بيروت - عمر حبنجر
خطف الوضع الامني في طرابلس الوهج السياسي المتصل بمباحثات تشكيل الحكومة لليوم الثاني على التوالي امس، لكن دينامية الجيش والقوى الامنية في مواجهة الاشتباكات استطاعت امس ان تحاصر الانفعالات النارية المتطايرة بين التبانة وبعل محسن في الشمال.
وهكذا لم تغب مسألة تشكيل الحكومة والمراوحة المكانية التي تتسم بها على المسرح تماما، وها هي مصادر الرئيس نبيه بري تقول انه خاطب الرئيس فؤاد السنيورة على الهاتف بقوله: انصحك ان تقبل بتوزير علي قانصوه لانك اذا لم تقبل به ستضطر لاحقا الى القبول بمن لا يرضيك أكثر منه بكثير.
وبحسب اذاعة النور الناطقة بلسان حزب الله التي نقلت خبر هذا الاتصال ان الرئيس بري اضاف ان الغالبية تماطل في تأليف الحكومة الى ما بعد قمة الاتحاد المتوسطي في باريس نهاية هذا الاسبوع، لكي ينغصوا هذا المؤتمر ويشوشوا على اللقاءات التي ستعقد على هامشه في اشارة الى اللقاء المرتقب بين الرئيس ميشال سليمان والرئيس بشار الاسد.
مصادر حكومية ردت بالقول ان الرئيس السنيورة لا يضع حظرا على أي مجموعة سياسية، ولا على أي حزب سياسي وانه متفتح على النظر بايجابية الى أي اسماء صالحة للتشكيلة الحكومية، وبالتالي فانه لا يعترض على الحزب القومي السوري، بحيث لا يمانع باختيار غير علي قانصوه لتمثيله.
لكن حزب الله اكد تمسكه بتوزير قانصوه وقال نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم ان الحزب القومي اختار قانصوه ونحن معهم كنا كتلة واحدة في المحطات المختلفة.
14 آذار ڤيتو على قانصوه
غير ان قيادات الصف الثاني في 14 آذار التي اجتمعت ليل اول من امس في قريطم اتخذت قرارا بالاجماع يقضي بوضع «الڤيتو» على توزير علي قانصوه الذي كان يقود حزبه خلال احداث بيروت والشمال في مايو الماضي.
بينما رحبت مصادر تيار المستقبل بتوزير طلال ارسلان شرط اسناد حقيبة وزارية اليه، دعما لوجهة نظر وليد جنبلاط الذي اجرى اتصالا هاتفيا ليل الاربعاء مع د.سمير جعجع وحثه على معالجة مسألة التقاسم في الوزارات العالقة بينهما.
وعلمت «الأنباء» ان الاتصال بدأ متوترا وانتهى على تفاهم، ومن عناصر التفاهم اعتماد البروفسور ابراهيم النجار الكتائبي الأصل كممثل للقوات في الحكومة واعطاؤه حقيبة وزير العدل بوصفه مرجعا قانونيا مقابل وزارة دولة للقواتي د.طوني كرم، وهكذا تكون وزارة الاشغال قد طارت من جعجع لتقترب من غازي العريضي مرشح جنبلاط.
بدوره السفير السعودي عبدالعزيز خوجة، زار السراي الحكومي وقريطم، وتحادث مع الرئيس السنيورة ومع النائب الحريري في التطورات.
في حين اوفد الرئيس السنيورة مستشاره السفير محمد شطح الى معراب حيث التقى سمير جعجع.
الوزير ميشال فرعون الذي يثير توزيره مشكلة بين النائب سعد الحريري الذي يصر عليه، وبين حليفه وليد جنبلاط الذي يريد ان يكون الوزير نعمة طعمة هو الوزير الكاثوليكي الثاني، ابقى على احتفالات التفاؤل بولادة الحكومة في اليومين المقبلين اي قبل استحقاق مؤتمر باريس.
مؤكدا على وحدة قوى 14 آذار، مع تلويحه بموقف بعد تشكيل الحكومة، وقال ردا على سؤال، عما اذا كانت الوزارة هي السبيل الى النيابة: لسنا بحاجة الى ذلك، ولا نحب ان نكون عقدة.
في غضون ذلك، أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس أن لبنان «لن يفرط في المقاومة التي تشكل فخرا للبلد الذي قطع شوطا كبيرا باتجاه تمتين وحدته الداخلية».
وكان سليمان يتحدث أمام وفد من اتحاد المحامين العرب المجتمع في بيروت قائلا: «إن المقاومة هي فخر للبنان، وهي عنصر قدرة قومية له، ولن نفرط فيها»، ودعا الى ضرورة الاستفادة من عنصر قدرة المقاومة.
وردا على سؤال حول أهمية فتح صفحة جديدة من العلاقات بين لبنان وسورية قال سليمان: «إن علاقة لبنان بسورية طبيعية، ومن غير الطبيعي أن تكون هذه العلاقة غير طبيعية».
الجيش: لمواجهة الطرف البادئ
وفي طرابلس، نفذ الجيش اللبناني، اعتبارا من السابعة صباحا عملية انتشار واسعة في مناطق المواجهة بين التبانة وبعل محسن والقبة والملولة، معطيا العين الحمراء للمتورطين بأعمال العنف.
وبهذا المعنى صدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه امس البيان الآتي: «تتويجا لتوافق المرجعيات الروحية والسياسية في مدينة طرابلس، على وجوب وضع حد فوري للاخلال بأمن المواطنين، وسلامتهم، وعدم تغطية اي فريق يبادر الى استخدام السلاح، ومنعا لتمادي العناصر المندسة في تعكير الاجواء، تعلن قيادة الجيش انها قامت بتعزيز وحداتها المنتشرة في اماكن التوتر، كي تواجه بحزم وقوة الطرف البادئ بإطلاق النار، وهي تدعو الاطراف كلها الى ضبط النفس وعدم الرد على مصادر النيران، وترك معالجة الأمر على عاتق القوة العسكرية».
وسجلت اعمال قنص محدودة نهار امس، لكن مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار تحدث بعد لقائه الرئيس نجيب ميقاتي عن خطوات عاجلة لتكريس الهدوء واعادة النازحين وتعويض الاضرار.
من جهته الرئيس ميقاتي دعا الى تدخل هيئة الاغاثة العليا لتعويض الاضرار والى انهاء المواجهات، واصفا الوضع بعد تدخل الجيش بالجيد.
الصفحة في ملف ( pdf )