العراء السياسي والاستقرار الأمني: يرى مراقبون ان المسألة الأكثر اثارة التي بدأت تطل من خلف الجمود الحالي تتمثل في الخشية من ان يؤدي بقاء البلاد في «العراء السياسي» الى تآكل الاستقرار الأمني، وقد بدأ الاعلان عن هذه المخاوف صراحة من فريقي الصراع. ففي خضم المعركة السياسية لتشكيل الحكومة، يسأل المراقبون عما اذا كانت المظاهر الأمنية المتفرقة ناتجة عن مجرد صدفة أم انها ثمرة الاهتراء السياسي، ما يؤشر الى احتمال تفاقمها. وأبرز هذه المظاهر ما جرى ويجري في سجن رومية الذي وصفه الوزير بارود بأنه يحتوي على «قنبلة موقوتة»، فيما أمن طرابلس تعتريه ثغرات ونار تحت الرماد، يضاف اليه الحادثة الدموية التي عكرت أجواء بقاعصفرين والاعتداء على مسؤول الأمن العام وديع خاطر في منطقة عنجر.
وبخصوص الوضع في طرابلس، تقول أوساط انه في يونيو من العام الماضي انفجر الوضع في طرابلس بين العلويين في جبل محسن وجوارهم السني.
من بحاجة الى من؟: تقول أوساط في تيار المستقبل ان جنبلاط بحاجة الى الحريري وليس العكس، بالرغم من حيثيته الشعبية والسياسية، وانه مدين بكتلته النيابية الى أصوات السنة التي تدين بالولاء للحريري في بيروت والشوف والبقاع الغربي راشيا (8 نواب من أصل 11 نائبا)، وقد أعلن النائب أحمد فتفت صراحة لو ان جنبلاط اتخذ موقفه قبل الانتخابات لكان الوضع تغير وانقلب الكثير من المعادلات.
ضمانات: تشير مصادر مطلعة الى ان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لم يكن ليقدم على هذا التحول في سياسته لولا «ضمانات حملها اليه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من الرئيس بشار الاسد».
ولاحظت هذه المصادر انه بعد لقاء جنبلاط ونصراللــه في بيروت ولقاء نصرالله والاسد في دمشق بــدأت عملية تطبيع العلاقة بين حزب الله والحزب الاشتراكي متــلازمة مــع عملية انعطاف سياسي لجنبلاط في اتجاه دمشق وحلفائها.
البيت الدرزي: رغم التحسن الملموس في أجواء العلاقة بين النائب وليد جنبلاط والوزير طلال ارسلان على المستويين الشخصي والسياسي، لم ينسحب هذا التحسن على وضع الطائفة الدرزية لجهة ترتيب بيتها الداخلي وحل المشاكل العالقة وأولاها مشكلة وجود شيخين للعقل (الشيخ نعيم حسن المعين قانونا والشيخ ناصر الدين الغريب المعين في دارة خلدة ولا يملك اي سلطة قانونية)، اضافة الى مسألتي ادارة الأوقاف والمجلس المذهبي.
تساؤلات: سأل سياسي متابع: هل كان لقاء الرئيس سعد الحريري مع الوزير طلال ارسلان رسالة من الحريري الى النائب وليد جنبلاط وردا على تقربه من حزب الله؟ وهل جاء لقاء الرئيس نجيب ميقاتي مع الوزير السابق وئام وهاب رسالة من ميقاتي الى الحريري وردا على لقائه مع الرئيس عمر كرامي؟
أجواء بعبدا: يبدي الرئيس ميشال سليمان ارتياحه لـ«الهدوء النسبي» في الحملات الاعلامية المتبادلة بين فريقي عون والحريري.
ونقلت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة عن سليمان ان هذا الهدوء قد «يساعد على اعادة اطلاق الاتصالات»، معتبرا ان الكرة الآن في «ملعب الرئيس المكلف الذي عليه ان يضع مسودة تشكيلة حكومية يعرضها عليه للبحث في امكانية اصدارها بعد استمزاج آراء المعنيين بهذا الملف».
وقالت المصادر ان رئيس الجمهورية ينبه ويحذر من اطالة أمد عملية التأليف، مشيرة الى ان خشيته مصدرها تطويل الفراغ الحاصل في السلطة التنفيذية بوجود رئيس مكلف ورئيس يصرف الأعمال، معتبرا ان لبنان اختبر الفراغ في أكثر من مرة وان نتائج هذا الفراغ معروفة وسيئة.
ويشير المطلعون على أجواء قصر بعبدا الى ان الرئيس سليمان يرى انه لابد من فتح كوة في مكان ما من الجدار السميك، وهو يستعجل تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، وبالتأكيد فإنه سيسعى قدر المستطاع الى ضمان تشكيلها قبيل سفره الى نيويورك في 22 سبتمبر المقبل، حيث سيلقي كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لأن من شأن ذلك ان يجعل حضور لبنان ورئيسه أقوى من على منبر أعلى منظمة دولية.