عواصم – هدى العبود
حسمت مصر مستوى تمثيلها في القمة العربية المقرر انعقادها بالدوحة غدا وقررت التمثل بوفد يرأسه وزير الشؤون القانونية مفيد شهاب.
وأشارت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ «الأنباء» إلى أن العلاقات القطرية ـ الإيرانية هي إحدى الجوانب التي يرتكز عليها غياب الرئيس المصري حسني مبارك عن القمة.
كما غاب وزير الخارجية المصري احمد ابوالغيط عن الاجتماع التشاوري لنظرائه العرب الذي انعقد اول من امس وناب عنه الناطق باسم الخارجية المصرية حسام زكي.
وقال أبوالغيط ان مصر قررت أن يرأس وفدها إلى القمة العربية في الدوحة، وكذلك القمة العربية ـ اللاتينية، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية مفيد شهاب.
وأوضح لوكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية أن الوزير شهاب سينقل إلى القمتين وجهات نظر مصر ورؤيتها تجاه الوضع العربي الحالي والتحديات التي تواجهها الأمة العربية في هذه المرحلة المهمة من العمل العربي المشترك.
وذكر وزير الخارجية أن مصر تتمسك باستمرار السعي من أجل تحقيق أكبر قدر من التضامن العربي والاتفاق على مناهج فعالة لتحقيق المصالح العربية من خلال المصالحات العربية الحالية والتي تقدر مصر أن هناك حاجة مؤكدة للاستمرار فيها بين كل الأطراف والدول العربية.
وشارك الرئيس المصري وامير قطر في لقاء المصالحة العربية على هامش قمة الكويت الاقتصادية التي عقدت في يناير الماضي، لكن يبدو ان التوتر مازال سائدا بينهما.
وفي حين شددت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ «الأنباء» على ان هناك توترا في العلاقات المصرية ـ القطرية، نفت وجود توترات في العلاقات السورية ـ المصرية.
واجرى الرئيس الليبي معمر القذافي اول من امس اتصالين بمبارك وثالث بأمير قطر في محاولة لرأب الصدع.
وعلمت وكالة «الشرق الاوسط» أن اجتماعا مهما كان قد عقد الخميس الماضي في الرياض بين وزراء خارجية ومديري مخابرات كل من مصر والسعودية وقطر، حيث اتفقت الأطراف الثلاثة على استمرار المشاورات بينها.
وكانت قطر قد اكدت اول من امس مشاركة 16 زعيما عربيا في القمة، وقد بدأوا بالتوافد الى الدوحة اعتبارا من يوم امس. وبحسب بيان رئاسي عراقي صدر اول من امس اناب رئيس الجمهورية العراقي جلال الطالباني رئيس الوزراء نوري المالكي لحضور اجتماعات قمة الدوحة.
هذا وانطلق امس الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية في الدوحة بالتأكيد على رفض الاجراءات الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، انما ايضا في ظل اعلان مصر عن مشاركة بمستوى منخفض فيما يبدو تجسيدا لاستمرار الخلافات العربية.
واتفق وزراء الخارجية العرب على اعتماد الحوار كسبيل لحل الخلافات بين الدول العربية وأكدوا على مواصلة مسيرة المصالحات العربية في مشروع قرار رفعوه الى القادة العرب لإقراره.
وبهذا الخصوص أصدروا مشروع بيان حصلت عليه «الأنباء» وجاء فيه:
«نحن قادة الدول العربية نؤكد عزمنا وتصميمنا على المضي قدما في جهود تعزيز المصالحة العربية واضعين نصب أعيننا تطلعات وآمال شعوبنا العربية، ومصالحنا القومية، والاتفاق على جملة من المبادئ والأسس التي يستند إليها التحرك العربي نحو المصالحة وذلك على النحو التالي:
-
أولا: الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية وتنفيذ القرارات الصادرة عنها باعتبارها مرجعية العمل العربي المشترك والهادفة إلى تطويره وتفعيل آلياته في جميع المجالات.
-
ثانيا: التوجه الجاد والمخلص نحو تنفيذ ما سبق أن تعهدنا به في وثيقة «العهد والوفاق والتضامن» باعتبارها الأرضية الأساسية لتنقية الأجواء ودعم العلاقات العربية البينية وتحقيق التضامن العربي والحفاظ على المصالح القومية العليا.
-
ثالثا: أهمية انتهاج أسلوب الحوار والتشاور في حل الخلافات العربية والابتعاد عن إثارة الفتن ولغة التهجم والتوتر والتصعيد على جميع الساحات ونبذ القطيعة والخصام.
-
رابعا: العمل على بلورة رؤية استراتيجية موحدة للتعامل مع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها من التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي.
-
خامسا: التأكيد على محورية القضية الفلسطينية وأهمية الالتزام بالاستراتيجية العربية المتفق عليها لتحقيق السلام العادل والشامل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
-
سادسا: أهمية الاتفاق على نهج موحد للتمكن من مواجهة تحدي صراع الحضارات والأزمة الفكرية والثقافية الناجمة عن ذلك، وتأثيرها على علاقات الغرب بالدول العربية ونظرته إلى الأسس الثقافية التي تشكل الوجدان العربي والتي كان من نتائجها تنامي شعور الشك ومظاهر التوتر بين الغرب والإسلام عموما وبينه وبين العالم العربي على وجه الخصوص».
تمسك بالمبادرة العربية للسلام
كما أصدر الوزراء مشروع قرار تضمن تمسك القادة العرب بمبادرة السلام العربية مع التأكيد على ان طرحها لن يستمر طويلا.
وجاء في مشروع القرار ان هذا التمسك «وفقا للإطار السياسي الذي يقوم على ان مبادرة السلام المطروحة اليوم لن تبقى على الطاولة طويلا، وان استمرار الجانب العربي في طرح هذه المبادرة مرتبط بقبول إسرائيلي لها».
واعتبر مشروع القرار الذي لن يصبح نافذا قبل إقراره في القمة العربية غدا ان تفعيل مبادرة السلام «مرتبط ببدء تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها في إطار المرجعيات الأساسية لتحقيق السلام العادل والشامل وانه لا يمكن الوصول الى هذا السلام مادامت اسرائيل مستمرة في تعنتها ورفضها لمبادرة السلام العربية».
وبذلك يكون وزراء الخارجية تبنوا ما سبق ان طرحه خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الكويت العربية الاقتصادية في يناير الماضي حين اعلن ان المبادرة التي هي في الأساس سعودية «لن تبقى على الطاولة الى الأبد».
نص خاص لملف البشير
كذلك اصدر وزراء الخارجية العرب مشروع قرار خاص بملف ملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية التي اصدرت مذكرة توقيف بحقه.
وطالب هذا المشروع بالغاء الاجراءات المتخذة بحق البشير مشيرا الى ان السودان ليس عضوا في المحكمة.
ورفض مشروع القرار الخاص بملف ملاحقة البشير «محاولات تسييس مبادئ العدالة الدولية واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها واستقرارها تحت ستار العدالة الجنائية الدولية».
كما يطلب مشروع القرار من الدول العربية «عدم التجاوب مع اجراءات المحكمة الجنائية الدولية» بحق البشير، ونوقش المشروع وسط خلاف دار بين وزيري الخارجية الأردني والسوداني حول اللهجة الواجب اتباعها في القرار.
المعلم
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أقر في كلمة بافتتاحية اجتماع وزراء الخارجية العرب باستمرار «الاختلافات»، الا انه اعتبر انه لابد من «معالجتها في اطار آليات يتفق عليها لادارة هذه الخلافات العربية وعدم السماح بتحولها الى خلافات دائمة».
واضاف المعلم «لا نزال في بداية الطريق على امل انجاز مصالحة عربية شاملة».
وشدد المعلم على «أهمية وحدة موقفنا العربي إزاء أشقائنا في فلسطين وحشد الجهد العربي اللامحدود لدعم وحدة الفصائل الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تحرير أراضيه المحتلة منذ عام 1967»، مؤكدا أن بلاده ستواصل جهودها من أجل تحرير كل الأراضي العربية.
ولفت إلى ما تحقق من تقدم على صعيد مواجهة التحديثات التي تعرض لها العراق والتقدم الإيجابي الذي شهده لبنان.
الشيخ حمد
من جهته، قال وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في كلمة افتتاحية بعد تسلمه رئاسة المجلس الوزاري من نظيره السوري، ان «الظروف التي تمر بها الأمة العربية تدعونا الآن إلى ان نكون على قدر من المسؤولية بالعمل من اجل وحدة الصف».
واعتبر ان «الاهداف والتحديات كبيرة والمخاطر كثيرة والشعوب العربية تنتظر منا ان تكون اقوالنا مقرونة بأفعالنا».
وفي موضوع دارفور، قال الشيخ حمد انه «لا يمكن التوصل الى تحقيق العدالة دون تحقيق السلام» في اشارة الى مذكرة التوقيف الدولية بحق البشير على خلفية النزاع في دارفور.
واعتبر ان «الخطوة الاخيرة التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة الرئيس السوداني جاءت في الوقت الذي تصاعدت الجهود التي تبذلها دولة قطر من اجل الدفع بالعملية السياسية في دارفور الى الامام».
واشار بشكل خاص الى اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة الذي وقع في الدوحة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة المتمردة.
عمرو موسى
من جانبه، اعرب الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن «الدهشة» و«الغضب» ازاء التدابير القضائية الدولية بحق الرئيس السوداني.
ورأى ان مذكرة التوقيف هي «موضع تساؤل من منطلق محدد هو ازدواجية المعايير واختيار مواضيع دون اخرى».
الا انه اكد ان «الامر يتطلب تعاملا رصينا من جانبنا والاستثمار الامثل لكل ما هو مطروح من مخارج على الساحة الدولية».
اما وزير الخارجية السوري فقال ان «المطلوب منا جميعا الوقوف الى جانب شعبنا في السودان الشقيق وقيادته لمنع مخاطر ستؤثر بنتائجها على امننا القومي الجماعي، واثق ان انعقاد قمتنا في قطر الشقيقة فرصة ثمينة لإعادة تأكيد تضامننا ومساندتنا لاشقائنا السودانيين في كل ما يحتاجون اليه».