وسط اهتمام إسلامي وعربي كبير وقلق إسرائيلي، جاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، الى المنطقة لفتح صفحة جديدة مع العالم الاسلامي مستهلا جولته التاريخية من السعودية، ويتوجه اليوم بخطاب عله يصلح ما أفسده سلفه جورج بوش ويحسن صورة الولايات المتحدة في عالم إسلامي مازالت أنظاره مشدودة الى حيث تخوض واشنطن حربين في أفغانستان والعراق، اضافة الى النزاع العربي مع إسرائيل أبرز حلفائها في المنطقة.
وكان في استقبال أوباما لدى وصوله مطار الملك خالد الدولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اضافة الى الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية والأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة والأمير د.عبدالعزيز بن محمد بن عياف آل مقرن أمين منطقة الرياض.
هـذا وأشـاد الرئيـس الامـيركي بـ «حكمة» خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مؤكدا انه أتى الى المملكة، بلد الحرمين الشريفين، لطلب المشورة قبل توجيه خطابه الى العالم الاسلامي من القاهرة اليوم.
وجاءت تصريحات أوباما خلال استقبال خادم الحرمين لأوباما في مزرعته في الجنادرية بالقرب من الرياض بعد ان سار الموكب الرئاسي داخل اراضي المزرعة محاطا بفرسان من الحرس الملكي.
وقال أوباما «انها زيارتي الاولى الى السعودية لكن سبق ان أجريت عدة محادثات مع جلالته».
واضاف «لقد تأثرت بحكمة وكرم» العاهل السعودي، مشيدا بالصداقة التاريخية بين الولايات المتحدة والمملكة.
وذكر انه بينما ينطلق في جولته التي ستقوده الى القاهرة أيضا، رأى انه «من المهم جدا ان آتي الى مهد الإسلام وان اطلب مشورة جلالته».
وأعرب عن «الثقة بأنه عبر العمل معا، تستطيع الولايات المتحدة والسعودية تحقيق تقدم في مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك».وتخلل الزيارة تقليد خادم الحرمين أوباما قلادة الملك عبدالعزيز الذهبية.
بدوره رحب خادم الحرمين بالضيف الأميركي وقال «أريد ان أعرب عن أطيب تمنياتي للشعب الأميركي الممثل برجل مميز يستحق ان يكون في منصبه».
بن لادن يحذر
وما بين القلق الاسرائيلي والاهتمام العربي، وفي توقيت بالغ الأهمية برزت امس رسالة وجهها زعيم القاعدة أسامة بن لادن حذر فيها الأميركيين من عواقب السياسات الجديدة للرئيس باراك أوباما.
وقال بن لادن إن الرئيس الأميركي باراك أوباما غرس بذور الانتقام والكراهية إزاء الولايات المتحدة في العالم الإسلامي.
ورأى زعيم القاعدة في تسجيل صوتي بثته الجزيرة امس ان «أوباما قد سار على خطى سلفه في زيادة الاستعداء للمسلمين ومؤسسا لحروب طويلة الأمد».
واعتبر بن لادن في التسجيل الذي بث بعيد وصول الرئيس الأميركي الى الرياض وعشية توجيهه خطابا الى العالم الإسلامي، ان أوباما وإدارته «قد بذروا بذورا جديدة لزيادة الكراهية والانتقام من أميركا تعدادها بعدد المتضررين والمشردين من وادي سوات» وحذر زعيم القاعدة «فيلتهيأ الشعب الاميركي ليواصل جني ما يزرعه زعماء البيت الأبيض خلال السنين والعقود المقبلة».
على مدرجات جامعة القاهرة
ملفات أوباما وأبرزها النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، والتشدد، والإرهاب، وإيران وحقوق الإنسان، يحملها اليوم الى القاهرة في محطته الثانية، حيث يستقبله الرئيس المصري حسني مبارك قبل توجهه الى جامعة القاهرة ليخاطب العالم الإسلامي من على مدرجاتها تنفيذا لوعد انتخابي قطعه على نفسه سعيا لترميم صورة بلاده التي حطمتها سياسات سلفه بوش.وفي واشنطن اعتبر السكرتير الصحافي للبيت الأبيض، روبرت غيبس، ان خطاب أوباما «سيكون جزءا مهما من هذا الحوار والتعاطي مع العالم الإسلامي، والذي بدأ في خطاب تنصيبه واستمر عبر أماكن وقنوات أخرى، مثل المقابلة مع قناة «العربية» وخطابه أمام البرلمان التركي.
وفي وقت سابق أكد غيبس ان خطاب أوباما يعد اللحظة الحاسمة في جولته، «إذ إن هذا الخطاب سيحدد التزامه الشخصي بالدخول في حوار (مع العالم الإسلامي) يقوم على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل. وسيتناول كيف سيكون بمقدور الولايات المتحدة والشعوب الإسلامية في جميع أنحاء العالم رأب الهوة وبعض الخلافات القائمة بين الطرفين».
بدوره نائب مستشار الأمن القومي للاتصالات الإستراتيجية، دنيس مكدونو، قال ان العامل المهم في اختيار القاهرة ليلقي منها الرئيس أوباما هذا الخطاب الموجه للعالم الإسلامي هو الأهمية التي تحتلها مصر باعتبارها حليفا عريقا للولايات المتحدة.
وتابع مكدونو يقول ان «الرسالة التي يريد أوباما توجيهها هي بصراحة، لا تختلف عن الرسائل التي دأب على إرسالها منذ تنصيبه رئيسا، وهي أننا نؤمن بأن أمامنا فرصة سانحة بالنسبة لنا هنا في الولايات المتحدة، اننا نريد العودة إلى شراكة مشتركة، والعودة إلى الحوار الذي يركز على القيم المشتركة»، وفق الخارجية الأميركية.
قلق إسرائيلي
الزيارة التي شغلت أنظار العالم العربي لم تلق ذات الترحيب في إسرائيل التي لم تخف قلقها من المصالحة الاميركية مع المسلمين وأعرب وزير النقل إسرائيل كاتس عن ان بلاده تأمل ألا يكون خطاب المصالحة مع العالم الإسلامي الذي سيلقيه الرئيس الاميركي اليوم في القاهرة على حسابها.
وقال الوزير المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاذاعة الجيش «من حق الرئيس الاميركي ان يسعى للمصالحة مع العالم الاسلامي ومنافسة القاعدة او ايران على الفوز بقلبه. نحن من جانبنا علينا التأكد من ان ذلك لا يضر بمصالحنا المشتركة» مع الاميركيين.وقال كاتس الذي يقوم بمهام المتحدث باسم نتنياهو ان اوباما «يبدي ودا حيال اسرائيل» لكنه اضاف ان «لديه مقاربة مختلفة» عن سلفه جورج بوش.
واقر كاتس بان «هناك تعاونا كثيفا بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكن الخلافات تفاقمت في الآونة الاخيرة»، منتقدا الضغوط التي يمارسها أوباما على إسرائيل لإلزامها بوقف أعمال البناء كليا في المستوطنات اليهودية.واكد الوزير الاسرائيلي ان «الحكومة الحالية لن تجمد النمو السكاني الطبيعي في مستوطنات بالضفة الغربية والقدس، ليس هناك اي تردد بهذا الشأن».بدورها، ذكرت شبكة «سي.ان.ان» الإخبارية الأميركية أن شعوب الشرق الأوسط تعلق آمالا كبارا على زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للسعودية ومصر.
وأشارت الشبكة ـ في تقرير لها أمس الى تأكيد الرئيس الأميركي ان زيارته تعد «أول خطوة على طريق فتح حوار مع العالم الاسلامي». ورأت أن إلقاء كلمة ليس من شأنه حل كل المشكلات في منطقة الشرق الأوسط بين عشية وضحاها.