بيروت ـ اتحاد درويش
اكتمل عقد المجلس الدستوري بعد انتظار دام لـ 4 سنوات كان فيها مصير المجلس معلقا على حبال التجاذبات السياسية بفعل التنازع بين الأكثرية والاقلية، وبات المجلس المؤلف من 10 أعضاء جاهزا للقيام بدوره لجهة تلقي الطعون النيابية والبت بدستورية القوانين، بعد ان عينت الحكومة حصتها منه المؤلفة من 5 أعضاء، في وقت كان مجلس النواب قد انتخب قبل اشهر حصته ايضا والمؤلفة من الاعضاء الـ 5 الآخرين. ولأن المجلس الدستوري يعتبر جزءا اساسيا من العملية الانتخابية ويشكل الضمانة الكبرى لنزاهة الانتخابات، فإن الأنظار دون شك ستكون مشدودة باتجاهه بعيد الانتهاء من الانتخابات النيابية لمراقبة عمله وقراراته في الفصل في صحة نيابة نائب منتخب والنظر في النزاعات والطعون الناشئة عن انتخاب أعضاء مجلس النواب بموجب طلب يقدمه المرشح الخاسر الى رئاسة المجلس الدستوري في مهلة أقصاها شهر يلي تاريخ إصدار نتائج الانتخاب ويعلن المجلس صحة او عدم صحة النيابة المطعون فيها. ومما تقدم، يطرح السؤال: هل ستسمح تركيبة المجلس، حيث تحتفظ الاكثرية بـ 6 مقاعد من اصل 10 والاقلية بـ 3، فيما يبقى المقعد العاشر محسوبا على رئيس الجمهورية، لأن يقوم بدوره على اكمل وجه؟ وهل سيتمكن أعضاء المجلس من ترك السياسة التي جاءت بهم إلى المجلس الدستوري خارج المجلس ويتصرفون كرجال قانون ملتزمين بالمبادئ القانونية ومعايير العدالة والنزاهة والحيادية؟ وماذا لو تقدم احد المرشحين الخاسرين بالطعن بنيابة احد الفائزين من فريق 14 آذار، فهل سيوافق الاعضاء الـ 6، وماذا لو طال الطعن نيابة احد المرشحين من فريق 8 آذار، فهل سيوافق الاعضاء الـ 3، وكيف سيتصرف هؤلاء الـ 6 و3، مع الاشارة الى ان اي قرار يصدر عن المجلس الدستوري يحتاج الى 7 اعضاء، فهل سيكون لرئيس الجمهورية من دور توفيقي يمكنه ان يصل الى حبكة توفيقية يجمع فيها الاعضاء الـ 9 ويكون راعيا لهذا التوافق؟
ضميرهم الوطني
وفي هذا الإطار يصف رئيس المجلس الدستوري د.عصام سليمان وهو استاذ في القانون الدولي وأحد مستشاري رئيس الجمهورية في التحضير لطاولة الحوار، المهام الملقاة على عاتق المجلس الدستوري بالكبرى، خصوصا انه سيكون امامه عدد من الطعون بعيد الانتخابات النيابية، وقال ان امام اعضاء المجلس تحديا كبيرا لأن نجاح المجلس مرتبط بأداء اعضائه الذين لعدد كبير منهم ارتباطات سياسية، واكد في حديث لـ «الأنباء» ان اعضاء المجلس سيتصرفون ويمارسون دورهم بما يمليه عليهم ضميرهم الوطني ومسؤوليتهم، وان المجلس الدستوري سيتمكن من استعادة دوره ومهامه بحيادية تامة ونزاهة وحس وطني عال جدا، مؤكدا على دور رئيس الجمهورية في موضوع تعيين اعضاء المجلس الدستوري التي هي انجاز في ظل ما اعتبره كثيرون ان هذه الخطوة لن تتم. وأشار ردا على سؤال ان المجلس الدستوري لا يستطيع اعادة الاعتبار لنفسه الا بوضع حد للتدخلات السياسية في شؤونه، واذ لفت الى ان هناك اعضاء وصلوا عن طريق دعم سياسي من أطراف معينة رأى ان اداء اعضاء المجلس يجب ان يكون نابعا من انتمائهم الى المجلس الدستوري وليس من انتمائهم السياسي الذي جاء بهم الى المجلس، وشدد على ان المهمة الاساسية هي منع التدخلات السياسية في شؤون المجلس الدستوري الذي أمامه مهمة كبيرة عليه القيام بها ومسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق اعضائه الذين يدركون هذه المسؤوليات وسيتصرفون بما يؤدي الى استعادة دور المجلس ومهامه ان بالنسبة للطعون النيابية او النظر بدستورية القوانين. وأضاف القول ان من واجبات اعضاء المجلس وضع حد للتدخلات السياسية لأن سمعتهم هي الاساس بعد ان تعرضت تجربة المجلس السابق الى نكسة كبرى طالت اهم الاصلاحات التي جاء بها اتفاق الطائف وهو المجلس الدستوري. وعن كيفية تصرّف اعضاء المجلس امام الطعون النيابية التي ستنال من فريقي الاكثرية والاقلية، اوضح ان اي طعن يطرح على المجلس فان لكل الاعضاء سواء اكانوا الـ 6 ام الـ 3 فإن اي عضو منهم له الحق في مخالفة القرار الذي اتخذ حتى لو اتخذ بـ 9 اصوات من اصل 10، واكد ان العضو العاشر له الحق في مخالفة القرار ونشر حيثية مخالفة القرار مع القرار نفسه في الجريدة وفي وسائل الإعلام، واعتبر ان الرأي العام يكون الحكم على أداء المجلس وعلى قراراته، وشدد على ان كل عضو من أعضاء المجلس مسؤول أمام الرأي العام اللبناني لا أمام الجهة السياسية التي أوصلته إذ لا يجوز تفشيل هذا المجلس من خلال هذه الارتباطات السياسية. وردا على سؤال عن دور العضو المسمى على رئيس الجمهورية وما إذا كان سيقوم بالتوفيق بين الأعضاء أم انه سيكون مرجحا لفئة دون أخــرى، أوضــح ان دوره هــو توفيقــي، والحكــم، وضابــط الأداء انمــا ليس علــى حساب القانون، رافضا ان تتــم أيــة تسويــات علــى حســاب القانون والدستور.
البازار الانتخابي
وفي مجال آخر وفي اطار ما يجري تداوله من تقصير ولاية رئيس الجمهورية وصلاحيات الرئيس وما قاله الرئيس سليمان في هذا المجال من انه أمر دستوري ولكنه يحتاج الى توافق رأى د.سليمان ان ما يجري تداوله على الساحة اللبنانية من موضوع تقصير ولاية رئيس الجمهورية وموضوع المثالثة هي أمور تطرح في البازار الانتخابي.
وأعلن ان ما تحدث به رئيس الجمهورية لجهة صلاحيات الرئيس هو صحيح. لافتا الى ان أي تعديل للدستور يتطلب توافقا وطنيا وان الرئيس سليمان مدرك تماما لهذه الحقيقة، مشيرا الى ان رئيس الجمهورية وفي خطابه الأخير بمناسبة مرور عام على توليه سدة الرئاسة الأولى كان صريحا جدا في انه يرغب في تحقيق اصلاحات على صعيد النظام ككل ولكن هذه الاصلاحات تتطلب وفاقا وطنيا كما حصل في اتفاق الطائف، مؤكدا ان أي تعديل لاتفاق الطائف يتطلب وفاقا وطنيا وأوضح ردا على سؤال ان رئيس الجمهورية لا يتخذ مبادرة لتعديل الدستور اذا حصل وفاق وطني، مؤكدا ان المبادرة تأتي بعد عملية الوفاق الوطني حول الأمور التي ستتناولها التعديلات الدستورية.
ديموقراطية ميثاقية
وقال ان النظام اللبناني قائم على ميثاق العيش المشترك الذي ايضا فيه التباس حول مفهوم العيش المشترك ورأى ضرورة ان تطرح على طاولة الحوار هذه الاسس التي يقوم عليها النظام اللبناني ويحصل توافق بين مختلف الاطراف حول مفهوم الوفاق الوطني والعيش المشترك والمشاركة الطوائفية في السلطة. وعما اذا كان يعتبر اننا في ظل ديموقراطية توافقية، قال ان في لبنان ديموقراطية ميثاقية، وان التوافق يتم على الامور الميثاقية التي تحكم النظام السياسي اللبناني، داعيا الى توضيح مفهوم التوافق. وقال: اننا اصبحنا بحاجة الى حوار وطني شامل بسبب عدم تطبيق اتفاق الطائف بشكل جيد للبحث في كيفية تطبيقه بعد ان تصاعد الخلاف حول هذا الموضوع. وقال: لقد وصلنا الى مرحلة نقول فيها ان الاكثرية تحكم والاقلية تعارض، مشيرا الى ان هذا الامر ممكن في وضع طبيعي لا يسوده الانقسام الحاد ولا التشنجات السياسية، عندها يمكن للاكثرية ان تحكم والاقلية ان تعارض، لافتا الى ان لبنان يمر في مرحلة صعبة، حيث الوحدة الوطنية مزعزعة والعصبيات الطائفية والمذهبية تأخذ مداها والانقسام السياسي حاد، مؤكدا في هذا المجال على ضرورة اجراء حوار وطني يعيد الامور الى مسارها الصحيح. واذ شدد على ان اتفاق الدوحة قد اخرج لبنان من المأزق وتم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكلت حكومة واستعاد مجلس النواب دوره، اكد ان اتفاق الدوحة لا يلغي اتفاق الطائف.
الالتفاف حول رئيس الجمهورية
وعن دور رئيس الجمهورية في مرحلة ما بعد الانتخابات، وفي حال كانت نتائج الانتخابات متقاربة بين الاقلية والاكثرية، قال ان رئيس الجمهورية هو رئيس للبلاد وليس رئيس لكتلة وهو يقول دائما انه رئيس للبنان وليس لكتلة نيابية. وشدد على ان من يهمه ان تستعيد المؤسسات في لبنان دورها الطبيعي يفترض به الالتفاف حول رئيس الجمهورية بعد الانتخابات. رافضا ان يبقى الانقسام في لبنان كما هو حاصل اليوم.