واشنطن ـ أحمد عبدالله
ماذا سيحدث الآن بعد رسالة اوباما الى ايران ورد طهران عليها؟
ما الخطوة التي يمكن توقعها على درب هذا الحراك الديبلوماسي الذي يبدو وكأنه توقف فور ان بدأ؟ الخيار الباقي اذن هو التفاوض الاميركي ـ الايراني.
ويقول ديبلوماسي سابق ان احتمال فشل المفاوضات «يؤرق البيت الابيض الآن» بيد ان هذا الفشل ستتبعه عقوبات بالغة القسوة، لن يلوم احد واشنطن على فرضها اذ انها ستفعل ذلك في سياق تطبيق قرارات الشرعية الدولية ممثلة في الامم المتحدة وفي ضرورة احترام طهران لمعاهدة حظر الانتشار.
غير ان آخرين في الادارة يعتقدون ان الرد العلني الفاتر الذي قدمه خامنئي على رسالة اوباما كان يهدف الى منع تعميق الخلاف في وجهات النظر داخل القيادة الايرانية بين المعسكرين اللذين يسميان معسكر الاصلاحيين ومعسكر المتشددين.
وفي كل الاحوال فان ذلك الرد لم يؤخذ في واشنطن باعتباره دافعا لتغيير الاتجاه بعيدا عن سياسة التفاوض مع طهران.
اما الخطوة التالية التي ستقوم بها ادارة اوباما في الاسابيع القليلة المقبلة فانها - طبقا لما يقال في واشنطن - تتلخص في ارسال رسالة شخصية من الرئيس الاميركي الى خامنئي تضع بعبارات اكثر تحددا ودقة رؤية واشنطن لما ينبغي ان يحدث من حيث الشكل ومن حيث الموضوع ايضا، اي تحديد الخطوات التي تقترحها الادارة لبدء الحوار وتحديد اجندة هذا الحوار.
ولا يعرف احد بعد ما ستتضمنه رسالة اوباما المقبلة، الا ان قراءة السياق الذي ستحدث فيه تلك الخطوة يدل على ان الادارة الاميركية ستقترح مقاربة شاملة للقضايا المعلقة بين البلدين وليس تناولا جزئيا لهذه القضية او تلك بمعزل عن بقية القضايا.
وفي ذلك قال ديبلوماسي اميركي سابق له صلة بالملف الايراني في سياقه الراهن ان معلومات الادارة تفيد بالفعل بأن ايران ستتمكن خلال عام واحد من مراكمة قدر من اليورانيوم منخفض التخصيب يكفي لاستخلاص كمية قابلة للاستخدام العسكري من اليورانيوم عالى التخصيب، وذلك لان ما يحدث هو ان اليورانيوم عالي التخصيب يصل الى الدرجة الملائمة من النقاء انطلاقا من معالجة كمية اكبر كثيرا من اليورانيوم منخفض التخصيب، وبعد عام واحد على الاكثر سيكون لدى طهران هذا القدر من اليورانيوم منخفض التخصيب الذي يكفي لاثارة القلق.
بيد ان واشنطن تؤكد ان طهران لم تتمكن حتى الآن من اتقان عملية رفع درجة نقاء اليورانيوم منخفض التخصيب ولذا فان الوصول الى مراكمة تلك الكمية الكبيرة من اليورانيوم منخفض التخصيب قد لا يعني بالضرورة الاقتراب كثيرا من نقطة الحصول على سلاح نووي.
ولهذا السبب تعتقد ادارة اوباما ـ حسب قول الديبلوماسي السابق - ان امامها بعض الوقت لممارسة مقاربتها الديبلوماسية دون ضغوط زمنية كبيرة.
وفي المقابل يقول الاسرائيليون ان نقطة الانذار يجب ان تكون هي وصول ايران الى الكمية المطلوبة من اليورانيوم منخفض التخصيب وليس قدرة الايرانيين على استخلاص الكمية المطلوبة من اليورانيوم عالى التخصيب.
اما الاميركيون فانهم يقولون ان نقطة الانذار المقترحة اسرائيليا ليست مقنعة وانهم بالتالي غير مقيدين بضرورة اعتبارها كذلك اي كنقطة انذار.
واذا ما واصل الاسرائيليون التلويح باستخدام القوة فان ذلك في تقدير الاميركيين قد يعطي طهران مبررا لاستئناف برنامجها العسكري النووي بدعوى الدفاع عن البلاد في مواجهة تهديدات ظاهرة للعالم.
اما اذا استخدم الاسرائيليون القوة بالفعل فان ذلك سيعطي ايران ذريعة ملائمة للاندفاع بسرعة كبيرة نحو امتلاك سلاح نووي ولن يتمكن احد من لومها كثيرا عندئذ اذ انها ستفعل ذلك في سياق الدفاع المشروع عن الذات.
التوقعات السائدة في العاصمة الاميركية تشير الى ان البيت الابيض لم ينظر الى الرد الايراني العلني على رسالة الرئيس الاميركي كخطوة مستفزة او غير ديبلوماسية بل اعتبرها بداية علنية للتفاوض حيث يتعين البدء دائما من موقف متشدد بهدف ارساء ايقاع محدد لما سيأتي لاحقا من تبادلات ونقاشات.
بعبارة اخرى افترض مساعدو الرئيس ان رد مرشد الثورة كان الخطوة الاولى على درب التفاوض وليس اغلاقا لهذا الدرب.