واشنطن – أحمد عبدالله
امام ناخبين يعانون أسوأ ازمة اقتصادية تمر بها الولايات المتحدة منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، عقدت المناظرة الثانية في انتخابات الرئاسة الاميركية بين المرشح الديموقراطي باراك اوباما ومنافسه الجمهوري جون ماكين في مدينة ناشفيل بحضور 80 من ناخبي المدينة سمح لهم بتوجيه اسئلة ولكن بلا تصفيق او صفير او اي تعليقات غير نص الاسئلة المعدة مسبقا.
وهيمنت الازمة الاقتصادية على حوار المرشحين الذي استمر 90 دقيقة.
ولم يتمكن أي من الخصمين من توجيه ضربة قاضية من شأنها تبديل مسار الحملة الانتخابية وهذا بحد ذاته يعتبر نجاحا لأوباما الذي كان يمضي بثبات في اتجاه تحقيق فوز كبير للحزب الديموقراطي هذا العام.
الأزمة المالية
واستهل اوباما المناظرة بوصف الازمة الاقتصادية الراهنة بأنها «اسوأ ازمة مالية منذ ازمة 1929، هذا نتيجة السياسة الاقتصادية الخاطئة خلال السنوات الثماني الاخيرة التي دعمها ماكين».
واوضح «ان السيناتور ماكين صوت 90% لصالح قرارات قدمتها ادارة بوش لمجلس الشيوخ» وقد اعاد تكرار ذلك مرارا للتأكيد على شعار حملته بان ماكين هو استمرار لادارة بوش.
وامتنع ماكين عن السير على الدرب الذي اتبعته حملته بالهجوم على شخصية اوباما ومحاولة اثارة الشكوك حول مصداقيته وقدرته الى قيادة البلاد.
بدلا من ذلك قدم ماكين صورة لمنافسه باعتباره من انصار الانفاق الحكومي غير المنضبط وزيادة الضرائب لتمويل هذا الانفاق.
وقدم ماكين عددا من الاقتراحات الجديدة لحل الازمة مثل قيام وزارة الخزانة بشراء رهونات العقارات التي تتعثر واعادة تمويلها بأسعار فائدة يمكن لأصحاب تلك العقارات تمويلها.
وشدد ماكين على ان اوباما تلقى تبرعا كبيرا من مؤسسة «فاني ماي» المصرفية التي انهارت لتضطر الحكومة الفيدرالية على شرائها
السياسة الخارجية
وحول السياسة الخارجية قال ماكين إنه يعرف كيف يتعامل مع الشؤون الخارجية ويستطيع معالجتها، لكنه شكك في قدرة أوباما على ذلك، مشيرا إلى أن سجله في التعامل مع مثل هذه المسائل واضح وراسخ.
وأضاف ماكين أن «التحدي» الذي يواجه الرئيس الأميركي المقبل فيما يتعلق باستخدام القوة العسكرية هو «معرفة الوقت المناسب للقيام بذلك».
من ناحيته، شكك أوباما في حكم ماكين بخصوص غزو العراق قائلا: «عندما كان جون ماكين يقود جوقة المؤيدين للرئيس في مهاجمة العراق، قال إنها ستكون حربا سريعة وسهلة، وأنه سيتم الترحيب بنا بوصفنا محررين، وهو حكم خاطئ بالتأكيد».
ورأى وجوب التركيز على افغانستان بدلا من العراق.
«واذا كانت باكستان لا تريد او لا تستطيع القضاء على الارهابيين، فسنذهب لاخراج بن لادن من مخبئه بأنفسنا».
وتابع «ماكين يتهمني بإرادة اجتياح باكستان.
من جهة، هذا غير صحيح.
ومن جهة اخرى، هو الذي كان يقترح قصف ايران وتدمير كوريا الشمالية».
واضاف ردا على اتهامات ماكين له بانه لا يملك الخبرة الكافية، لا افهم كيف انتهى بنا الامر باجتياح بلد لا علاقة له باعتداءات 11 سبتمبر 2001، في اشارة الى حرب العراق.
في المقابل هاجم ماكين منافسه بدعوى رفضه المتواصل الاقرار بنجاح الاستراتيجية التي اتبعتها الادارة في العراق حين زادت اعداد القوات هناك، واشار الى موافقته على قرارات لم يقبلها الكونغرس بزيادة الضرائب على الشركات الصغيرة وبزيادة الانفاق الحكومي.
ولم يعقب اوباما على تلك الاتهامات.
وفيما يتعلق بإيران فقد اتفق اوباما وماكين على ضرورة عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي.
ففي حين قال ماكين ان ايران تشكل تهديدا لاستقرار منطقة الشرق الاوسط بأسرها مضيفا انه اذا ما امتلكت ايران السلاح النووي فان دولا اخرى في المنطقة ستحذو حذوها، قال اوباما ان حصول ايران على سلاح نووي سيؤدي الى احتمال سقوط اسلحة نووية في ايدي الارهابيين لذا فعلى الولايات المتحدة الا تتخلى عن التلويح بالخيار العسكري لدى التعامل مع ايران.
كما اتفق اوباما وماكين على ضرورة التعاون مع حلفاء الولايات المتحدة من الاوروبيين لتشديد العقوبات على ايران لمنعها من امتلاك اسلحة نووية، الا ان ماكين انتقد اوباما بسبب تصريحاته التي اعلن فيها عن استعداده لاجراء محادثات مباشرة مع الايرانيين دون فرض شروط.
التصدي للقاعدة
وذهب طرفا المناظرة إلى استخدام مصطلحات وتعابير عامة في الحديث عن تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن، مثل «التخلص منه» و«قتله» و«يسحقه».
وتعهد أوباما بالانتصار على التنظيم والتخلص من زعيمه بن لادن قائلا: يجب ملاحقة القوات الباكستانية للمتطرفين الذين يهاجمون القوات الأميركية.
واضاف انه اذا كانت الحكومة الباكستانية ليست قادرة او لا تريد القضاء على تنظيم القاعدة فاعتقد انه علينا التحرك لتحقيق ذلك قائلا: سنقتل اسامة بن لادن وسنسحق القاعدة، هذا هو ما يجب ان يكون الاولوية الكبرى لأمننا القومي.
ورد ماكين بالقوة نفسها، وباستخدام كلمات مشابهة لكلمات أوباما.
وقال ماكين: «سأقبض عليه، إنني أعرف كيف أقبض عليه، لكنني لن أوجه له رسالة محملة باللكمات كما فعل أوباما».
واتفق أباما وماكين على أنه كانت هناك ظروف وجب على الولايات المتحدة فيها اللجوء إلى القوة لمنع حدوث أزمات إنسانية، حتى عندما لم تكن تتعرض لأي تهديد.
فضلا عن ذلك فانه وفيما بدا اوباما حريصا على عدم ارتكاب اخطاء كبيرة فان ماكين كان اكثر استعدادا للمخاطرة وذلك بحكم تراجع مواقفه الانتخابية وشعور حملته بأنها ليس لديها ما تخسره في السباق.
الا ان المرشح الجمهوري بدا رغم ذلك مهذبا في مخاطبته لاوباما عدا مرة واحدة اشار فيها الى منافسه بقوله «هذا الشخص».
اما اســتطلاعات الــرأي التي نــشرت في نهاية المناظرة اشـارت الى ان سـيناتور اريزونا لم ينجح في رهانه ولم يحقق التقدم الذي كان يسعى اليه.
وذكرت شبكتا «سي. ان. ان» و«سي. بي. اس» التلفزيونيتان ان المرشح الديموقراطي اوباما خرج رابحا من المناظرة.
وقالت «سي. ان. ان» ان 60% من المشاهدين كانوا يكوّنون صورة ايجابية عن اوباما قبل المناظرة، موضحة ان هذه النسبة زادت 4% بعد المناظرة.
ولم تتغير صورة ماكين قبل المناظرة وبعدها 51% يملكون رأيا ايجابيا به مقابل 46%.
وجاء في الاستطلاع الذي اجرته «سي. ان. ان» بعد المناظرة ان اوباما كان افضل من منافسه سواء بالنسبة الى الاقتصاد او العراق او مكافحة الارهاب او الازمة الاقتصادية.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )