بيروت – عمر حبنجر
شهد مجلس الوزراء في جلسة الثلاثاء سجالا حاميا بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من جهة ونائبه اللواء عصام ابوجمرة ووزير الاتصالات جبران باسيل من جهة ثانية، وذلك على خلفية مطالبة ابوجمرة بصلاحيات له بوصفه نائبا لرئيس الحكومة.
وانتهى السجال بانسحاب ابوجمرة من الجلسة على مرحلتين، فقد غادر القاعة لاول مرة، ثم بعد الاتصالات معه عاد ليغادر مجددا ويعلن انه لن يحضر جلسات مجلس الوزراء قبل الاستجابة لطلباته المحصورة في صلاحيات لموقعه وبمقر له في السراي الحكومي الى جانب مقر رئيس الوزراء، بينما تابع الجلسة زميله في كتلة التغيير والاصلاح وزير الاتصالات جبران باسيل.
وابلغ ابوجمرة الصحافيين انه غضب لان موضوع صلاحياته، لم يدرج على جدول اعمال مجلس الوزراء رغم الحاجة، ودعا الى تعديل نظام مجلس الوزراء بحيث يكون اسم نائب رئيس الحكومة مدرجا فيه، وذلك بمعنى ان نائب رئيس الحكومة ينوب عن رئيس الحكومة، في حال غيابه، وان يمارس اعماله من مقر عام رئاسة مجلس الوزراء.
متري: لم نعرف أسباب انسحابه
وزير الاعلام طارق متري قال انه لم يعرف اسباب انسحاب ابوجمرة من الجلسة، لافتا الى ان العديد من الوزراء غادروا الجلسة قبل رفعها لاسباب ودواع مختلفة.
وابلغ الصحافيين انه علم منهم اسباب انسحاب ابوجمرة، وانه جرى نقاش حول هذا الموضوع وكانت وجهة نظر رئيس الحكومة وهي معروفة: هذه مسألة دستورية تتصل بتطبيق اتفاق الطائف، وان الوقت ليس مناسبا لتعديل الدستور من اجل هذه المسألة، كما ان المكان (اي السراي) ليس لمناقشة الحكومة واوضح متري ان منصب نائب رئيس الوزراء لا ينص عليه الدستور، وان هذا المنصب كان يعطى لاحد الوزراء، واحيانا يعين نائب رئيس دون حقيبة وزارية، وانه مادام هذا المنصب غير منصوص عليه في الدستور فغالبا ما يكون شرفيا، علما ان نائب رئيس الوزراء كان يقوم ببعض الادوار في حالات معينة، وليس في هذا اساءة لاحد على الاطلاق.
متري نفى ردا على سؤال ان يكون ابوجمرة هدد بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء، او على الاقل لم اسمعه يهدد، وهو خارج من الجلسة، واعتقد ان هناك مجالات للحوار ومعالجة الامور غير المؤتمرات الصحافية، و«قناعتي ان هناك وسيلة افضل».
وقالت اذاعة النور ان وفودا شعبية توافدت الى منزل ابوجمرة في بعبدا لتتضامن معه، واعلن الامين العام للرابطة الارثوذكسية نضال ابوحبيب تأييده ابوجمرة ودعا ابناء الطائفة الى اجتماع طارئ لاتخاذ الموقف المناسب.
وكان أبوجمرة شرح لزواره والمتصلين موقفه على هذا النحو: الأمر لا يتطلب تعديلا دستوريا، فالمادة ٥٣ من الدستور تقول ان رئيس الجمهورية يصدر مع رئيس مجلس الوزراء مراسيم تشكيل الحكومة، وصدر المرسوم ونال ثقة المجلس النيابي وصار شرعيا وأصبح تنفيذه ملزما، وبالتالي يوجد نائب رئيس حكومة.
من جهة ثانية هناك مرسوم عادي يسمى مرسوم تنظيم أعمال مجلس الوزراء، وضع عام ١٩٥٨ لا يلحظ اسم نائب رئيس مجلس الوزراء، يجب تعديله بحيث تضاف الى جملة «يترأس الجلسات رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء» عبارة «أو ينوب عنه نائبه في حال غيابه أو تعذر قيامه بمهماته»، ويستثنى منها بعض البنود الاساسية مثل استقالة الحكومة أو مناقضة البيان الوزاري والتصويت على الموازنة وغيرها، الأمر الآخر انه يمارس أعماله من مقر مجلس الوزراء، هذان الأمران غير موجودين في المرسوم الذي يلزمه تعديل، ومن يقل بتعديل دستوري يتكلم عكس الواقع، حتى في السعودية طرح الأمر عرضا على أحد الأمراء الكبار فاستغربه، هل من المعقول ألا يكون لنائب رئيس حكومة صلاحيات ومقر؟ القصة هي القبول في المشاركة وعدم الاستئثار.
ويذكر ان بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم المسؤول رعائيا عن الارثوذكس في لبنان كان اعلن من باريس عندما سئل عن موضوع صلاحيات نائب رئيس الحكومة الارثوذكسي في لبنان بتاريخ 23/9/2008 ان صلاحيات نائب رئيس الحكومة ليس وقتها الآن.
14 آذار: افتعال مشكلة
مصادر 14 آذار وصفت موقف اللواء ابوجمرة بالخطوات المرتدة الهادفة الى تعطيل العمل المؤسساتي وارباك المصالحات، وتعيدنا بالذاكرة الى مرحلة الاستقالات الجماعية التي شلت مجلس الوزراء وبموازاته مجلس النواب من خلال افتعال اشكال غير دستوري وعرقلة المصالحات بشروط تعجيزية ولعب على التناقضات.
ولاحظت مصادر 14 آذار ان ثمة ما يوحي بتدخل ما، من اجل شل عمل مجلس الوزراء من جهة وتعطيل المصالحات من جهة اخرى، ويتمثل هذا التدخل في أمرين: انسحاب نائب رئيس الحكومة عصام ابوجمرة من جلسة مجلس الوزراء والهجوم الثنائي من قبل الرئيس عمر كرامي والوزير السابق سليمان فرنجية على رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع.
الاتفاقيات اللبنانية – السورية
المصادر عينها ربطت موقف نائب رئيس الحكومة بجملة معطيات يتصل بعضها بالانتخابات النيابية وتشكيل لوائحها ويتصل البعض الآخر بمداولات مجلس الوزراء في الجلسة التي انسحب منها اللواء ابوجمرة ومنها الاتفاقات المعقودة مع سورية والتي يرى الرئيس فؤاد السنيورة ضرورة اعادة دراستها من جانب مجلس الوزراء بروح الحرص على المصلحة اللبنانية والمصلحة اللبنانية - السورية والعربية.
وفي هذا السياق صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس الحص التوضيح التالي: في اطار السجال الاعلامي والسياسي الدائر حول موضوع صلاحيات نائب رئيس مجلس الوزراء وكان آخرها ما نقلته جريدة «الاخبار» في عددها امس نقلا عن نائب رئيس مجلس الوزراء اللواء عصام ابوجمرة في معرض السجال الذي حصل خلال جلسة مجلس الوزراء مساء الثلاثاء، مازال البعض مصرا على الاستشهاد بواقعة التوقيع على مرسوم الاعدام الذي رفض الرئيس الحص توقيعه، وان نائب رئيس مجلس الوزراء ميشال المر آنذاك قام بالتوقيع عليه مع هذا نصف الحقيقة اما الحقيقة، الكاملة فهي ان الرئيس الحص الغى هذا المرسوم فور عودته من زيارة له خارج لبنان، لان نائب رئيس مجلس الوزراء لا يحل محل رئيس الوزراء في غيابه، وبالتالي لا يملك حق التوقيع على مراسيم، ولابد من ثم العودة الى النصوص الدستورية لكي يستقيم عمل المؤسسات.
واضاف ان المصلحة الوطنية تقتضي من الجميع قول الحقيقة والترفع فوق الحسابات السياسية الضيقة والانصراف الى معالجة القضايا الملحة التي تهم المواطن.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )