بيروت ـ عمر حبنجر
واضح من مجمل الاتصالات والمشاورات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية، أن هناك صعوبات تواجه تشكيل سعد الحريري لحكومته.
ومن المؤكد أن هذه الصعوبات لن تكون عصية على الحل في نهاية المطاف، الا أنها تعوق انطلاق عربة الحكم على مساره السليماني التوافقي الجديد، بالتأكيد.
ويلاحظ مراقبون محليون ان ثمة جهات في المعارضة تراهن على نفاد صبر الرئيس المكلف سعد الحريري جراء العقد والعقبات، لكن مجريات الأمور واعتماد الحريري سلاح الصمت في مواجهة الثرثرات السياسية والمتطلبات المحاصصية، توحي بأن مثل هذا الرهان مع هذا الرئيس المكلف خاسر حكما.
وهذا على الاقل ما استنتجه وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير من مجمل محادثاته في بيروت التي غادرها امس الى دمشق، وهو يردد ان تأليف الحكومة اللبنانية شأن لبناني، يبدأ من الداخل وليس من الخارج.
وقال كوشنير بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء الجمعة ان فرنسا لا تتواصل مع سورية والسعودية لتأليف الحكومة اللبنانية، وأبدى تفاؤله بالمحادثات التي اجراها مع المسؤولين اللبنانيين آملا أن تشكل حكومة وحدة تمثل قفزة نحو الديموقراطية.
وفي تصريح صحافي قال الوزير الفرنسي ان فكرة الثلث المعطل في الحكومة لا تعكس اداء ديموقراطيا، متمنيا ان تكون هناك حكومة من دون توتر او معارضة، والافادة من الوضع الاقليمي الذي لم يعد يثقل على الوضع كما كان في السابق مشددا على ان يكون لبنان دولة مستقلة.
وعلى نفس الوتيرة تحدث بعد لقائه العماد ميشال عون في الرابية قبل ظهر امس، حيث جدد الاعراب عن تفاؤله بالجهود الداخلية والاقليمية، لكنه حصر العقبات في اثنتين: الثلث المعطل والطائفية.
وبعد لقائه النائب مروان حمادة عضو اللقاء النيابي الديموقراطي، توجه الى المطار وغادر الى دمشق صارفا النظر عن عقد مؤتمر صحافي كان اعلن عنه.
بين تشاؤم كوشنير وتفاؤل بري
وكان وزير الخارجية الفرنسية التقى الرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري وفؤاد السنيورة وسعد الحريري، فضلا عن وزير الخارجية فوزي صلوخ وعضو كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي وقيادات من 14 آذار في قصر الصنوبر بعيدا عن الاعلام.
وقبل لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري قال كوشنير ان تشكيل الحكومة يتطلب عدة اسابيع، وبعد الزيارة قال الرئيس بري «لا أزمة في تشكيل الحكومة وان الشيخ سعد مازال في الفترة الطبيعية للتشكيل، قياسا على الحكومات السابقة
قنوات سعد المفتوحة
وعلى الصعيد المحلي اشارت مصادر مطلعة الى ان قنوات الاتصال مفتوحة بين الرئيس المكلف وحزب الله، حيث تم التشاور اكثر من مرة بين الحريري والمعاون السياسي للامين العام الحاج حسين خليل، وكذلك الامر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي مازال ملتزما الصمت، وقال ان الامور المتعلقة بالمساعي لتشكيل الحكومة لم تبلغ بعد الخط الاحمر او مرحلة القلق، بل مازالت في فترة السماح.
وتوقعت مصادر بارزة في المعارضة عبر جريدة «السفير» من الرئيس المكلف ان يسارع الى التقاط اللحظة السياسية الاقليمية المؤاتية للامساك بزمام المبادرة، والتحرك بدينامية جديدة تقوم على تقييم الافكار وتعديل بدائل عن تلك التي لا تلقى قبولا سواء من قبل الرئيس ميشال سليمان او من قبل المعارضة وبالذات صيغة 16 وزيرا للموالاة و10 للمعارضة و4 وزراء لرئيس الجمهورية التي يتمسك بها الحريري.
سليمان يمهل حتى نهاية الشهر
ونقل عن الرئيس ميشال سليمان الذي سيغادر الثلاثاء الى شرم الشيخ لحضور مؤتمر دول عدم الانحياز انه وضع لنفسه مهلة لنهاية الشهر الجاري كحد اقصى لتشكيل الحكومة، والا فانه يحضر لموقف بالغ الاهمية سيعلنه في الاول من اغسطس بمناسبة عيد الجيش حيث سيلقي كلمة في الاحتفال. ونقل الزوار عن الرئيس سليمان قوله ردا على سؤال حول حصته في الحكومة، لن اكون حجر عثرة بوجه اية صيغة يتفق عليها، فاذا جاءتني الموالاة والمعارضة بتشكيلة تم التفاهم حولها وتكون بصيغة 19 + 11 فاني سأوقع مرسوم تشكيل الحكومة فورا، والمهم ان يتم الاتفاق بين الموالاة والمعارضة.
وفيما تستمر الاتصالات البعيدة عن الاضواء بين الرئيس سليمان والرئيس المكلف يستمر التجاذب بين الموالاة والمعارضة حول عقدة الثلث المعطل، كما وصفها وزير الخارجية الفرنسية قبل ان يغادر بيروت، وفيما قالت النائبة نايلة تويني ان الثلث المعطل ممنوع في قاموس 14 اذار، وان سلاح حزب الله يحال الى طاولة الحوار، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن انه في لقاء ممثلي الحزب مع كوشنير لم يتطرق الاخير الى الموضوع الحكومي، بل تحدثنا بالمثالثة الفاعلة والمشاركة الحقيقية ذات الطابع الافتتاحي نافيا ان يكون احد تطرق الى حق حزب الله في المقاومة.
نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى دعا الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون تعبيرا عن توافق اللبنانيين، معتبرا في خطبة الجمعة ان المطالبة بثلث ضامن او معطل في الحكومة بدعه.
غير ان المكتب الاعلامي للشيخ قبلان سحب هذا الكلام من التداول الاعلامي ثم اعاد توزيعه محذوفا منه كلمة البدعة.
الاسراع لا التسرع
من جهته النائب ياسين جابر كتلة التحرير والتنمية رد ما وصفه بالهجوم على الرئيس المكلف سعد الحريري الى توزيع الحصص الوزارية، وقال ان هذا لم يأت من المعارضة بل من الموالاة. وقال: مطلوب الاسراع في تشكيل الحكومة وليس التسرع، وتفادي الدعسات الناقصة وقال ان المعارضة قالت نريد حكومة وحدة وطنية ويدنا ممدوة ونحن ننتظر ما سيعرض علينا واذا بدأ الهجوم من الموالاة حيث كل كتلة تريد كذا وزير مذكرا باعلان النائب وليد جنبلاط الحرب على الخصخصة.