برز حديث عن تقارب بين النائب وليد جنبلاط والعماد ميشال عون لكن سرعان ما خفت الحديث عن هذا اللقاء بعدما تعثرت محاولات عدة لجمعهما «آخرها اجتماع بين الوزير جبران باسيل ونائب مقرب من جنبلاط» حول هذا اللقاء المتعثر وأسباب تأجيله يمكن التوقف عند ما يلي:
ثلاثة لقاءات أجهضت حتى اليوم بين الطرفين كان آخرها منذ نحو اسبوعين في منزل جراح القلب نبيل الطويل (مقرب من عون وصديق لجنبلاط الذي يحترمه ويقدره) في الرابية.
وقد ألغي في اللحظات الاخيرة، كما ألغي اجتماع في المكان ذاته منذ اشهر لدواع قيل انها امنية. فعمد جنبلاط الى دعوة عون الى العشاء في منزله في كليمنصو، لكن عون اعتذر عن المجيء. أما الدعوة الاولى فكانت منذ نحو عام ونصف العام في منزل الطويل، لكن اللقاء لم يحصل.
وجهة نظر جنبلاطية
مصادر جنبلاط تقول:
- ـ ليس هناك عائق محدد أمام حصول هذا اللقاء انما الظروف لم تنضج بعد والمناخ ليس مواتيا.
- ـ مواقف الطرف الآخر ليست متصلبة انما في الوقت نفسه لا تساهم في ايجاد مناخ ايجابي.
- ـ لا دخل لدعوة جنبلاط الاخيرة لإقامة تكتل اسلامي قوي بإعاقة حصول اللقاء.
- ـ الخلاف مع التيار الوطني الحر لم يتعد حدود الخلاف السياسي على الرغم من انهم يستحضرون ملفات الماضي بغية اثارة العصبيات، انما يبقى الخلاف السياسي أمرا مشروعا.
- ـ اذا كانت البلاد تتجه نحو قيام حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها الجميع، فإن النقاش يدار من خلال المؤسسات وتحديدا على طاولة مجلس الوزراء، لذلك ليس المطلوب دوما حصول لقاءات ثنائية.
.. وللعونيين وجهة نظرهم
اجواء التيار الوطني الحر تفيد:
- ـ بان حصول لقاء بين طرفين مهمين على صعيد لبنان بشكل عام وفي الجبل بشكل خاص يتطلب وضع تصور للعلاقة الا اذا أردنا حصول لقاء عابر واللقاء قد يحصل أو لا يحصل وفقا لنضج الظروف.
- ـ لا أحد يمكنه وضع شروط مسبقة لحصول هذا اللقاء، انما لحصول تقارب كهذا فلابد من توافر حد ادنى للتفاهم على المستويين الحزبي والقيادي حتى تكتسب العلاقة عمقا معينا.
- ـ اللقاء ينبغي ان يفضي الى نتيجة ايجابية فلا يكون فلكلوريا يستفيد منه جنبلاط سياسيا كأنه «بطل» الانفتاح على المعارضة من حزب الله الى التيار، و«الرجل المحب» للمسيحيين بعد ان زار بطريركهم في الديمان وكان وصفهم قبيل الانتخابات «بالجنس العاطل».
تلمح أوساط التيار الوطني الحر الى حذر شديد لدى العماد عون من مد اليد لجنبلاط وخصوصا بعدما تسربت اليه أحاديث خاصة للاخير عن رأيه بالمسيحيين ودورهم، وبعد تصريحات الاخير عن حلف لا يضم هؤلاء. واستنادا الى ادوار لعبها جنبلاط وكانت مسيئة للتيار بعد العام 2005 فعكر علاقاته مع رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، وكان عرابا للحلف الرباعي، وهو نجح في العام 2005 في «بلف» الشيعة مظهرا العماد عون انه حليف للاميركيين، ونجح في انتخابات العام 2009 في «بلف» المسيحيين بعد ان صور لهم سلاح حزب الله شرا مستطيرا ثم عاد وفتح خطوط التفاهم مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
وفي سياق حذره من تقلبات جنبلاط، وفي تعليق له على مواقفه الاخيرة من سورية وزيارة الحريري لها، نقل عن العماد ميشال عون قوله: تصرفات وليد بك لا اعرفها لكني اذكر «كشاش» الحمام منذ كنا صغارا، وكيف ينادي حماماته فتعود اليه. والنائب جنبلاط عنده سربه الذي يناديه فيعود اليه. واعلن ان ظروف لقائهما لم تتكون بعد.
كما تتحدث هذه الاوساط عن خشية لدى عون من ان يكون جنبلاط لا يريد علاقة معه بقدر ما يريد ابعاده عن حزب الله.
وفي هذا المجال، يقول نائب مقرب من العماد ميشال عون: «عندما نسمع النائب جنبلاط يتحدث عن تحالف اسلامي جديد نرى ان في عقله الباطني يسعى الى فك التفاهم القائم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وفي حال كان يراهن على هذه النقطة، فلن يفلح».
صراع تاريخي
يرى محلل سياسي ان الاندفاعة الجنبلاطية في اتجاه الشيعة (حزب الله وحركة أمل) تحركها مشاعر القلق والاعتراف بالقوة الشيعية (الديموغرافيا والسلاح). ولكن حساسية اخرى تحرك هذه الاندفاعة وهي ذلك المركب العميق والغائر والتاريخي الذي يعوق أي دفء في العلاقة بين الزعامة الجنبلاطية وبين المسيحيين في جبل لبنان.
فالحقبات التي شهدت تقاربا بين مركبي السياسة في جبل لبنان الجنوبي في تاريخ لبنان الحديث كانت استثناء، في حين كان التنافس والخصومة هما القاعدة. مسيحية الجبل تلغي درزيته، والزعامة الجنبلاطية لطالما سعت اثناء سعيها لتعدي مضمونها الدرزي الى موازنة التفوق الماروني في الاعداد والقدرات.
فالقدر الاقلوي لهذه الزعامة اعاق طموحاتها في حقبات كثيرة، ومثل انتكاسة في حقبات أخرى.