منه الديموقراطي باراك أوباما - الذي يتصدر استطلاعات الرأي بين الديموقراطيين في أيوا- خلال خطاب في اتباعه أمس الاول.
وقال أوباما ان هذه الاستطلاعات ليست كافية بل يجب ان تترجم الى اصوات من خلال التوجه الى مراكز الاقتراع التي تتراوح بين المدارس ومراكز الاطفاء وقاعات الجمنزيوم. وكانت هذه هي نفس الرسالة التي أكد عليها حاكم أركانسو مايك هوكابي الذي يتصدر استطلاعات الرأي بين الجمهوريين.
ويعول المتسابقون كثيرا على هذا الاقتراع نظرا لأنه غالبا مايكون مؤشرا لمن سترسو عليه قرعة الاختيار للترشح للرئاسة ، ولعل الاستطلاع الذي أجرته جريدة ديموين ريجستر - وهو من أوثق الاستطلاعات التي تسبق انتخابات أيوا التمهيدية - يشهد على صعوبة التنبؤ بنتائج هذه الانتخابات الحزبية حيث ان هناك منافسة محمومة وتقاربا في المراكز بين الخصوم الثلاثة الأوائل من الديموقراطيين (أوباما وهيلاري وادواردز) أو بين الجمهوريين هوكابي وحاكم ماسيتيوتس السابق ميت رومني، ولهذا فان الأصوات المتأرجحة ستلعب دورا مهما في ترجيح كفة بعض المتنافسين خاصة ان نحو نصف الناخبين لم يحسموا أمر اختيارهم بعد.
وفي التجمع الذي خطب فيه جوزيف بايدن، وهو أحد سكان القاع في استطلاعات الرأي بين المتنافسين الديموقراطيين، حضر أكثر من 500 شخص للاستماع اليه وهو مايزيد على أكبر تجمع حضر لمن يتصدرون قائمة المتسابقين الجمهوريين في استطلاعات الرأي.
وقد عمد المتنافسون الى تجنب الخطاب السلبي الذي اتسمت به الحملة خلال الأسابيع الأخيرة حيث بدت نبرة هيلاري وأوباما وادواردز بل وهوكابي اكثر لطفا حيث ان الأخير اعلن تراجعه عن حملة اعلانية مضادة كان قد صممها للرد على رومني الذي استهدفه في الأيام الأخيرة بعد أن بدأ نجم هوكابي يصعد وينطلق الى مقدمة السباق، ومن عجائب أيوا ان استطلاعات الرأي وضعت عمدة نيويورك السابق رودي جولياني في ذيول القائمة حيث لم يتجاوز الخمسة في المائة من اصوات من شملهم استطلاع ديموين ريجستر بينما ظل يتصدر استطلاعات الرأي على المستوى العام لشهور.
المرشحون يغازلون
وقد أمضى المتنافسون لياليهم الأخيرة في أيوا يغازلون الناخبين من أوباما -الذي أشار الى زوجته ميشيل بلقب «سيدة اميركا الأولى المقبلة»، الى هوكابي، الذي راح يعزف البيانو أمام جمهور واحد من اشهر البرامج الكوميدية في اميركا، الى هيلاري التي احضرت أمها البالغة من العمر 80 عاما وابنتها تشيلسي، وخطب ادواردز في جمهوره وبجواره زوجته وطفلاه في محاولة لحشد الطبقة العاملة والمتوسطة للذهاب الى التصويت.
ويعد اقتراع ايوا من اقوى الانتخابات التمهيدية في تاريخ الانتخابات الاميركية حتى ان جيشا يضم نحو 2500 صحافي توافد على الولاية على مدى اليومين الماضيين لتغطية هذه الانتخابات وهو مايزيد على ضعف عدد الصحافيين الذين غطوا انتخابات 2004. لكن المعضلة التي يشكلها اقتراع أيوا هو التقارب الشديد بين المتنافسين الديموقراطيين، على الأخص، حيث من الممكن ان تقترب نتائج الاقتراع من نتائج الاستطلاع وبالتالي تحول دون القطع بادعاء الفوز، ولايستبعد كثير من المحللين تعادل المتنافسين الديموقراطيين الثلاثة الأوائل حتى أن أحد كبار مستشاري حملة أوباما - ديفيد أكسلرود- قال أن هذا ربما يجعل ثلاثتهم كمساجين تم تعليق أحكام تتعلق بالحياة أو الموت لهم لمدة ستة اشهر مقبلة.
ومن شأن هذه النتيجة ان تضع الحزب الديموقراطي في مأزق يتمثل في اطالة أمد عملية حسم اختيار مرشحهم للانتخابات الرئاسية.
اما بالنسبة للجمهوريين فلاينتظر أن يمثل اقتراع ايوا معضلة حيث ان السباق هناك يكاد ينحصر بين هوكابي ورومني ومهما حدث هناك فيبدو ان السباق الجمهوري سيستمر حتى تبدأ حملات الانتخابات التمهيدية على مستوى الولايات في الأسبوع الأول من فبراير المقبل.
الصفحة في ملف ( pdf )