وسط مخاوف من ان تكون خطوة على طريق تقسيم ليبيا ومظاهرات منددة في طرابلس وبنغازي، أعلنت شخصيات من قبائل المنطقة الشرقية لليبيا أمس منطقة برقة التي تمتد من مدينة بني جواد وحتى أمساعد نقطة الحدود الليبية ـ المصرية إقليما فيدراليا وشكلت له مجلسا تأسيسيا.
ليبيا دولة موحدة
وتحت شعار ليبيا دولة موحدة أعلن بمدينة بنغازي التي انطــلقت منها شرارة ثورة 17 فبراير التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي عن تشكيل المجلس التأسيسي لإقليم برقة برئاسة أحمد الزبير السنوسي العضو المؤسس للمجلس الانتقالي.
وأصــدر المشاركون في مؤتمر التأسيس ميثاق برقة للعيش المشترك لسكان هذا الإقليم وطالبوا بالعودة إلى الدستور الملكي للعام 1951 الذي يعتمد على تقسم البلاد إلى ثلاثة أقاليم هي: برقة وفزن وطرابلس.
ولم يكترث منظمو هذا التجمع بالتظاهرات الكبيرة التي نظمت في العديد من المدن الليبية طوال يوم أمس وأمس الأول بما فيها مدينة بنغازي والتي رفضت بشدة تقسيم ليبيا إلى أقاليم معتبرين ذلك خطرا على وحدة البلاد وخاصة في الظروف الأمنية التي تعيشها.
أنصار الفيدرالية
لكن أنصار الفيدرالية بالمنطقة الشرقية يؤكدون على رؤيتهم وتمسكهم بهذا النظام السياسي باعتباره النظام العلمي السليم لإدارة الحكم في ليبيا وفقا لما أكدته أستاذة القانون الدولي عزة الحوثي في كلمة ألقتها خلال الإعلان عن ظهور هذا الإقليم. وقالت ان الجميع يعرفون ذلك ولكنهم يتجاهلونه من أجل مركزية بغيضة ترهق الدولة.
وأكدت أن المجلس الذي سيعلن عن تشكيله فيما بعد وأعضاء المؤتمر لم يخططوا للفوز بمناصب في الحكومة كما يفعل الآخرون الذين فقدوا وطنيتهم في ظل الفوضى التي تعم البلاد.
التجربة السويسرية
وقال د.أبوبكر معيله عضو مجلس أعيان برقة والمجلس الانـــتقالي للاقــليم إن الفــيدرالية التي ينادي بها سكان هذا الإقليم لا تعني انقساما في الدولة مستشهدا في هذا الخصوص بالأنظمة المشابهة في أميركا وألمانيا وسويسرا واستراليا.
وأوضح في كلمة له أمام المؤتمر «لا نريد لأي حاكم كائن من كان أن يحكم بعيدا عما يريده الشعب الليبي».
وأضاف معيله أن الشعب الليبي بعد أن عانى ولايزال يعاني من أساليب الاستبداد بالرأي والانفراد بالحكم وفقدان الشفافية يجب عليه ألا يقبل بعد اليوم أي نوع من أنواع الحكم الذي ينفرد فيه شخص أو جماعة بالسلطة، لأنه مهما كانت النوايا حسنة لدى الحكام المتفردين بالسلطة، فإن هذه السلطة ستقودهم وتقود شعوبهم في النهاية نحو الصدام والصراع.
نمط الحكم المناسب
وأوضح أن الفلسفة الرئيسية من وراء عقد المؤتمر هي تنبيه الليبيين حكاما ومحكومين الى أن يختاروا لأنفسهم نمط الحكم المناسب الذي يعمل على الحد من سلطة الدولة المركزية وتعسفها في استخدام تلك السلطة ضد مواطنيها.
وتابع «لا توجد مخاوف مما يدعيه البعض بأن الفيدرالية تعني تقسيم الوطن»، متسائلا «هل هناك خطر على دول مثل أميركا أو ألمانيا أو سويسرا أو أستراليا من تقسيم بلدانها بسبب اتباعها نظام الاتحاد الفيدرالي؟»، مشيرا إلى أن الفيدرالية تعمل على التخفيف من تعسف الدولة ضد أقاليمها ومواطنيها الأمر الذي يشعر هؤلاء المواطنين بالأمن والاطمئنان.
قانون للعزل السياسي
وأعرب معيله عن أمله في أن يثمر هذا المؤتمر عن توصية بضرورة سن قانون للعزل السياسي لمنع بقايا النظام السابق من التسلل إلى الدولة الجديدة، قائلا «لسنا دعاة تقسيم بل نطلب وحدة وطنية حقيقية، وان برقة لن تهمش بعد اليوم».
وفي طرابلس، أعاد المجلس الانتقالي الليبي خلال اجتماعه مساء أمس الأول بالعاصمة طرابلس انتخاب مصطفى عبدالجليل رئيسا له، كما اختار نائبين له.
وقال عضو المجلس الانتقالي مصطفى لندى إنه جرى خلال الاجتماع اختيار د.مصطفى الهوني نائبا أولا لعبد الجليل، فيما تم اختيار سالم قنان نائبا ثانيا.
وأوضح أن مدة عمل المجلس الانتقالي سوف تظل كما هو مقرر لها إلى حين انتخاب المؤتمر الوطني العام (الجمعية التأسيسية) والمقرر لها أن تتم في 23 يونيو المقبل.
بنود الاعلان الدستوري
وأشار الى ان هذا الانتخاب جاء تنفيذا لأحد بنود الإعلان الدستورى الليبي المؤقت والذي ينص على أنه يتم انتخاب رئيس المجلس ونائبين له عندما يتم تحرير ليبيا وتكون جميع المجالس المحلية ممثلة في المجلس الانتقالي.
من جانبه، جدد د.عبدالرحيم الكيب رئيس الوزراء الليبي دعوته للثوار الليبيين إلى الانضمام لوزارتي الدفاع أو الداخلية، أو الانتساب إلى هيئة شؤون المحاربين لمن أراد منهم العودة للحياة المدنية.
وأضاف الكيب ـ في تصريحات خاصة لقناة «ليبيا»الفضائية أمس الأول ـ أن برنامج دمج الثوار في مؤسسات الدولة يشهد تطورا كبيرا، مشيرا إلى أن قرابة 15 ألفا من الثوار قد انضموا لوزارة الداخلية، فيما انضم 10 آلاف آخرين لوزارة الدفاع.
مخاوف على الثورة
لكن الكيب انتقد طريقة الانضمام لهاتين المؤسستين على شكل مجموعات أو كتائب أو أجهزة أمنية وليس كأفراد، إلا أنه أرجع ذلك إلى تخوف هذه الكتائب والأجهزة على الثورة وسعيا منهم لحمايتها.
ودعا الكيب الليبيين الى حماية الدولة من «أشباه الثوار»، وإنهاء سيطرة المسلحين على مقار الحكومة.
وقال الكيب خلال برنامج «لقاء مع وزير» على شاشة التلفزيون الليبي، «هناك تضامن لابد منه بين الحكومة والشعب، والأغلبية الصامتة عليها الخروج لحماية مؤسسات الدولة من أشباه الثوار، على الشارع الليبي الخروج للحفاظ على الثورة».
الاتجاه للامركزية
وأضاف الكيب «على الشارع أن يفعل صوته الصامت بالقول لا لمن يسيطر على مقرات الدولة ويغتصب أراضيها، ولا لغير مؤسسات الدولة».
وعن إقامة فيدرالية في ليبيا وخصوصا إعادة إحياء اقليم برقة في شرق البلاد، قال الكيب «نحن نشعر بأننا لسنا بحاجة للفيدرالية ولسنا مضطرين للفيدرالية، ونتجه للامركزية، ولا نريد العودة 50 عاما إلى الخلف».
وأضاف ان «الحكومة بصدد إنشاء ديوان لها في بنغازي وآخر في سبها وسيفعل لتسهيل حركة المواطن».