بيروت ـ زينة طبارة
تعليقا على نتائج جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، حيث فشلت في تعيين 5 اعضاء للمجلس الدستوري وموظفي الفئة الاولى على اثر ربط التعيينات بالموازنة العامة، اعتبر الخبير الدستوري المحامي د.حسن الرفاعي اثر استشارة «الأنباء» له انه لا يجوز اطلاقا ربط تعيين اعضاء المجلس الدستوري وباقي التعيينات الادارية بالموازنة العامة، لاعتباره الأمرين مختلفين بالشكل والمضمون وبعيدين كل البعد بالمهمة والاختصاص بعضهما عن البعض، مبديا أسفه لعدم كفاءة واضعي وثيقة الوفاق الوطني «اتفاق الطائف» في القانون الدستوري والاداري، مشيرا الى ان القول بالمادة 65 من الدستور «ان تعيين الموظفين محصور بمجلس الوزراء» هو قول خاطئ بالأساس، اذ ان الاصول في انظمة مثل النظام اللبناني حيال تعيين الموظفين وخاصة الفئة الاولى منهم يجب ان يتولاه حصرا رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء والوزير المختص، خصوصا في ظل حكومة مخالفة بشكلها الحالي للنظام البرلماني الديموقراطي.
ولفت الرفاعي الى ان ما يسمى بالسلة الواحدة ليس سببا للطعن بالتعيينات الإدارية لاحقا فيما لو تم اقرارها وتصبح نافذة لحظة صدور المرسوم بها، وكذلك الامر ما من عيب او نقاط ضعف تصيب المجلس الدستوري فيما لو تم تعيين اعضائه ضمن السلة الواحدة من التعيينات ما لم يتم ايضا الطعن في دستورية وآلية تعيين اعضائه، انما يشير الرفاعي الى ان القوانين والدساتير والأنظمة لا تقبل المساومات ولا تجيز اطلاقا القبول بها، وذلك لاعتباره ان المساومات هرطقة من صنع السياسيين غير الحريصين كل الحرص على كيان الدولة ونظامها، واصفا السلة الواحدة بالشروط التعجيزية التي لا تهدف الا الى المنفعة الشخصية التي لا تمت الى المنفعة الوطنية بصلة، الأمر الذي يشكل بحد ذاته عيبا بحق الدولة كونه يجوز تعيين موظف واحد فقط بموجب مرسوم منفرد وخارج إطار اي تعيينات اخرى.
وردا على سؤال اكد د.الرفاعي انه ليس هناك من موانع قانونية او دستورية تحول دون تشكيل المجلس الدستوري بعد اجراء الانتخابات النيابية، بحيث تحفظ الحقوق الى حين تشكيل المجلس المذكور، انما تترتب بذلك على الدولة اللبنانية الحقوق المكتسبة للطاعن بنيابة فلان من الفائزين وللمطعون بنيابته، لافتا الى ان استباق الانتخابات لقيام المجلس الدستوري امر يتصف بالعيب فقط، كون استمرارية النظام والحكم توجب حفاظا على كرامة وهيبة الدولة تشكيل المجلس قبل اجراء الانتخابات النيابية.
الوالي الجائر خير من الفتنة
وعن مسؤولية رئيس الجمهورية حيال عدم توصل الوزراء إلى تعيين اعضاء المجلس الدستوري، اكد د.الرفاعي ان مسؤولية رئيس الدولة لم تتغير قبل وبعد اتفاق الطائف، انما كونه أقسم اليمين بالمحافظة على دستور الدولة وحمايته، فإنه يقع تجاه عدم اتفاق الوزراء بين أمرين، الأول تطبيق القانون وهو عالم به بناء على ما لديه من مستشارين قانونيين ودستوريين، والواقع السياسي الأليم على الأرض، متسائلا والحالة المذكورة عما سيصيب الدولة اللبنانية من فراغ وزاري وعدم القدرة على تشكيل حكومة ثانية فيما لو استقالت الحكومة او تم اسقاطها بعد اعادة الرئيس المقررات الى مجلس الوزراء تطبيقا لأحكام الدستور، معتبرا وكأن الرئيس يحذو بذلك حذو عمر بن الخطاب «الوالي الجائر خير من الفتنة والكل شر وفي بعض الشر خيار».
الربط جائز
من جهة اخرى، اكد لـ «الأنباء» خبير دستوري رفيع المستوى رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات خاصة به، ان الربط بين الموازنة العامة والسلة الواحدة من التعيينات الادارية وتشكيل المجلس الدستوري هو امر جائز ولا مجال للطعن بالمجلس الدستوري لاحقا ما لم تخالف آلية تشكيله احكام المادة 65 من الدستور.
وعن دستورية تشكيل المجلس الدستوري بعد الانتخابات النيابية، اكد الخبير انه لا عيب في ذلك اطلاقا وهو احتمال وارد بناء على ما شهدته جلسة مجلس الوزراء الاخيرة في هذا الخصوص، انما يرى الخبير الدستوري انه لا يجوز من الناحية المنطقية ان يقوم احد النواب المطعون بنيابتهم بالمشاركة في إعطاء الثقة او حجبها عن الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات والتي ستتولى بدورها تعيين اعضاء المجلس الدستوري الـ 5 الذين سينظرون بالطعون، واصفا الأمر بالخلل الكبير على مستوى المنطق القانوني والدستوري.
ولفت الخبير الدستوري الى ان رئيس الدولة لا يستطيع تحريك اي ساكن حيال التجاذبات حول المجلس الدستوري سوى انتظار اتفاق الطرفين السياسيين المتنازعين حول هوية اعضائه، والسعي الى حل توفيقي وايجاد المخرج للأزمة، وذلك لأنه ليست له صلاحيات تخوله التدخل من موقعه وحل الخلاف، معتبرا ان دستور الطائف يحمل الكثير من التناقضات حيال رئيس الجمهورية بحيث انه مؤتمن على حماية الدستور وفي الوقت الذي لم يعط له الدستور صلاحية اتخاذ القرار بدوره كمؤتمن على الدستور لحمايته، معتبرا ان دستور الطائف بحاجة الى اعادة النظر به لإفراغه من كل تلك التناقضات المكبلة في كثير من الاحيان للحياة السياسية في لبنان وإلا ستبقى الخلافات لا تحل الا على طريقة الدوحة او ما شابهها.
وعن حكومة الثلث المعطل ودستوريتها، لفت الخبير الدستوري الى عدم وجود نص قانوني او دستوري يمنع ذلك لأن المشترع يوم لحظ ضرورة التصويت بالأكثرية الموصوفة (الثلثين) لم يكن بتصوره انه سيصار يوما الى وجود موالاة ومعارضة داخل مجلس الوزراء ومن يملك الثلثين يقف سدا منيعا في وجه القرارات، كما هي الحال والحكومة الحالية، مشيرا الى ان اساس النص وضعه المشرع لاعتباره ان الوزير الذي يصوت اليوم باتجاه معين ومع مجموعة معينة من زملائه الوزراء يمكن له ان يصوت غدا باتجاه آخر ومع مجموعة اخرى غير المجموعة الاولى، مبديا خشيته من ان تفرز الانتخابات النيابية المقبلة حكومة شبيهة من حيث التركيبة والشكل بالحكومة الحالية، انما مع امكانية اختلاف عدد الوزراء وبالتالي اختلاف النسب لكل من الفرقاء، الا اذا حصلت انشقاقات داخل فريقي 8 و14 آذار وبالتالي قيام فريق ثالث وفرض واقع جديد يبدل واقع المعادلات والحصص داخل مجلس الوزراء.