بيروت ـ عمر حبنجر
يوم آخر، وتشكيل الحكومة اللبنانية معلق في ارجوحة المشاورات. تلتقي القيادات مع الرئيس المكلف سعد الحريري، ويتم التفاهم على نقطة معينة، لكن هذا التفاهم كي يصبح موضع اتفاق يوجب اجراء كل طرف مشاورات تفصيلية مع حلفائه، وكلما توسعت المشاورات تفرعت وتفصلت، وبالتالي تطلبت المزيد من هدر الوقت والاعصاب، اضافة الى المصالح الوطنية.
هذا الواقع، ورغم موجة التفاؤل الشائعة منذ قمة دمشق السعودية ـ السورية، مازال يخيم بسلبياته على الاجواء اللبنانية، ليدفع اللبنانيين من جديد الى حيز اليأس المشحون بانعدام الثقة بالمشجعات الاقليمية الملغومة بالمصالح المموهة بشتى الشعارات والاعتبارات.
مجلس المطارنة يأسف
الواقع عينه يعكسه بوضوح وتحفظ مجلس المطارنة الموارنة الذي اجتمع امس في لقاء شهري برئاسة البطريرك الماروني نصرالله صفير حيث أسف لأن لا تكون الحكومة قد تشكلت بعد مضي اكثر من ثلاثة اشهر على محاولة تشكيلها فيما مصالح الناس مؤجلة وليس من يرعى شؤونهم. واضاف بيان مجلس المطارنة ان هذا الفراغ في سدة الحكومة يصيب بخاصة طبقة الفقراء الذين يشكون الضائقة وليس من يهتم بهم ويرد عنهم غائلة الجوع. وتابع يقول: تؤلف الحكومات في بلدان العالم لخدمة الوطن وتأمين مصالح المواطنين أما في لبنان فيبدو ان مصالح الناس مؤجلة وليس من يهتم لها، فيما كثيرون من اهل السياسة يوجهون اهتمامهم لغاياتهم الشخصية ومصالحهم الخاصة.
الولاء للوطن أولا
وقال: منذ بدء السبعينيات هاجر من لبنان نحو مليون مواطن، أما آن الاوان لنفكر جميعا بمصير الاجيال الطالعة فلا ندفعهم دفعا للهجرة. واضاف ان الولاء للوطن لا يحتمل ان يخالطه الولاء لسواه، ولابد من ان يكون ولاء اللبنانيين لوطنهم دون سواه من البلدان، قريبة كانت أم بعيدة.
الحريري: البطريرك ضمير لبنان
وكان الرئيس المكلف سعد الحريري قد ابلغ البطريرك الماروني نصرالله صفير تقديره وصداقته ومودته تجاهه، «نظرا الى المواقف الوطنية الصلبة والبناءة التي يتخذها صفير باستمرار صونا للقيم ودفاعا عن النظام الديموقراطي والممارسة الصحيحة له، ودعوته الى احترام الاصول الدستورية على صعيد المؤسسات والمسؤوليات العامة».
استقرار الحياة السياسية
د.داود الصايغ مستشار الرئيس المكلف، نقل هذه الرسالة الى البطريرك الذي وصفه الحريري اكثر من مرة بأنه ضمير لبنان. البطريرك صفير وبحسب ما نقل عنه عضو كتلة «لبنان اولا» النائب خالد الضاهر أبدى ألمه لما يحدث في البلاد لجهة التأخير بتشكيل الحكومة، معتبرا ان التأليف يؤدي الى استقرار الحياة السياسية وانتظام الدورة الاقتصادية، مؤكدا حرصه على الجو الديموقراطي واحترام اختيار الناس في الانتخابات.
من جهته، رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، تحدث الى صحيفة الديار عن المعطيات الايجابية التي دخلت عاملا مستقرا في تشكيل الحكومة، رافضا مقولة ان التشكيل الجدي للحكومة بدأ عقب لقاء الرئيس المكلف العماد ميشال عون. وحول توزير جبران باسيل، وزير الاتصالات الحالي قال جعجع ان القوات لم ولن تتوقف يوما عند هذا الأمر، مضيفا ان الأمر سيان سواء تم توزير باسيل او اي مسؤول آخر في التيار الوطني الحر لأنهم جميعا ملتزمون سياسة واحدة.
مشاورات تحتاج إلى الاستكمال
في غضون ذلك، أوضح النائب ابراهيم كنعان، عضو كتلة التغيير والإصلاح، في حديث متلفز ان اللقاء الاخير بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والعماد ميشال عون، تخللته عروض مبدئية تحتاج الى استكمال المشاورات بين الحريري وحلفائه. ولاحظ ان اللقاء الأخير بين الحريري وعون تخلله نوع من التوسع في معايير التأليف والسيناريوهات المقبولة من الطرفين، اما الجديد فتمثّل في البناء على الايجابيات المحققة في السابق وطرح عملي لمسألة الحقائب وتوزيعها على الكتل النيابية، وهذا يتطلب جوجلة بين الحريري وحلفائه.
لقاء الحريري ومعاون نصرالله
وعلى صعيد اللقاءات المرتبطة بتشكيل الحكومة، استقبل الرئيس المكلف سعد الحريري عند الساعة 11 من ليل امس الاول في «بيت الوسط» المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، وجرى في اللقاء عرض لمستجدات موضوع تشكيل الحكومة. وبانتظار اجتماع الرئيس المكلف برئيس مجلس النواب نبيه بري العائد من دولة الإمارات كان هناك لقاء لافت بينه وبين رئيس تكتل المردة سليمان فرنجية في بيت الوسط.
فرنجية يتشاور لمصلحة كتلته
ويبدو ان تحالف فرنجية مع العماد ميشال عون لم يوفر له فرصة الحصول على حقيبة وزارية، بدليل ان ما أعطي له بحسب التشكيلة التي سلمها الحريري للرئيــس سليمــان وذهبــت أدراج اعتــذاره الأول، لم يتجاوز موقع وزير الدولة للمسؤولة الإعلامية في تنظيم المردة فيرا يمين، وهو ما رفضه فرنجية.
فرنجية، وطالب الرئيس المكلف سعــد الحريري بعد لقائه امس في بيــت الوســط بإعطاء كتلته حقيبة وزارية، بمعــزل عــن كتلــة التغيير والإصلاح، التي استقلت بالحقائب الوزارية لنفسها.
فرنجية وبعد اللقاء اكد ان الاستشارات كانت ممتازة والحكومة مسألة ايام.
لقاءات بعيدة عن الاضواء
الحريري، عقد لقاءات بعيدة عن الأضواء مع مسيحيي 14 آذار، وفي طليعتهم الرئيس أمين الجميل ود.سمير جعجع، وان الاتفاق كان كاملا حول الآلية التي يعتمدها الحريري.
ومن دلالات هذا الاتفاق إعلان جعجع عدم اعتراض «القوات اللبنانية» على توزير جبران باسيل.