ما حدث في بيروت مساء امس الاول لم يكن منتظرا ولا مبررا، فالاشكالات التي تطورت الى «اشتباكات» وانفلات مسلح في بعض شوارع العاصمة أوجدت حالة أمنية ونفسية متوترة لا تنسجم مع حالة سياسية ايجابية ملؤها الانفتاح والتعاون، وما وقع بين انصار حركة امل وتيار المستقبل يخالف الواقع السياسي الذي يشير الى علاقة جيدة بين الرئيسين بري والحريري. صحيح ان «الاشتباكات المحدودة» التي انطلقت شرارتها من «عائشة بكار» وامتدت الى احياء اخرى، تم احتواؤها بشكل سريع نتيجة الانتشار الحازم للجيش اللبناني، ولكن هذه الانتكاسة التي وترت اجواء العاصمة ونقلتها مرة واحدة من حال الى حال وأيقظت مشاعر وهواجس ذات صلة بالمرحلة السابقة، اطلقت سيلا من التساؤلات كان ابرزها: لماذا حصل ما حصل؟ وهل في الامر رسائل ومؤشرات سياسية، ام انه مجرد عارض أمني؟
تفيد جهات بيروتية «محايدة ومراقبة» بأن انفجار الوضع الامني على هذا النحو المقلق، يعود الى تضافر جملة اسباب وعوامل ابرزها:
-
رواسب المرحلة الماضية التي كانت بلغت نقطة الذروة يوم 7 مايو 2008.
-
حالة الاحتقان والتشنج في الشارع التي بدأت تتراكم في الاسابيع الاخيرة منذ اشتداد حمى المعركة الانتخابية وتصاعد الحملات المتبادلة، وبعد اعلان النتائج التي حملت للطرفين ما لم يقدرا على استيعابه من مفاجأة وصدمة. فلا الفريق الخاسر كان يتوقع الخسارة، ولا الفريق الفائز كان يتوقعا انتصارا واضحا بهذا الحجم. هذه الحالة المزدوجة من صدمة الخسارة وصدمة الفوز ترجمت في الشارع في الايام الماضية عند انتخاب بري رئيسا للمجلس وعند تسمية الحريري رئيسا للحكومة وما رافق الحدثين من «انفلات احتفالي» في الشارع والمشاعر.
-
دخول البلاد مرحلة جديدة ظاهرها «الانفراج وكلام الوحدة والاستعدادات الطيبة» وباطنها «صراع سياسي محتدم دخل للتو مرحلة جديدة مع بدء عملية تشكيل الحكومة وتقاسم جديد للسلطة».