عواصم ـ أحمد عبدالله
رغم القرار الدولي 1860 الذي أصدره مجلس الأمن امس الاول والداعي لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، واصلت اسرائيل عدوانها المدمر على القطاع لليوم الرابع عشر، متجاهلة بشكل كامل القرار الدولي.
وفي الوقت الذي ضربت القنابل الاسرائيلية القطاع الساحلي واستمرت غاراتها في استهداف المدنيين في أنحاء متفرقة من غزة، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت عقب اجتماع المجلس الوزاري الاسرائيلي: سنواصل العمليات رغم قرار مجلس الأمن، مضيفا في بيان «ان اسرائيل لم تقبل يوما ان يقرر نفوذ خارجي حقها في الدفاع عن مواطنيها».
وتابع ان «الجيش سيواصل عملياته دفاعا عن مواطني اسرائيل وسينجز المهمة المحددة للعملية».
وقال «ان عمليات اطلاق الصواريخ هذا الصباح على مواطنينا في الجنوب تثبت ان قرار الامم المتحدة غير قابل للتطبيق ولن تلتزم به المنظمات الارهابية الفلسطينية».
بموازاة ذلك، أكدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليڤني أن الأسلحة لن تصمت وقالت في بيان «إسرائيل تصرفت وتتصرف وستتصرف فقط وفقا لاعتباراتها والحاجات الأمنية لمواطنيها وحقها في الدفاع عن النفس».
من جهتها، اعتبرت حركة حماس أنها غير معنية بالقرار، وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس إن قرار مجلس الأمن لا يفرض على حماس أي التزامات لأنها لم تكن جزءا من المشاورات، وأضاف أن حركة حماس ستقيم موقفها وفق التطورات على الأرض.
تنازلات مهمة
جاء تصويت مجلس الامن وصوتت 14 دولة بمجلس الأمن من أصل 15 فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت بعد تنازلات متبادلة من جانبي الخلاف الأساسيين أي وفد المجموعة العربية والوفد الاميركي.
فقد تم تعديل الصيغة الليبية الى حد ملموس مقابل وعد اميركي بعدم استخدام حق الڤيتو والاكتفاء بالامتناع عن التصويت.
ولعبت كل من المكسيك وكوستاريكا والنمسا وهم من ضمن الاعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن لدورته الحالية دورا مهما في جسر الخلافات.
فقد رفضت الدول العربية في البدء اسقاط مطالبة اسرائيل بالسحب الفوري لقواتها، بيد ان جهود كوستاريكا بصفة خاصة ادت الى اقناع الوفود بذلك مقابل النص على وقف فوري لإطلاق النار.
وكان الضغط الذي مارسه رئيس الجمعية العامة ميغيل بروكمان وهو مندوب نيكاراغوا ـ واضحا في مساندة المجموعة العربية، فقد عقد بروكمان مؤتمرا صحافيا قبيل التصويت قال فيه ان «مجلس الامن يكتسب بسرعة الآن رائحة الفورمالدهايد».
والفورمالدهايد هو السائل الذي تحنط به الجثث في المعامل العلمية.
وانتقد بروكمان ما وصفه بالاستعراضات الفرنسية والاميركية قائلا «يحاول اعضاء في المجلس توكيل مهمتهم الى اطراف اخرى لتقدم مبادرات وخطط لوقف اطلاق النار، ولكن أليس ذلك هو مهمة المجلس قبل اي طرف آخر؟» وقالت رايس ان الولايات المتحدة تؤيد محتويات قرار 1860 رغم امتناعها عن التصويت، ودعت الأمم المتحدة بشكل خاص الى دعم مبادرة السلام التي طرحتها مصر.
ويدعو القرار 1860 لوقف فوري ودائم وملزم لإطلاق النار يقود إلى انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، كما يدعو إلى ضمان تزويد القطاع بالمساعدات الإنسانية وتوزيعها في كامل أرجائه، كما يرحب بكل المبادرات الهادفة إلى فتح الممرات وإيجاد آليات لضمان توزيع المساعدات.
ودعا القرار إلى دعم الجهود الدولية لتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في غزة ودعم المنظمات الإنسانية العاملة هناك، وأدان العنف وكافة الأعمال العدائية والإرهابية ضد المدنيين.
ويدعو كذلك لضمان إعادة فتح المعابر بشكل دائم على أساس اتفاقية عام 2005، ورحب بالمبادرة المصرية وأي مبادرات إقليمية ودولية في هذا الشأن، كما حث الدول الأعضاء على تكثيف الجهود وتقديم ضمانات لمنع تهريب الأسلحة والذخيرة إلى غزة.
قصف المدنيين
في غضون ذلك، نقلت الامم المتحدة امس عن شهود قولهم ان الجيش الاسرائيلي قصف مطلع الاسبوع منزلا في غزة كان الجنود الاسرائيليون قد جمعوا فيه 110 فلسطينيين ما أدى الى مقتل 30 شخصا.
وقال مكتب الامم المتحدة لتنسيق الانشطة الانسانية في بيان «افادت شهادات انه في الرابع من يناير قام جنود بجمع نحو 110 فلسطينيين في منزل واحد في حي الزيتون (نصفهم من الاطفال) وأمروهم بالبقاء في الداخل».
واضاف البيان «بعد 24 ساعة على ذلك قصفت القوات الاسرائيلية عدة مرات المنزل ما ادى الى مقتل ثلاثين شخصا».
على صعيد متصل، قال ديبلوماسيون ان الجهود المصرية للتوسط لوقف اطلاق النار في غزة دخلت امس في مشاكل فيما يبدو بسبب خلافات مع اسرائيل حول كيفية تأمين الحدود لمنع حركة (حماس) من اعادة تسليح نفسها.
وقال ديبلوماسيون اسرائيليون واوروبيون طلبوا عدم نشر اسمائهم لرويترز ان مصر اعترضت على مقترحات خاصة بنشر قوات اجنبية على الجانب المصري من حدودها مع غزة.
وبدلا من القوات الاجنبية أبلغت القاهرة اسرائيل والاتحاد الاوروبي باستعدادها لتلقي المزيد من المساعدات التقنية الاوروبية لمساعدة قواتها على التصدي لتهريب السلاح عبر انفاق على الحدود.
وقال ديبلوماسي اوروبي رفيع مشارك في المفاوضات «محادثات الهدنة لا تتحرك في الوقت الراهن. هناك شعور متنام بأن الخطة المصرية الفرنسية لن تنجح».
ارتفاع حصيلة الشهداء
على صعيد العمليات العسكرية قال سكان إن الطائرات الإسرائيلية أسقطت قنابل على مشارف مدينة غزة، وفي بيت لاهيا قال مسعفون فلسطينيون إن دبابات إسرائيلية قصفت منزلا فقتلت ستة فلسطينيين من عائلة واحدة.
كما قام سلاح الجو الاسرائيلي امس بغارات على قطاع غزة بعد هجمات ليلية اوقعت 12 قتيلا، بحسب شهود ومصادر طبية فلسطينية.
وقبيل فجر امس توغلت قوة تابعة للجيش الاسرائيلي في بلدة القراره قرب خان يونس جنوب قطاع غزة حيث تم تدمير او الحاق اضرار بخمسين منزلا بقذائف اسرائيلية.
واكد الجيش في بيان انه استهدف 50 هدفا في قطاع غزة.
واعلنت مصادر طبية فلسطينية ان طفلة فلسطينية وامرأتين قتلن في قصف مدفعي واطلاق النار من قبل الجيش الاسرائيلي على شمال قطاع غزة.
وقالت المصادر الطبية في مستشفى كمال عدوان ان طفلة تبلغ من العمر ثلاثة اعوام «استشهدت برصاص الجيش الاسرائيلي شرق جباليا كما قتلت سيدتان في قصف مدفعي شمال بيت لاهيا شمال قطاع غزة».
وفي وقت لاحق أغارت طائرات إسرائيلية على خمسة منازل سكنية في بلدة جباليا شمالي قطاع غزة ما أدى إلى مقتل طفل وامرأة فلسطينيين وإصابة 15 آخرين.
وقالت مصادر فلسطينية وشهود عيان إن الطفل محمد أبو الحسنى (15 عاما) وصل مستشفي كمال عدوان في شمال القطاع أشلاء متناثرة إثر سقوط قذيفة مدفعية على منزله في بلدة جباليا.
وشنت الطائرات الإسرائيلية غارات أخرى استهدفت مقر مديرية التربية والتعليم في بلدة بيت لاهيا وعدة منازل سكنية في منطقة وادي غزة وسط القطاع إلى جانب أخرى دمرت ثلاثة منازل سكنية في بلدة بيت حانون.
وبعد سقوط شهداء الامس ارتفع عدد شهداء الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ 27 ديسمبر في قطاع غزة إلى 781 فلسطينيا.
وقال معاوية حسنين مدير عام الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية «ارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 781».
وأشار إلى أن عدد الجرحى وصل إلى 3300 جريح نصفهم من المدنيين العزل، فيما وصف حالة أكثر من 250 منهم بأنها خطيرة.
وفي نفس السياق أصيب إسرائيليان على الأقل جراء سقوط 30 صاروخا فلسطينيا في مناطق متفرقة في جنوب إسرائيل امس.
وفي هذا السياق، أعلنت كتائب عزالدين القسام (الجناح العسكري لحكة حماس) أن مقاتليها قتلوا في كمين عدد من الجنود الإسرائيليين على الأطراف الحدودية لشمال قطاع غزة.
وذكرت القسام في بيان لها أن «مجاهديها اقتحموا منزلا سكنيا فيه قوة صهيونية خاصة على أطراف شمال قطاع غزة وقتلوا 8 جنود قبل أن ينسحبوا من المنزل بسلام.