دخلت البلاد عمليا في فلك الانتخابات والمرحلة الانتقالية المفصلية وبات كل شيء مجمدا الى ما بعد 8 يونيو بما في ذلك التعيينات التي لها صلة بالانتخابات، وطبيعي أن ينسحب هذا المناخ على جلسات الحوار الوطني الذي استأنف امس في قصر بعبدا من دون أن يكون أحد من المشاركين فيه أو المتابعين له يتوقع حدوث أي اختراق أو مفاجأة.
ما هو أهم من «الحوار الجماعي» على طاولة بعبدا، الخلوات الجانبية والمتفرقة التي عقدت على هامش اللقاء الحواري وابرزها:
بين الرئيس ميشال سليمان والعماد ميشال عون لتنقية أجواء العلاقة من «شوائب انتخابية» برزت بوضوح في دائرتي كسروان وجبيل، وبشكل خفي في دوائر أخرى مثل المتن وبعبدا والأشرفية، وحيث ان الانتخابات في مجمل هذه الدوائر تحولت الى مواجهات بين لوائح عون ولوائح المستقلين الذين يدعمهم فريق 14 آذار ويعلنون انتماءهم الى «الرئيس وخطه السياسي».
بين الرئيس نبيه بري والعماد عون لحل «عقدة جزين» التي تبرز كثغرة أساسية في الوضعية الانتخابية للمعارضة وتحول دون اكتمال لوائحها في جزين وبعبدا، والأهم انها تؤشر الى وجود أزمة علاقة وثقة موجودة بين الرجلين قابلة للاتساع بعد الانتخابات.
بين النائب سعد الحريري ود.سمير جعجع لحل «عقدة الاشرفية» وتحديدا المقعد الارمني الذي «يتنازعه» الطرفان عليه.
في الواقع الحوار يدور في مكان ويمكن ان يلامس مسائل طارئة مثل الازمة بين مصر وحزب الله والوضع الامني، ولكن الانظار والاهتمامات تتجه الى مكان آخر الى الانتخابات ومرحلة ما بعد الانتخابات أيا تكن النتائج، وما يجري حاليا من نقاش شائك حول مصير ومفاعيل اتفاق الدوحة واستمرار روحيته وكيفية ترجمة ذلك عمليا في صيغة الحكم بعد الانتخابات، وما يجري من اهتزازات وتوترات داخل الفريق الواحد، كما الحال بين بري وعون أو بين الحريري وجعجع أو بين جنبلاط والقيادات المسيحية و14 آذار كلها مؤشرات ومقدمات لواقع جديد سينشأ بعد الانتخابات ومعه خارطة سياسية جديدة للعلاقات والتحالفات والتموضعات تفوق أهمية الخارطة النيابية والنتائج.