بيروت ـ زينة طبّارة
يعتقد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب زياد أسود ان البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، قد تسبب في تقزيم دور بكركي من خلال مواقفه ذات الانحياز الصريح مع فريق 14 آذار وما يسمى بقوى الأكثرية النيابية، معتبرا ان بكركي قد تحولت في الوقت الراهن وبفضل مواقف البطريرك صفير من صرح وطني جامع وموحد بين اللبنانيين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص الى مركز سياسي فئوي وطرف في معادلة سياسية، لافتا الى ان مواقف البطريرك صفير غير مألوفة اذ لم يكن هناك عبر تاريخ البطريركية المارونية من سابقة مماثلة لها.
ورد النائب أسود في تصريح لـ «الأنباء» على كلام البطريرك صفير الذي قال اثناء مغادرته مطار رفيق الحريري الدولي متوجها الى حاضرة الڤاتيكان «لا يحق لمن لم ينل ثقة الشعب في الانتخابات النيابية ان يتوزر في الحكومة»، رد معتبرا ان الكلام المذكور ليس فقط «تزويرا» للواقع اللبناني وتشويها للحقائق، انما ايضا محاولة من البطريرك نفسه للعب على عواطف القواعد الشعبية للتيار الوطني الحر ومن يؤيده من الرأي العام اللبناني، وذلك بهدف سحبه الى خيارات سياسية اخرى لا يحق اساسا للبطريرك ولبكركي الدخول بها، سائلا هذا الأخير عن النصوص الدستورية التي لا تجيز توزير الراسبين ممن لم يحالفهم الحظ في الانتخابات، ومتمنيا عليه الاشارة الى سابقة واحدة في الخصوص نفسه حصلت خلال تاريخ تأليف الحكومات في لبنان، مؤكدا ان اثارة هذا الموضوع من قبل سيد بكركي تحديدا وان دلت على شيء فهي تدل على اصرار كبير لدى الآخرين لاخراج التيار الوطني الحر من المعادلة الحكومية.
واعتبر نائب جزين انه وفي مطلق الأحوال ليس لبكركي الحق في التدخل في الشأن السياسي وتحديدا في موضوع توزير من يراه التيار الوطني مناسبا من صفوفه وقياداته لهذه الحقيبة الوزارية او لتلك، مشيرا الى ان التجارب السابقة مع مواقف البطريرك صفير، خصوصا لجهة دعمه اتفاق الطائف تحت عنوان وقف الحرب، أوصلت المسيحيين الى مزيد من الشرذمة داخل صفوفهم، وأدت الى خلل كبير على مستوى تمثيلهم في الحكم وفي ادارات الدولة ككل، والى نسف حقوقهم التي هدرت وتهدر على ابواب قصر قريطم وغيرها من الأبواب المتعملقة عليهم قسرا وزورا، لافتا الى عودة البطريرك صفير اليوم للقفز ثانية فوق الفريق المسيحي الأقوى والأكثر تمثيلا للمسيحيين، للتفريط بحقوقهم بشكل يصبح فيه من الصعب استعادتها ولو من الناحية المعنوية.
وتوجه النائب اسود الى البطريرك صفير بالقول انه آن الأوان كي يتعلم المسيحيون من تجاربهم السابقة السيئة والمريرة، لاسيما من تجربة اصطفاف بكركي مع فريق ضد الآخر، معتبرا ان عشرين سنة من تراخي المسيحيين في مواقفهم السياسية، ومن تساهلهم في مشروع هضم حقوقهم أدت الى ما هم عليه اليوم، وانه آن الأوان ايضا كي يتعلم المسيحيون عدم اعطاء احد من حسابهم الخاص تحت شعار الحلحلة والتسهيل حتى ولو كانوا على خلاف معه، مشددا بوجه خاص على ضرورة عدم اضعاف بكركي لفريق مسيحي لا يتوافق معها بهدف تقوية آخر عليه.
على صعيد آخر، وعلى خط مسار تأليف الحكومة، ختم النائب أسود لافتا الى ان المسار المذكور يصبح يوما بعد يوم اكثر تعقيدا وتشنجا، وذلك لاعتباره ان عملية التأليف تسير خارج نطاق القواعد والأصول والأعراف المتبعة، الأمر الذي يشير برأي النائب أسود الى عدم قيام الحكومة على المدى المنظور، ما لم تتغير اساليب تعاطي الرئيس المكلف مع فريق المعارضة بشكل عام والتيار الوطني الحر بشكل خاص، وما لم تتبدل قناعاته تجاههم الى حد اعتبارهم شركاء أساسيين في عملية الحكم وليس فريقا مرتزقا، واصفا ما يجري اليوم على المستوى المذكور «باللهوة» لإطالة أمد التأليف، بانتظار حدوث خرق ما في مكان ما من مسار التأليف.